الأرض تهتز تحت قدمي وزير المالية!!

* عندما شارك الدكتور إبراهيم البدوي وزير مالية الحكومة الانتقالية مع رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك في زيارة أمريكا الأخيرة، كان يحدوهما (أمل كبير) في سرعة استجابة المجتمع الدولي لمطلوبات حكومتهما (الانتقالية).. وأهم بنود تلك المطالب بالتأكيد إلغاء (العقوبات الاقتصادية الأمريكية) عن الخرطوم، ورفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلا أن أملهما لم يلبث أن (تلاشى) عقب الزيارة وسماعهما للمسؤولين الأمريكان وهم يسوقون الأعذار والتبريرات لاستمرار العقوبات.

* أيقن د. البدوي، وقبله د. حمدوك أن (التعافي) الاقتصادي لم يعد رهيناً بتقديم المساعدات من المجتمع الدولي للحكومة الجديدة، فهذا صار بعد الحديث مع الإدارة الأمريكية أحد المستحيلات.. لكنهما تأكدا أن الخروج من عنق (زجاجة الأزمة) الاقتصادية لن يتم إلا من خلال جهد وطني خارق، يقوم على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ومن ثم تفجير طاقات المجتمع في الإنتاج، وحسن إدارة موارد الدولة الغنية في الزراعة والمعادن وتنشيط صادراتها الحيوانية والزراعية.

* لكن يبدو أن حدوث هذا الأمر نفسه أصبح من (المستحيلات)، لأن الرجل المناسب لم يعد في المكان المناسب، ثم طغيان أمر الخلافات بين مكونات الدولة، وانصراف كثير من الجهد نحو قضايا (هامشية) لا تأثير لها على القضية المركزية، وهي قضية إصلاح الاقتصاد.. بالإضافة إلى ضعف قيمة المحاسبة في اجتثاث دابر الفساد.

* انصرف اهتمام الحكومة الانتقالية، والتي كان ينظر إليها المواطن كـ(مخلص) له نحو قضايا هامشية، فدارت معارك عبد الحي وولاء البوشي، ثم اهتمام الحكومة ثانياً بتعيينات جديدة شغلت الناس كتعيين منظري الفكر الجمهوري، وبعض غلاة الشيوعيين الذين ينكرون بعضاً من أمور الدين الإسلامي، وبذلك نصبت حكومة حمدوك نفسها (عدواً) للدين الإسلامي، وجرت نفسها لمعتركات جانبية، بالتأكيد لن يكون أولها تهجم البعض على جناح كتب محمود محمد طه بمعرض الكتاب، ولن يكون آخرها بالتأكيد مسيرات النسوة السودانيات المناهضات لحديث وزير العدل حول اتفاقية سيداو، والتي يبدو أنها ستشغل المجتمع السوداني كثيراً.

* هذه هي القضايا التي شغلت بال حكومة حمدوك ولن تفيدها قيد أنملة في حلحلة قضايا الاقتصاد.. لذلك قلنا إن (الأرض بدأت في الاهتزاز تحت قدمي وزير المالية) .. ويبدو أن خطة المئتي يوم التي أعلنها ستنقضي وقد تدهور الاقتصاد، وتفاقمت أزماته.. وليس أدل على ذلك من الارتفاع الكبير الذي شهده الدولار أمام الجنيه.. كنتيجة حتمية لتخبط السياسات، وانسداد الأفق الاقتصادي، الذي قام على انتظار المنح والدعم من المجتمع الدولي، والذي لا زال يتخفى وراء مسألة العقوبات وقائمة الإرهاب.

* ارتفع الدولار لأن الاقتصاد السوداني فقد مليار دولار نتيجة لتسرع وزير الصحة في إعلان وباء (غير موجود) للميديا العالمية، فتم إيقاف صادرات السودان الحيوانية لمدة عام من الدول المعنية، وستدفع الخزينة العامة (ثمناً فادحاً) لتصريحات الوزير غير المسؤولة.. بل أن خبراء اقتصاديين توقعوا أن يرتفع الدولار أكثر من ذلك، وما جرى ليس سوى البداية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى