ضربة في السوادة !

معالي البروفيسور محمد الأمين التوم وزير التربية والتعليم العام، أطلق تصريحاً تناقلته الأسافير ووثّقته الأضابير مفاده وُجُود غش في امتحانات الشهادة السودانية استمر لمدة “15” عاماً وأن نتائج الامتحانات طُبخت بليل! هل يُعقل ويُقبل هذا؟ وزير التربية والتعليم بنفسه يُشكِّك في نزاهة الشهادة السودانية ويضربها في “السَّوادة”؟! لمصلحة مَن يحدث هذا؟! أليس للمُراقب أن يعتقد أنّ دولة أو مُنظّمة مُعادية مّا، تقف وراء هذا التصريح من حيث المَضمون والتّوقيت؟! وُجُود غش و”طبخ بليل” لمدة “15” عاماً؟!

ردة فعل طبيعية وغضبة مشروعة من الأستاذ مختار محمد مختار مدير امتحانات السودان، فماذا بقي له من سُمعة واحترام إذا كان الغش يُمارس في امتحانات الشهادة على مدى “15” عاماً؟ السيد مختار صَرّح بأنّه غير قادرٍ على الاستمرار في العمل بالإدارة العامة للقياس والتقويم بعد تصريحات السيد الوزير التي اعتبرها تشكيكاً في أداء إدارته مُؤكِّداً على نزاهة وشفافية الشهادة السودانية مِمّا أكسبها احترام المُجتمع السوداني والمُؤسّسات التربوية العالمية .

السيد مدير امتحانات السودان – ومن خلال بيان نقلته “باج نيوز” – شرح نظام المعايرة الإحصائية “مُعالجة النتائج” مُوضِّحاً أنه نظام قياس تعمل به كل مجالس الامتحانات الأكاديمية والمهنية في العالم وتستخدمه الجامعات العالمية، مُنوِّهاً إلى أنّ هذا النظام يُعمل به لمُعالجة تشوِّهات الامتحان والمنهج، مُؤكِّداً أنّ الشهادة السودانية ظلّت منذ العام 1955م وفي ظل الأنظمة السياسية المُتعاقبة كَافّة محل ثقة أولياء الأمور ومُحافظة على قُدسيتها .

لو لم يستقل السيد مدير عام امتحانات السودان، ولو لم تتقدّم كل إدارة الامتحانات والقياس والتقويم باستقالة جماعية لما بقي لهم عند الناس اِحترامٌ، فالتشكيك في نزاهة وسُمعة الشهادة السودانية ليس بالأمر الهيِّن الذي يُمكن التّسامُح فيه والتّهاوُن معه، كل المسؤولين مُتغيِّرين لكن تبقى الشهادة السودانية وسُمعتها والثقة فيها داخلياً وخارجياً هي الأهم، ولعلّنا نذكر كيف أُعيدت الامتحانات عدة مرات وبتكلفة باهظة حفاظاً على سُمعة شهادتنا .

أما وقد صرّح السيد الوزير ولم يتراجع ويعتذر صراحة، فإن الأمر يستدعي تحقيقاً على أعلى المُستويات، والبيِّنة على من ادّعى، وليأتِ السيد الوزير ببيِّناته وشواهده على الغش لعقدٍ ونصفٍ من الزمان وعلى “طبخ الليل أبو كراعاً برّه” وليُقم حججه، أو تكون الأحرى فيستقيل من باب الاحترام لنفسه ولمن رشحوه للوزارة ولمن شَكّك فيهم وطعن في ذمتهم من الأساتذة والمُربِّين والمُعلِّمين والخبراء وصيانة لسُمعة الشهادة السودانية مِمّا لحق بها من أضرارٍ، ويمتد الاعتذار لأُسر المُتفوِّقين لخمسة عشر عاماً .

أين دور السيد رئيس الوزراء في التدخُّل الناجع السريع “على طريقة الدعم السريع” لكبح جماح وزرائه واندفاعهم نحو إطلاق تصريحات غير مسؤولة وغير محسوبة؟ ثُمّ تدخُّله لمُعالجة آثار تلك التصريحات قبل أن تستفحل ويجف مدادها؟ العمل بروح الفريق مطلوبٌ والتعاون والتشاوُر محمودٌ، لكن مُهمٌ جداً أن يكون لرئيس “الكابنت” هيبته وسَطوته وبَصمته في أنشطة وبرامج الوزارات حتى يتوقّف مُسلسل الخسائر الفادحة جرّاء التصريحات الفالتة .

حتى متى هذه “الدوشة” والفوضى؟ حتى متى ونحن كل يوم في شَأنٍ جَديدٍ وتصريحٍ غريبٍ؟ حتى متى؟ وما المخرج؟

لله الأمرُ من قبل ومن بعد .

الرقم 0912392489 مُخصّص للرسائل فقط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى