لا تأسَ عليهم !!

أبدى  الأستاذ  عبد الماجد  عبد الحميد  حسرته  على غياب  المسؤولين  في  الدولة  من وزراء  وأعضاء  مجلس  سيادي  عن المشاركة  في  تشييع  جثمان الراحل  الدكتور  العميد  “م” محمد  الأمين  خليفة  والغياب  عن سرادق  العزاء  التي جمعت  أهل  السودان  شرقهم  وغربهم  شمالهم  وجنوبهم  إلا  (القحاتة) القابضين  على سلطتهم  من غير  الوفاء  باستحقاقات  السلطة  وأولها إبداء  المشاعر  الإنسانية  نحو  الشعب  الذي  تحكمه  رموزاً  وقيادات  وعامة  وحكومة  الدكتور  عبد الله حمدوك  التي  تخلفت  عن أداء  واجب  العزاء لأسرة  الراحل  عوض  أحمد  خليفة  شاعر  عشرة  الأيام  وتثاقلت  خطاها  وأخذتها  العزة  بالنفس  واسترخصت  المشاركة  في وداع  رجل  لا يعرف  الضغائن  ولا  الأحقاد  خدم  القوات المسلحة  بشرف  وولج  الساحة  السياسية  من خلال  انقلاب  عسكري  في ٣٠ يونيو  ٨٩ وخرج  من السلطة  مستقيلاً  من منصب  وزير  شئون  الرئاسة، فكسب  محمد  الأمين  خليفة  احترام  السودانيين،  كان  وفياً  لأبناء  القوات  المسلحة  ومبدئياً في انتمائه  للحركة  الإسلامية  حتى رحيله  المفجع،  وإذا  كانت  الحكومة  تعتبر  من ليس  معها  فهو  ضدها،  فالموت  ليس  من بعده  خصومة  سياسية، وليتهم  تعلموا  من أخلاقيات  من سبقوهم  في  كرسي  السلطة،  وكيف  كان  جعفر  نميري  وفياً لأبناء  القوات  المسلحة  ومتسامياً فوق  جراحات  السياسة، وليت  الناشطين  في حكومة  حمدوك  يرجعون  البصر  كرتين  ويتذكرون  كيف  هرع  الرجال  من قادة  الدولة  لمنزل  الراحل  محمد  إبراهيم  نقد  وكيف  انتقل  نصف  مجلس  الوزراء  لشارع  عبد الله  الطيب  يوم  رحيل  الدكتور  عمر نور الدائم  القيادي  في  حزب الأمة  القومي

وليتهم  تأملوا  في طائرة  جهاز  الأمن  الوطني  وهي تطير  للأردن  لحمل  جثمان  مطرب  الشباب  محمود  عبد العزيز  رغم  معارضته  لمشروعها  الفكري  والسياسي  وتغنيه  لجون  قرنق،  ولن يتذكر  القحاتة  أخلاق  الحكام  السودانيين  في فواجع  الموت  ومواجع  المرض.

وإذا غاب  عن وداع  خليفة  قادة  الحرية والتغيير  لخلافهم  السياسي  مع التيار  الفكري  الذي  يمثله  الراحل  محمد  الأمين خليفة،  فلماذا  استكثر  رئيس الوزراء  وقادة  حكومته  تقديم  واجب  العزاء  لأسرة  ناظر  عموم  التعايشة  عبد الرحمن  الغالي  السنوسي  الذي مات  في القاهرة  وانتقل  العزاء  لأم  درمان  ثم  رهيد  البردي  في أقاصي  جنوب  دارفور؟

وإذا  اختلق  القحاتة الأعذار  لأنفسهم  وقالوا  رهيد  البردي  بعيدة  ولن يبلغها  المسافر  إلا بشق  الأنفس  فما بالهم  عاجزين  عن الوصول  لرفاعة  ود  ابوسن  وقد  رحل  زعيم  الشكرية  ولم يغبر  القحاتة  أرجل  سياراتهم  الفارهة  لمواساة  أهله وعشيرته

هؤلاء  الناس  الذين  يحكموننا  تبلدت مشاعرهم  وقست  قلوبهم  وران  عليها  الغل  وشح  النفوس

وإلا  كيف  نفسر  غيابهم  حتي  عن مواساة  عامة  الناس  في أتراحهم  والأسبوع  الماضي  حصد  الموت  ٢٣ شهيدًا  في حادثة  تصادم  حافلة  ركاب  وبص  سفري  على طريق  الأبيض  الدبيبات  وأصيب  أحد  عشر  آخرون  جميعهم  من منطقة  رئيس  الوزراء  ومسقط  رأسه  وعشيرته  من الدبيبات، واكتست  المنطقة  بخيام  الحزن  الكبير والدموع  ولم يكلف  رئيس  الوزراء  عبد الله حمدوك  نفسه  مشقة  مواساة  الضحايا  برنة  هاتف  أو  أن يبعث  أحد  الموظفين  الذين  يديرون  مكتبه  ليقول  لأسر  الضحايا  (البركة  فيكم  وربنا  يصبركم)

عند  وفاة  ابن  عمي  الأمين  الصادق  عبد المنان  وحينها  كانت  الحملة  الانتخابية  على أشدها  في  جنوب  كردفان  زار  قريتنا  عبد العزيز  الحلو  وواسى  الأسرة  لأنه  سياسي  ينتمي  للشعب  السوداني،  ومؤسف  جداً  أن ضابطاً  في  القوات المسلحة  مثل  اللواء  الصادق عبد الله  كركساوي والي شمال كردفان  عندما  خرجت  ثلاث  وعشرون  جثة  من مشرحة  مستشفى  الأبيض، وكل  المدينة  قد اتشحت  بالسواد  لم يكلف  الوالي  نفسه  مجرد  العبور  إلى المشرحة  وإبداء  مشاعره  ومسح  دموع  الباكيات  مما  يرجح  الاعتقاد  بأن  قوى  الحرية والتغيير  قد  خطت  لنفسها  نهجاً  جديداً  في مخالفة ما توارثته  الأجيال  في السودان  من التواصل  الاجتماعي  الحميم  وتجاوز  الخلافات  عند الموت  وركل  كل  القيم  القديمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى