أزمة الوقود.. التوزيع وضعف الرقابة!!

 

الخرطوم: جمعة عبد الله

منذ العام الماضي يتزايد الحديث حول نقص المُشتقات البترولية بالبلاد، لأسباب مُتعدِّدة، وبات مَنظر صُفُوف المركبات المُتراصّة أمام محطات الوقود مألوفاً، فيما عمدت وزارة النفط والغاز سابقاً لاتخاذ عددٍ من التدابير لتقليل حِدّة الأزمة دون جدوى، فوجّهت الوزارة بانسياب المواد البترولية وفقاً للنظم المُتّبعة.

وسعياً منها لإدارة كميات الوقود المُتاحة بما يُقلِّل حِدّة الأزمة، عَمّمَت وزارة النفط، توجيهاً بانسياب المواد البترولية وفقاً للنظم المُتّبعة، وناشدت جميع أصحاب المركبات بالإسراع في التسجيل للحصول على كرت الوقود، ودعت الوزارة في بيان صحفي أمس الأول أصحاب المركبات الكبيرة وجميع آليات الطرق والآليات الزراعية المُختلفة الذين لم يكملوا إجراءات التسجيل بالإسراع في تسجيل مركباتهم في أقرب محطة وقود بجميع الولايات لضمان حصولهم على حاجتهم من الوقود، وأوضحت الوزارة أن هذا الإجراء يأتي ضمن سعي المؤسسة السودانية للنفط لمكافحة تهريب المواد البترولية ومحاربة السوق السوداء وإنفاذ السياسات التي تضمن لكل مواطن الحصول على حقه في الوقود.

لكن تجربة الإمداد بالوقود عبر البطاقات سُرعان ما تبخّرت بالرغم من بداية تطبيقها، لكن لم تُؤدِ لنتائج مَلموسة في ضبط توزيع الوقود، وهي المُشكلة الأساسية التي ظلت تشكو منها بتهريب المشتقات النفطية.

وبحسب مُختصين، فإنّ مُشكلة توزيع الوقود التي تُعاني منها البلاد إدارية في المقام الأول وتتعلق بعدم فعالية الإجراءات الرقابية المُتعلِّقة بالتوزيع وهو ما يجعل الأزمة مُستمرّة حتى في حال توافر كميات كافية من الوقود، وهو ما حدث غير مرة خاصة في “الجازولين” دُون بقيّة المُشتقات، بسبب قلة الإنتاج المحلي منه وتزايُد تكاليف الاستيراد سنوياً، فالمبلغ الذي كانت تُخصِّصه الحكومة قبل عامٍ لاستيراد الجازولين بات اليوم لا يكفي لاستيراد ثُلث الكمية بفعل تراجع قيمة العُملة الوطنية!

وتبدو خيارات الحكومة مُتنازعة بين رفع الدعم عن المُشتقات النفطية كلياً أو إبقائه، لكن أيٌّ من الخطوتين لهما تكاليفهما، ففيما تشير إحصائيات وزارة المالية التي صدرت في العام السابق إلى أنّ رفع الدعم الجزئي السابق وفّر للدولة ما قيمته 1.2 مِليار جنيه، وأبقت مُوازنة العام الحالي على دَعم المَحروقات بواقع 17.9 مليار جنيه، فأخذت الحكومة بخيار إبقاء الدعم، لأنّ رفعه سَيُفاقم الاحتجاجات الشعبية.

ويدعو مُختصون، الحكومة لإبرام اتفاقيات طويلة المدى تضمن تزويد البلاد بحاجتها من الوقود والسلع الأساسية عامة، وعن عدم تطبيق هذه الفكرة أرجع لاعتقاد بعض الشركات الخارجية بعدم قدرة السودان على الوفاء بالتزاماته وقال: “هذا يعقّد على  الحكومة المُهمّة”.

وتراجع إنتاج السودان النفطي إثر انفصال جنوب السودان عنه عام 2011، من 450 ألف برميل إلى ما دون 100 ألف برميل، ما جعل الحكومة تلجأ إلى استيراد أكثر من 60% من المواد البترولية، لتلبية الاستهلاك المحلي، كما أدى ذلك لتعرض السودان لأزمة مالية مع تراجع إيراداته من أحد أهم مصادر تمويل الموازنة وهو النفط.

وترى الخبيرة الاقتصادية د. إيناس إبراهيم، أنّ المطلوب من الحكومة سياسة مُتكاملة لتنظيم قطاع النفط وليست مُعالجات جزئية، ونوّهت إلى عجز الإنتاج المحلي عن تغطية حاجة البلاد من الاستهلاك، ودعت لتسريع وتيرة العمل في المُربّعات المُستكشفة تمهيداً لإدخالها في دائرة الإنتاج لسد العجز المحلي، مُوضِّحةً في حديث لـ”الصيحة” أمس، أنّ تحرير سوق المنتجات النفطية خيارٌ لا تستطع الحكومة تطبيقه، لذا لا بُدّ من تطمين المواطن بأنّ تنظيم التوزيع هو الخطوة الأولى لضمان توزيعٍ سلسٍ للوقود وهي جُزءٌ من سياسة كلية تهدف للحد من تهريب المشتقات النفطية ومُحاربة السوق السوداء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى