Site icon صحيفة الصيحة

الشرطة بيان بالعمل

منذ سقوط نظام الإنقاذ أبريل الماضي، وتسلّم الحرية والتغيير ترتيبات الفترة الانتقالية، خِلتُ أنها أول ما تقوم به هو محاولة إعادة الخدمة المدنية إلى سابق عهدها، بعد أن وصلت مرحلة متأخرة جداً، عاشها الشعبُ السوداني في كل مرافق الخدمة المدنية العامة، وجزء كبير من المؤسسات الخاصة.

كنتُ أتوقّع من وزيرة العمل منذ أن  تسلّمت مهامها، إصدار قرارات جريئة بشأن الخدمة المدنية، كتحديد زمن الإفطار قبل الدوام اليومي، أو أن يكون في ذات المكتب، بدلاً من أن يُهاجر الموظفون في الخرطوم كلهم على عربات الحكومة ناحية (فول ماو) ببحري، أو فتة (بشة).

في فترة سابقة دخلتُ أحد المصارِف لإجراء مُعاملة بنكية، وقفتُ مع  مجموعة من العملاء لزمن أكثر من زمن صلاة الظهر التي كانت تُقام بمُكبّر الصوت المسموع في المصرف، وبعد أن انتهت الصلاة وسلّم الإمام، لم يحضُر الموظّف الذي كنا ننتظره، فسألنا عنه، فقالوا لنا لديه (حديث) مسجد عقب الصلاة فانتظروه. لستُ مُفتياً، ولكن أعتقد أن جلوسه في كرسيه وأداء مهامه وخدمة العملاء أجرها عند الله أكثر من ذلك الحديث.

بالأمس كنتُ في مجمع بحري لخدمات الجمهور، وهو إنجاز يستحق عليه مدير الشرطة الأسبق الفريق أول هاشم عثمان الحسين نجمتي الإنجاز، كانت لدي معاملة تحتاج لمن يفهم الإجراء حتى تكتمل، لأن هناك بعض المستندات المفقودة التي لا تكتمل العملية إلا بها، وقفتُ أمام العقيد صلاح بالجوازات في المجمع، استمع إليّ وطلب مني إكمال المُستندات حتى يتم الإجراء، شرحتُ له الامر وصعوبة إكمال تلك المستندات، فطلب مني بعض المطلوبات التي لم تكن عسيرة، فأكمل الإجراء، وأثناء وقوفي معه، جاء إليه شاكياً أحد طالبي الخدمة من إحدى الموظفات، فلم يتردد العقيد في أن يرسل صوت لوم للموظفة بقوله لها أمام الشاكي (إنو شغلك غير مرتب)، الأمر الذي وجد الاستحسان ممن كانوا حضوراً.

أمثال صلاح همهم تذليل الصعاب، وتقديم الخدمة للمواطن، بدلاً من آخرين يضعون المتاريس والعراقيل.

شهدنا افتتاح المجمع قبل سنوات خلت، وكنا نخشى عليه أن يتدهور بعد الافتتاح  مثله مثل كثير من المؤسسات الصحية والتعليمية وغيرها، ولكن يبدو أن الشرطة مصممة على أن يظل ذلك الصرح مفخرة للسودانيين، ونموذجاً لمؤسسات الحكومة في تقديم الخدمة.

لا يسعنا إلا أن نحيي إدارة مجمع بحري على تلك الخدمة وإدارة تلك الحشود بتلك السلاسة والرقمنة.

ختاماً.. لن ينصلح حال مؤسساتنا الحكومية وغيرها إلا بإصلاح أعلى الهرم من قادة الخدمة المدنية، باعتبارهم من يشرفون ويتابعون همة موظفيهم، ويمنعون تسكُّعَهم. فهل نسمع لوزيرة العمل بياناً بالعمل كما تفعل الشرطة.

Exit mobile version