صراعات (الأعضاء) داخل منظمات القارة الأفريقية (1)

* كان من المفترض أن تؤول رئاسة (الإيقاد) للسودان في مارس الماضي، إلا أن التطورات التي مرت بها البلاد حالت دون ذلك.. فاستمرت أثيوبيا في تقلد الرئاسة علماً بأن السودان تنازل أيضًا عن المنافسة لمنصب (السكرتير التنفيذي).. ولا ندري هل سياسة التنازل باقية فينا؟ ودائماً تضيع من بين أيدينا حقوق أصيلة ومنافع ثابتة، لجهلنا أم إن الآخرين أكثر منا ذكاء؟؟

* السودان هو صاحب السبق بين عديد دول القارة الأفريقية، وهو صاحب مبادرة تأسيس الاتحاد الأفريقي، ورغم هذا تنازل عن حقه في أن يكون مقراً لرئاسة الاتحاد لصالح أثيوبيا.. كان هذا في تأريخنا القريب في خمسينيات القرن الماضي، وما ساعد السودان في بلوغ هذه الفرص (المضاعة) أنه من (أوائل) الدول التي نالت استقلالها بالقارة.. ومن هواننا على أنفسنا ومن (الخيبات) التي لا تنسى ترشيحنا لعضوية مجلس الأمن في وقت كانت كل المؤشرات السياسية تؤكد  أن فوزنا بذلك كان من المستحيلات، حيث صنعنا لأنفسنا هزيمة مهينة إلى أقصى حد، وقد فازت علينا دولة موريشص الصغيرة التي كانت من بين الدول التي نالت استقلالها بموجب القرار 1514  الذي كان للسودان شرف المفاوضة عليه وتقديمه للجمعية العامة في وقت لم تكن فيه معظم الدول الأفريقية قد نالت استقلالها بعد.

* تحيز بعض الدول للظفر بأكثر من موقع داخل مؤسسات ومنظمات القارة دونما وجه حق، جعل بعضها الآخر يطلق (صافرات الإنذار)، مثلما فعلت كل من الصومال وجيبوتي اللتين هددتا بالانسحاب من الإيقاد، ودعتا في الوقت نفسه لاجتماع طارئ للإيقاد لبحث موضوع التجاوزات على المشروعية والشرعية وعدالة التمثيل.. وهي صراعات تضع مؤشرات (سالبة) لما يمكن أن تسير عليه الأحداث في قادمات الأيام، وهو أمر ذو أثر بالغ في إضعاف دور هذا النوع من المنظمات.

* لا ندري من أين جاء (ضعف السودان) فيما يلي موضوع إيقاد، خاصة أن أثيوبيا تحتل موقع الرئاسة منذ 2008، وفي هذا تحاوز لميثاق المنظمة، ولم تكتف بهذا وحده بل ضمت إليها غالبية الوظائف الأخرى، في ظل ضعف الأعضاء الآخرين خاصة الكبار منهم، وبينهم السودان صاحب مبادرة قيام الإيقاد التي يحتفظ بتفاصيلها السفير بريدو، وبرغم انتقال الرئاسة من أثيوبيا إلى كينيا إلا أن الموقف الصومالي والجيبوتي لا زال قائماً، ولم تستطع زيارات كبار القادة الاثيوبيين إلى جيبوتي في تليين المواقف.

* موقف السودان ظل ولا زال (ضعيفاً) في المنظمات الإقليمية بالقارة الأفريقية، وليس ذلك ناتج عن قلة التجربة، أو انعدام (العقول الدبلوماسية) في هذا البلد، ولكن جاء ذلك (الضعف) نتيجة لضعف الإرادة الوطنية، والتي كثيراً ما تحل محلها (الإرادة الذاتية) وتحقيق كسب شخصي محدود، وبالمقابل ضياع فرص الوطن السودان.

* لم يبدأ ضعفنا بحقبة الإنقاذ ولم ينته معها، فلا زال (الضعف) الذي بدأ منذ ميلاد الحكم الوطني بعد الاستقلال (مستمراً)، وها هي الإنقاذ قد مضت، ولكن لا زلنا نعاني ويلات الضعف، الأمر الذي أفقدنا (الريادة والقيادة) في هذه القارة..

وغداً نستمر في الحديث.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى