وجه الخضراء!!

انتصرت الديمقراطية في تونس للتيار المحافظ واختارت جموع الشباب والمرأة من يمثل ضمير الأمة تاريخاً وهوية ولساناً عربياً وفكراً مستنيراً ومواقف مشرفة ترفض تغريب تونس ونزعها من مكوناتها الحضارية وإدماجها في الغرب القريب جداً..

لم يصعد الرئيس التونسي قيس سعيد لقصر قرطاج ببطاقة انتماء حزبي مثل الرئيس السابق الباجي السبسي آخر العنقود في جيل التغريب وحراس “البورقيبيين” الذين سقطوا بثورة الياسمين وتنحى رمزهم بن علي حتى نفق في أرض الحرمين الشهر الماضي.. ولكنه أي قيس سعيد صعد على أكف الشباب والمرأة التونسية وهو يرفض بشموخ وكبرياء في زمن الخضوع والذل والهوان قانون مساواة المرأة بالرجل الذي يصادم نصوصاً قطعية في القرآن الكريم والسنة النبوية.. ورفض قيس سعيد مخاطبة شعبه بغير اللغة العربية وحسمت قضية الهوية العربية الإسلامية بأمر الشعب الذي ركل بأحذيته في شوارع باب سويقة وبنزرت والحمامات الفرانكفونية العلمانية واختار الرجوع والعودة للأصل بعد سنوات التيه والضياع..

أعاد الرئيس المنتخب قيس سعيد الأمل لشعب تونس بالنهوض اقتصادياً من خلال محاربة الفساد وإغلاق منافذ إهدار الموارد.. وسداد الديون التي كبلت تونس عن السير في ركب الأمم والشعوب الناهضة..

يواجه قيس سعيد مصاعب لتشكيل حكومته التي يضطلع بتكوينها حزب النهضة الذي حصل على “52” مقعداً في البرلمان وأصبح “أسيراً” لقوى أخرى يمد حزب النهضة يده للتحالف معها.. وهي تمانع وتتدلل عليه وتطلب نصيباً في السلطة أكبر من نصيبه حتى تشارك في الحكومة الجديدة التي لا تقوى على السير من غير “109” نواب في البرلمان..

ويكتنف الغموض حتى اللحظة من يقود الجهاز التنفيذي ورئاسة الحكومة، هل تدفع النهضة بقائدها ومفكرها وفيلسوفها الشيخ راشد الغنوشي ليصبح رئيساً للوزراء ويشكل تناغماً مع الرئيس قيس سعيد؟؟ أم تخشى عليه من الاحتراق كالفراشات في فصل الصيف، وبالتالي تنحسر الأضواء عن النهضة وتذبل وتموت وهي “واقفة” على بوابات السلطة؟؟ أم تبحث النهضة عن شريك من التكنقراط وتدفع به لرئاسة الحكومة وهي غير ضامنة لإمكان تناغمه مع الرئيس قيس الذي بيده مفاتيح الشارع ويمكنه استخدام مشروعيته وقاعدته في ترويض الساحة السياسية لصالح مشروعه الذي لا تفصله عن مشروعات النهضة الإصلاحية إلا “أغلفة” الكتاب..

تلقت النهضة صفعة موجعة في خدها الأيسر حينما أعلن حزب “قلب تونس” رفضه مبدئياً التحالف مع النهضة وهو الحزب الثاني من حيث عدد المقاعد في البرلمان واستغل اليسار التونسي ممثلاً في التيار الديمقراطي حاجة النهضة لحلفاء وشركاء ووضع شروطاً صعبة للتحالف أهمها حصوله على وزارات كبيرة كالداخلية والعدل والإصلاح الإداري.. وربما لجأت النهضة لحزب قريب منها فكرياً وسياسياً هو إئتلاف الكرامة لكن عدد نوابه في البرلمان لا يحقق العدد المطلوب مما يجعل النهضة تبحث عن حزب ثالث وتتنازل عن مزيد من المقاعد، الشيء الذي قد يفقدها السيطرة على الحكومة وتماهي برامجها في مشروعات أحزاب أخرى وتخسر المستقبل القريب والبعيد..

المشهد التونسي الآن يجعل كل عربي ومسلم فخوراً بما تحقق من انتصار على دعاة التغريب من جهة والعلمانية الفجة.. وسد الطريق أمام نكسات العسكر وعلمانية النظام القديم من جهة أخرى..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى