Site icon صحيفة الصيحة

الذهب.. أيادٍ خفية تنهب موارد البلاد!!

الذهب

 

الخرطوم: مروة كمال

في نهاية أغسطس الماضي، أطلقت غُرفة الصاغة وتجار الذهب، صافرة الخطر بوجود أفرادٍ بحوزتهم مبالغ كبيرة من الأموال يدخلون أسواق الذهب يومياً لشراء كميات تصل إلى 140 كيلو في اليوم، تحت مرمى ومسمع الجهات المُختصة، وأن تلك الجهات تشتري جرام الذهب بـ2.990 جنيهاً، على الرغم من أن السعر العالمي 2.800 جنيه، لافتاً إلى إسهامهم في توقُّف حركتي البيع والشراء من قبل التُّجّار! وحذروا من مَغَبّة استمرار هذه الظاهرة، لجهة أنّها تعمل على نهب موارد البنك المركزي وتهريبها إلى الخارج، وأشاروا إلى أنّ زيادة الحركة الكبيرة في السفر إلى دبي ومصر والهند، وقالوا إنّ هذه الدول تُمثل “باباً واسعاً لتهريب الذهب إلى الخارج”، وقالوا: “كيف يمكن لأفراد أن يسافروا أربع مرات إلى مصر” دون وجود أي رقابة عليهم، وأشاروا إلى أن هنالك من يقوم بتهريب الذهب إلى مصر واستيراد بعض السلع بالاستفزازية مثل حلوى “الماربيلا” وثياب الأمازون!!

وناشدت الغرفة وقتها، المجلس السيادي للتدخل العاجل لحسم هذه الظواهر وتشديد الرقابة على المعابر والمطارات وضبط التأشيرات حفاظاً على موارد الدولة من النهب، وحذّرت من حال استمرار الوضع على هذه الشاكله فإن حكومة حمدوك لن تجد أي موارد للاستناد عليها!

والشاهد أنّ الحكومة بانشغالها بتثبيت أقدامها في المرحلة الانتقالية لم تلق بالاً للأمر، وعقب مرور شهرين منذ ذلك، هرولت شُعبة مُصدِّري الذهب نحو الجهات المُختصة لانتشال البلاد من انهيار اقتصادي وشيك على خلفية قيام جهات مجهولة بشراء كميات كبيرة من الذهب بشراهة مما أثر على سوق الذهب وفاقم من احتمالية تهريب الذهب للخارج والذي يبسط بنك السودان يده القاصرة على 6 أطنان فقط من إنتاج يُقدّر بـ200 طن.

شُعبة مُصدِّري الذهب، قالت إنّ هنالك جهات تستغل الظرف السياسي الراهن في شراء كميات كبيرة ربما بهدف تهريبه وبيعه في الخارج بأسعار أعلى، وهو ما يضر بالاقتصاد القومي.

رئيس شُعبة مصدِّري الذهب عبد المنعم الصديق أكد لـ(الصيحة) أن هذه الجهات تقوم بشراء كميات كبيرة من سبائك الذهب تصل في اليوم إلى 40 إلى 50 كيلو وبمليارات الجنيهات وبفئة عملات جديدة، لافتاً إلى أنها تقوم بشراء الجرام من الذهب بواقع 3250 جنيهاً، فيما يعلنه المركزي بواقع 3150 جنيهاً وفي السوق 3230 جنيهاً، وكشف أنها ليس قاصرة على ولاية الخرطوم، بل امتدت إلى ولايات أخرى مثل ولاية البحر الأحمر لوجود ميناء فيها يساعد على التهريب، وكشف عن تقديم طلب إلى بنك السودان المركزي لمُناقشة الأمر، بيد أنّ البنك رفض الجلوس معهم بحجة أن ّالشعبة دائماً ما تنتقد البنك، وأضاف: “كأننا نريد أن نتحدث معهم عن أنفسنا وليس اقتصاد ومصلحة بالبلاد، وقال إنّ البلاد تحتاج إلى خبرات وأيادٍ نظيفة، خَاصّةً أنّها زاخرة بالخيرات، وتَوقّع في حال استمرار الوضع حُدُوث انهيار كامل في الاقتصاد، وعزا ارتفاع سعر الدولار مُؤخّراً نتيجة لعمليات شراء الذهب التي تتم بطريقة نهمة وشرسة، وللأسف الشديد لم تدخل هذه الجهات تحت أي عنوان، وإنما جهات مجهولة وتأتي بكميات كبيرة من الأموال وبطبعات ورقية جديدة فئة مائتي جنيه وخمسمائة جنيه ولا تدري من أين تأتي وليست لهم قبعة معينة ولكنها تعمل في الخفاء، مشدداً على ضرورة اتخاذ خطوات جادة لمعالجة الأمر، مشيراً إلى أن البلاد تنتج 200 طن من الذهب، يُصدّر بنك السودان المركزي منها 6 أطنان فقط.

الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين والمحلل الاقتصادي د. محمد الناير، أكد لـ(الصيحة) وجود حالة تراخٍ عامة من قبل الدولة في قطاع التعدين، وأضاف أن هذه الحالة لها مبرّراتها في عهد النظام السابق، لجهة وجود قصور كبيرٍ جداً وممارسات غير صحيحة، لكن في عهد الثورة والحكومة الانتقالية كان من المُتوقّع اتخاذ قرارات حاسمة تنظم سوق الذهب عبر بورصة، ومنع الشركات الحكومية من ممارسة البيع والشراء، وأن يقتصر عملها في التنقيب فقط، وأن يعرض حصيلة الإنتاج في سوق شفّافٍ وواضحٍ، لإبقاء الذهب تحت السيطرة لتقليل التهريب وزيادة مُساهمته في الاقتصاد، وقال إنّ عدم ضبط القطاع يؤدي إلى ظهور ممارسات تضر بالاقتصاد، وتساءل عن حقيقة الجهات التي تحمل الأموال لشراء الذهب بفئات كبيرة، خاصّةً وأن 97% من العملات الورقية خارج النظام المصرفي، واعتبر ذلك بمثابة خطورة كبيرة على الاقتصاد، جازما بأنّ قطاع الذهب يحتاج إلى ترتيب وقرارات جريئة خالية من المحاسبية والمجاملة، مُؤكِّداً أنّ القطاع قادرٌ على سد العجز في الميزان التجاري.

Exit mobile version