Site icon صحيفة الصيحة

أخت رجال..!

* المعروف عن المرأة أنها في الغالب شخصية متفانية، صبورة، لها قدرة كبيرة على الاحتمال، ترفض الاستسلام وتقبل التحدي، وقد لا تكتفي بتأمل مشكلاتها والنواح عليها فحسب، بل تتبناها وتجعل منها قضية كبرى تحاول جاهدة أن تنتصر عليها حتى وإن كانت هذه القضية مع الرجال أو عليهم.

لهذا نرى أنفسنا ــ معشر النساء ــ في كثير من الأحيان أخوات الرجال.

* وكثيرة هي النماذج النسائية المشرفة التي لا تحتاج مني لكثير تحيز لتؤكد أن النساء قادرات على قهر الصعاب والإتيان بالمعجزات التي لا يستطيعها أعتى الرجال وتحمل كافة المسؤوليات كما يجب وبمنتهى التضحية والإتقان ودون تذمر أو كدر.

وكم من امرأة شابة توفي عنها زوجها في عز صباها فلم تركن للدمع ولم تبحث عن عوض أو معين، ولكنها حزمت أمرها واحتملت مسؤولية البيت والأولاد وفعلت كل ما يمكن حتى توفر لهم بيئة تربوية ملائمة ليكونوا يوماً كما تمنت وربما كما تمنى الراحل العزيز، وهي لعمري رحلة عذاب طويل لا يحتملها الجميع، ولكنها تجد نفسها مرغمة على خوضها بدافع من إحساسها النبيل علماً بأن وفاة الزوج تترتب عليها قواعد خاصة يفترض على الزوجة العمل بنصوصها دون تخاذل.

أولاها إيجاد مصدر دخل ثابت وشريف،

وثانيتها التضحية الكاملة ــ ربما ــ بأنوثتها وحاجاتها الإنسانية الأولية، وثالثتها التجرد من الأنا

والتنازل عن العديد من حقوقها، ورابعتها القيام بدور الأب أو محاولة ذلك رغم اختلاف طبيعتها الفطرية، وخامستها إبقاء عينيها ساهرتين وروحها يقظة لتتابع إنجازها بدقة وتشرف على أبنائها، وسادستها القيام بمهام الرجل العديدة في ما يتعلق بالصيانة ومهام خارج المنزل التي تستوجب أن تضع أنوثتها في ثلاجة وترتدي قناع الصلابة والحزم.

* والوصول إلى هذا القدر من المثالية و(الرجالة) لا يتيسر لكل النساء اللائي تتشابه ظروفهن، وقليلات هن اللائي تمكنّ من فرض احترامهن على الجميع وصنَّ حرمتهن وتفانين في العمل الدؤوب على إنجاح الأبناء وتربيتهم كما يجب ليستحققن عن جدارة لقب (أخوات الرجال) من باب التكريم على الأقل.

وقد لا تحتاج المرأة إلى وفاة زوجها لتبلغ هذه المرحلة، فهناك العديد من النساء اللائي يتمتع أزواجهن بالحياة والصحة وهن بمائة رجل.

والواحدة منهن يبدأ يومها عند الخامسة صباحاً وينتهي ما بعد منتصف الليل وهي ما بين النظافة والطبخ والغسيل ورعاية الأبناء وتدريسهم والواجبات الاجتماعية وحقوق الزوج وربما الإشراف على أحد الوالدين المسنين وكل ذلك بنشاط كبير وحرص بالغ، وحين تسألها «أين زوجك من كل هذا السعي داخل وخارج المنزل؟» تجيبك بابتسامة مستسلمة: «زوجي يذهب إلى العمل»، فالزوج رجل، والرجل لا يقوم إلا بشيء واحد.. يذهب إلى العمل!

* ومن النماذج النسائية الفدائية امرأة ترك لها زوجها الجمل بما حمل وهاجر إلى بلاد الله سعياً وراء المال وفي اعتقاده أن هذا كل ما يلزمها ويلزم أولادها منه ويمر الأبناء بكل مراحلهم الإنسانية الطبيعية وهي تضع عينيها في أم رأسها وتفعل المستحيل كي لا يخرج الأمر عن السيطرة، حتى إذا عاد الغائب محملاً بالعملة الصعبة قامت غربة جديدة بينه وبين أبنائه الذين اعتادوا على غيابه لدرجة أصبح وجوده غير مرغوب فيه لتبدأ العديد من المشكلات بسبب اختلاف في وجهات النظر والعادات وأسلوب الحياة.

*هناك أيضاً العديد من الفتيات الآنسات اللائي يقمن بمهام الرجال داخل بيت العائلة ويحق لنا احترامهن، حتى يقمن بمعاونة أشقائهن في النفقات وأمور الدراسة والزواج..

ورغم التميز الذي يصاحب المرأة القادرة على الاحتمال ومضاهاة أعتى الرجال، إلا أن الأمر لا يُعد ميزة كما يبدو، فهو مرهق لأعصابها وإنسانيتها وهو دائماً تميز على حساب حاجاتها وأنوثتها، كما أن المؤسف في الأمر أن الرجل الذي يجد امرأة بمائة رجل ينفر منها، أما الزوج الذي يكتشف أن زوجته (أخت رجال) فيعتمد عليها تماماً في القيام بكل المسؤوليات المفروضة عليه ثم يبدأ في البحث عن امرأة أخرى أكثر أنوثة ودلعاً واعتماداً عليه وتبذيراً لماله واستهلاكاً لأعصابه… إنه رجل .

تلويح:

المره كان بقت فاس…. بتزرع!

Exit mobile version