مُوازنة 2020.. أمنياتٌ وتحدياتٌ

تقرير: إنصاف احمد

تختلف مُوازنة العام2020م عن سابقاتها، خَاصّةً وأنّها سوف تأتي في مرحلةٍ مفصليةٍ، ومن المعلوم أنّ الإعداد للمُوازنة في كل عامٍ يتم في وقتٍ مُبكِّرٍ، ولكن من الملاحظ فقد تأخّر الإعداد لها مع وصول العام لنهايته، وبالرغم من ذلك رسم المسؤولون صورة إيجابية، فقد أعلنت وزارة المالية أنّ مشروع الموازنة المقبلة يعتمد على إنفاذ أولويات الفترة الانتقالية العشر، كما أنها ستعتمد على موارد حقيقية وليست توقُّعات، فأهم ملامحها الاعتماد على تقليل الإنفاق الحكومي وتحقيق أهداف التنمية المُستدامة مع زيادة الصرف على التنمية والتعليم والصحة، بجانب إيجاد حُلُول للتجنيب ومُعالجة التهرب الضريبي مع تعظيم الإيرادات وتعزيز دور وزارة المالية للولاية على المال العام، خَاصّةً وأنّ الفترة السابقة شهدت إعداد الموازنة تحديات ومشاكل كثيرة تمثلت في الصرف البذخي الذي كان له الأثر السالب على الاقتصاد بشكلٍ عامٍ، وفي هذا الجانب يرى الخبير الاقتصادي بروفيسور عثمان سوار الدهب أنّ الإعداد لمُوازنة العام 2020 اعتمد على مُوجِّهات عديدة بالتركيز على موارد حقيقية ووضع برنامج إسعافي بالتركيز على مشروعات التنمية ومحاربة الفساد، موضحاً خلال حديثه لـ(الصيحة) أنّ المُوازنة في السابق كانت تُعاني من إشكالات عديدة، فالمُنصرفات أكثر من الإيرادات وهذا أثّر على الاقتصاد ككل خاصةً مسألة ارتفاع أسعار العُملات والإيرادات، لافتاً أنّ الموازنة الحقيقية لا بُد أن تركز على خفض الإنفاق لأنّ تأثيرها سلبي على الوضع، مُضيفاً: إذا كانت التقديرات الآن تُركِّز على زيادة الصرف على التنمية والسلام هذا مُمكنٌ، لكن لا يكون صرفاً سياسياً أو دستورياً بذخياً، لا بُدّ أن يكون له مردود اقتصادي كمشروعات التنمية فغير ذلك سيؤدي إلى وجود عجزٍ جديدٍ حقيقي، منوهاً لضرورة استصحاب البرنامج الإسعافي خاصةً وأن الموازنة لديها التزامات مع نهاية العام، مُبيِّناً أنّ العام السابق شهد صرفاً خارج الموازنة قُدِّر بـ30% فلا بُدّ من المُوازنة بين ميزان المدفوعات والتجاري حتى يكون لها أثرٌ على استقرار العملات الصعبة وأيضاً إيرادات المُغتربين، مُشيراً لضرورة تغيير الإعداد للمُوازنة بالطريقة التقليدية، خَاصّةً وأن لها آثاراً سلبية، بجانب تقليل الصرف والترشيد وتوفير الدعم للسلع ومُحاربة الفقر في المُجتمع والذي ارتفع لنسبٍ كبيرةٍ مع ضرورة الاهتمام بتوفير السِّلع الاستراتيجية كالوقود والأدوية والخُبز، وأن ينظر لها بعين الاعتبار وإلا ستكون هنالك حَلقةٌ مُفرغةٌ لا بُدّ أن تكون موُازنة ترشيد تعتمد على موارد حقيقية من المشروعات الاستثمارية التي تنهض بالدولة. فيما أشار الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد إلى أنّ التحدي الأكبر هو العمل على تحسين الاقتصاد وكيفية تلبية توقُّعات الشعب في مجالات التنمية والوظائف والرعاية الصحية والمُواصلات والدعم والمُساعدات من المجتمع الدولي مشروطة بتطبيق بعض الإصلاحات (سياسية أو اقتصادية) مثل رفع الدعم الحكومي للسلع الأساسية كالخُبز والمحروقات، وقال خلال حديثه لـ(الصيحة): لا يمكن إقرار الإصلاحات على حساب الشريحة الأضعف من الشعب السوداني، فهي مُعادلة بالغة الحساسية، وتساءل: ما هو السبيل لإصلاح الاقتصاد من دون إلحاق الأذى بالفئات الأكثر هشاشةً؟ مضيفاً: بالرغم من رفع الولايات المتحدة الأمريكية العقوبات الاقتصادية عن السودان، لكن في قائمة الدول الراعية للإرهاب، لافتاً إلى أن السودان لن ينهض بالقروض، بل عليه إجراء إصلاحات داخلية، واتّباع تشريعات استثمارية جاذبة لمُواجهة تراجع الاقتصاد الحاد الذي تشهده البلاد منذ اندلاع الثورة لأسبابٍ سياسية في المقام الأول، وقال: يمكن اتباع سياسات انكماشية تحقق الاستقرار في الاقتصاد الكلي، أو اتباع سياسات توسعية، تدفع مُعدّلات النمو الاقتصادي بما يستجيب لمطالب المُواطنين لتحقيق نمو اقتصادي يضمن توفير فُرص عمل جدية تؤدي حتماً إلى رفع مستوى معيشة الأفراد ويُمكنهم من توفير احتياجاتهم الأساسية للخروج من حالة الفقر المُدقع إلى قوة دافعة للإنتاج والسوق والحركة التجارية، كاشفاً أنّ أكبر التحديات أن تستهدف تقليل الإنفاق الحكومي وتعظيم الإيرادات ومراجعة الإعفاءات الضريبية ومُحاربة الفساد والتجنيب، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يشمل تحقيق أهداف التنمية المُستدامة، لافتاً أنّ من المعوقات التي تحد الاستثمار في السودان ما هو مُرتبطٌ بالجانب المالي في التحويلات، حيث أنّ المُستثمر يُريد ضمانات في تحويل أمواله من الجنيه السوداني إلى العُملات الصعبة، وكذلك سهولة تحويل دخله للخارج متى شاء ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى