قرارٌ مرتقبٌ حوله

منصب المعتمد.. بين (الإلغاء) و(الإبقاء)

 

تقرير: صلاح مختار

توصية دفع بها وزير الحكم الاتحادي، يوسف آدم الضي، إلى  رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، بشأن إلغاء منصب المعتمد وتأهيل المديرين التنفيذيين للقيام بمهام المحليات.

وطبقاً لآدم استمرارهم في عملية إصلاح الخدمة المدنية على مستوى المركز والولايات حسب ما جاء في الوثيقة الدستورية. وأشار إلى أن وزارته في انتظار قرار رئيس مجلس الوزراء في الشأن، وأوضح أن الحكومة تسعى لتمكين الحكم المحلي حتى يقوم بدوره تجاه المواطن وتقديم الخدمات الأساسية لهم دون معاناة.

إلغاء القرار

ما وراء التوصية، يدور جدل كثيف بشأن القرار المرتقب وتأثيره على دولاب الدولة ودواعي إلغاء النظام القديم بشأن الحكم الاتحادي، وهل يساعد ذلك في تقصير الظل الإداري خاصة أن الوضع السابق كان على خلفية ذلك الغرض ونتيجة لذلك تم تقسيم الدولة إلى ولايات والى محليات. (وقديماً حكى أحد المواطنين معاناته في الوصول إلى المركز بالولاية لختم ورقة أو قضاء معاملة إدارية الذي كان يستوجب وقتاً طويلاً وتكلفة مادية باهظة، وبالتالي يتساءل البعض عن ضرورات القرار بإلغاء منصب المعتمد هل لضرورات إدارية أم اقتصادية أم هي توجّهات سياسية لمرحلة الثورية؟.

دواعي القرار

يرى مراقبون في حديثهم لـ(الصيحة) حول أبعاد القرار، ضرورة أن تشرع وزارة الحكم الاتحادي فعلياً في تسمية وتأهيل عدد من الضباط الإداريين أصحاب الخبرة في مجالي الإدارة المحلية والتنفيذية في مؤسسات الدولة وترفيعهم في مكان المعتمدين، وهو منصب (المعتمد المحافظ كان حصرياً على الضباط الإداريين منذ استقلال السودان حتى عهد الإنقاذ التي عمدت إلى إحلال ذوي الانتماء السياسي بدلاً عن الكفاءة الوظيفية التي يتمتع بها الضباط الإداريون).

قرار سابق

المفتش العام للضباط الإداريين والمقرر السابق اللجنة الخاصة بدمج المحليات المعتصم أوشي أوضح في حديثه لـ(الصيحة) أن القرار كان من المفترض أن يرى النور، لولا قيام الثورة، مشيراً إلى قرارات الرئيس السابق بتقليص الحقائب الوزارية على المستويين الاتحادي والولائي، والانهيار الذي بدأ في الدولة والمشاكل المزمنة بين المعتمدين والمديرين التنفيذيين. مشيرًا إلى تعيين مديرين ليسوا ضباطاً إداريين مما أدى إلى إشكالات كبيرة.

قيام الثورة

وأشار أوشي إلى تشكيل لجنة عليا، انبثقت منها خمس لجان طافت الولايات وأعدت دراسات بحسب القطاعات، وتلك القطاعات رفعت تقارير طبقت كل معايير العمل، أوصت بالعودة إلى تطبيق دمج المحليات وتقليصها إلى محافظات. والدراسات تمت على مستوى رفيع من كل التخصصات، وكان هنالك خبراء من صندوق دعم الموارد المالية، وكان رئيس اللجنة إدارياً والمقرر إدارياً، وتم رفع التقرير إلى الحكومة السابقةن إلا أن إرادة الله شاءت عدم تحقيق القرار، بعدما أبدوا الموافقة والزمن لم يسعفهم فقامت الثورة.

ظروف خاصة

ويقول أوشي: عندما جاءت الحكومة الانتقالية اتصلت بنا لأن الحكم الاتحادي هو القناة التي تربط بين الولايات والمركز، وتم تمليكهم نسخة من التقرير، بالتأكيد يستتبع ذلك إعفاء كل المعتمدين، لأنه أصلاً الحكومة السابقة ألغت المنصب، ويمكن أن تنظر أن هناك (189) محلية، وهنالك (189) معتمداً زائد (40) معتمداً في رئاسات الولايات دون أعباء مثل اللاعبين في (كنبة الاحتياط)، صرف بذخي دون عمل ويستمدون قوّتهم من نفوذ (متوهّم).

الآن تم إعفاء كل المعتمدين في السودان، إلا في الخرطوم الذي فرضته ظروف فض الاعتصام الأخير، وهو مؤقت أمر تكليف، وليس تعييناً كذلك الولاة الثمانية عشر بالتكليف.

نكهة سياسية

السودان حسب تقسيمه الإداري منذ التركية بدأ بمديريات حتى الثمانينات، جاء الحكم الإقليمي، ثم الحكم الفدرالي، وبعد انفصال الجنوب، تقلصت الولايات إلى (18), وقال أوشي لـ(الصيحة): إذا حصرنا المديريات المناصب الإدارية فيها منذ الاستعمار تدرج في سلك الضباط الإداريين حتى تأتي إلى مدير المديرية الذي يعادل المحافظ يكون ترعرع في السلك الإداري وتشرب التجربة، بالتالي فإن أمر تعيينه واختياره لا يأتي من فراغ.

مشيراً إلى أن ذلك استمر حتى جاء نميري في عهد مايو  والذي جاء بالمحافظ، فكانت النكهة السياسية، وأصبح منصب المحافظ بالتعيين، وليس بالتدرج، ولكنه كان من السلك الإداري، ولكن أعطوا الجانب السياسي والأمني والتعبوي أولوية خاصة أيام تطبيق الحكم الإقليمي، بعد ذلك المنصب تم إلغاء المحافظ 2003 وتحول بموجب قانون الحكم المحلي  لمنصب سمي (المعتمد) بالتالي أضحت المجالس التقليدية القديمة (البلدية والمحلية والمدينة والريفي) (محليات)، ولذلك (الشغلة جاطت).

هزة إدارية

في السابق كانت هناك ضوابط للمجالس نفسها الآن المسألة أصبحت محليات، وهنا الآن لفظ المحلية قصد منه المحافظة. في الوقت السابق استبدل لقب محافظة إلى محلية، والمحافظ أصبح المعتمد، بالتالي أصبح المعتمد هو المسؤول عن المحلية.

زمان المحافظ كان مسؤولاً عن المديرية، خلقت هزة في الجهاز الإداري بموجبها سلبت صلاحيات من الضباط الإداريين أظهرهم بمظهر الضعفاء أمام الناس، توزعت المهام للأسف لبعض الأقسام التي تساعد ضابط المحلية في أداء المحلية.

محليات للجباية

القصور والهجوم الذي يشنه البعض على المحليات والضباط الإداريين بسبب أن مهام المحليات آلت إلى وزارة الشؤون الهندسية، وليس للمحلية التي أصبحت للجباية فقط، مما أدى إلى إضعاف الحكم المحلي، وهو وضع قننته الحكومة السابقة  عبر الدستور الذي منح الصلاحيات للولايات، بالتالي فإن نظام الخدمة المدنية كان يتم بطريقة عشوائية، فحصل انهيار في الدولة، ولذلك جاء برنامج الوثبة للحكومة السابقة، فيه مجموعة حزم لإصلاح الخدمة المدنية، وقاموا بتعديل الدستور بنقل الخدمة المدنية على المستوى الاتحادي لتكون مشتركة مع الولايات تسودها أحكام المركز حال حصل تضارب في القرارات، بموجب ذلك تم عمل قانون إطاري في 2017 للحكم المحلي وتم إرسالها للولايات.

 تقييم الحكم

التقليص الذي تم في إطار إصلاح الدولة وغيره يرى  أن هناك مؤتمراً لتقييم لتجربة الحكم اللامركزي لمراجعة القوانين ورغم استمرار النظام الفدرالي بشكله الباهت إلى الآن، بالتالي المعتمدون في إطار التقليص تم إعفاؤهم ولا أعتقد أنهم سيأتون بمسمى معتمد، الآن هناك قولان، التفكير في شكل الحكم، البعض يرى أن يمضي في هدوء لأن الأمر  قد يخلق نوعاً من التوترات حتى قيام المؤتمر الدستوري، مشيراً إلى أن الوثيقة الدستورية بيّنت أوليات واختصاصات الوزارات ومن ضمن الأولويات قبل قيام الفترة الانتقالية لابد من حسم شكل الدولة حتى يكون هنالك نوع من الشورى أمام الحكومة المنتخبة حتى تعدل فيها.

والمجلس القديمة مثل مجلس البلدية او المدنية او المجلس الريفي اطلق عليها المحليات بدل المجلس (الشغلة جاطت)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى