البحث عن الهبات

*منذ  أسبوعين  ووزير  المالية  إبراهيم البدوي  الذي  قيل  لنا  أنه خبير  أممي  يمثل  مبعوث  العناية  الاقتصادية  للنهوض  بالاقتصاد  وواقعه  المزري،  هذا  الوزير  يجوب  الآن  الولايات المتحدة الأمريكية  يبحث  عن الهبات  والمعونات  ورفع  العقوبات  الاقتصادية  المفروضة  على البلاد  ظنا  منه  أن طبيعة  العقوبات  اقتصادية، ولكنه  حتى  اللحظة  لم يمسك  بأي  خيط  أمل  للحصول  على هبة  مالية  أو  قرض  أو  إعفاء  من ديون  متراكمة  على السودان  وأقعدته عن المسير  وكبلت  خطاه.

وزير  المالية  في أحاديثه  للمغتربين  أو  قل  المهاجرين  واللاجئين  في  دول  الغرب  تحدث  عن تراكم  استحقاقات  الصناديق  العربية  لدى  حكومة  السودان،  وفيما  قال  إن الأموال  التي  وجدت  في بيت  الرئيس  المخلوع  عمر  البشير  كانت  تكفي  لسداد  ديون  الصناديق  العربية  إذا  كان  الامر  كذلك،  فلماذا  لا يسدد  الوزير  هذه  الديون  والأموال  التي وجدت  بمنزل  الرئيس  السابق  لم تحبس  معه  في سجن  كوبر،  وهي  بطرف  وزير  المالية  فما  الذي  يمنعه  من أخذها  وسداد  فواتير  الصناديق  العربية؟

السيد  وزير  المالية  يعتقد  أن إصلاح  الاقتصاد  السوداني  يبدأ من نيويورك  وواشنطون  والرياض  وأبوظبي  والكويت، وأن الهبات  والعطايا  والقروض  والإعانات  هي التي تنهض  ببلادنا، وما درى  السيد  وزير  المالية  أن إصلاح  الاقتصاد  السوداني  يبدأ  من الجزيرة  بزيادة  إنتاج  القمح  والقطن  وبفتح  أسواق  لصادر  السمسم  والفول  السوداني  وإعادة  صادر  الثروة  الحيوانية  الذي  أوقفه  الوزير  أكرم  في واحدة  من فتوحاته  القحتانية.

ووزير  المالية  إبراهيم  البدوي  الذي  يتحدث  عن رفع  الدعم  عن المحروقات  والدقيق  بعد  حلول  النصف  الثاني  من العام  ٢٠٢٠ لم يحدثنا  عن الإيرادات  التي  دخلت  الخزانة  العامة  من العون  السعودي  والإماراتي  منذ  أبريل  الماضي،  وقد  تكفلت  الدولتان  بالوقود  مجاناً  حتى يونيو  من العام  القادم  والدقيق  مجاناً  حتى ذلك  التاريخ  وحكومة  إبراهيم  البدوي  تبيع  الوقود  للشعب  بأسعار  مجزية  لها،  وتبيع  الدقيق  مما  حقق  لها  وفورات  مالية  كبيرة  أين  ذهبت  هذه  الأموال  وكيف  صرفت؟ طبعاً  في غياب  برلمان  يمثل  الشعب  لن يستطيع  أحد  مساءلة  حكومة  البدوي،  إلا  عبر  الإعلام  الذي  يرقص  طرباً لحديث  الوزير  المعسول

في الوقت  نفسه أي  وزير  المالية  متجول  في الغرب.  نشرت  صحيفة  “الانتباهة”  في عددها  الصادر  يوم  الأحد  الماضي،  خبراً  مثيراً  يكشف  عن واقع  حياة  الناس  في مناطق  إنتاجية  مثل  القضارف،  وليس  منطقة  استهلاك  مثل بقية  المدن في السودان،  يقول  الخبر (ارتفعت  نسبة  الطلاق  وهروب  الرجال  من زوجاتهم  بالقضارف وسط  رصد  رسمي  بأن  وصلت  النسبة  إلى ٢٥ في المائة،  وكشف  أمين  ديوان  الزكاة  في  القضارف  ممدوح  عبد الرحيم  لـ”الانتباهة”  عن ارتفاع  نسبة  الطلاق  وهروب  الرجال  من زوجاتهم  جراء  تدهور  الأوضاع  الاقتصادية  والمعيشية وأن  الديوان  رصد  تلك  الحالات  من خلال  التردد،  وتمثل  أكثر  من ٢٥ في المائة)، تلك  حال  السودان  في  مناطق  الإنتاج  فكيف  السبيل  لإصلاح  الريف  وتحسين  الأوضاع  الاقتصادية  بجهد  وطني  مخلص  وليس  انتظار  المعونات  الخارجية  التي  لم تورث  البلاد  إلا الخنوع  للأجنبي  والركوع  أمامه  وتقبل  ضغوطه،  والإذعان  لشروطه،  ووزير  المالية  لو  امتلك  الشجاعة  وأعلن  اليوم  رفع  الدعم  عن المحروقات  والدقيق  فإنه  يقضي  نسبياً  على التهريب  والتشوهات  التي  لحقت  بالاقتصاد  الوطني،  ولكن الوزير  يخاف  غضبة  الشارع  وتربص  الحزب  الشيوعي  الذي  له  مواقف  مسبقة  من رأسمالية  الاقتصاد،  ولذلك  سعى  مبكراً  لتخويف  الوزير  الذي  اختار  الوقوف  في  المنطقة  الوسطى  بين  سياسات  الدعم  والتحرير،  ولم يحصد  إلا  الواقع  الذي  عبرت  عنه  خبر  صحيفة  “الانتباهة”  يوم  الأحد الماضي.

واتنظار  وزير  المالية  رفع  اسم  السودان  من لائحة  أمريكية  عن الدول  الراعية للاإرهاب  سيطول  لأن  القرار سياسي،  ولن ترفعه  إمريكا  إلا  بعد  أن تضمن  حصولها  على كل ماتطلبه  سراً  وعلناً..  وتلك  قصة  أخرى  سيدي  الوزير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى