المطرب السوداني الكبير إبراهيم الكاشف

د. محمد الإمام

إبراهيم الكاشف مغنٍّ سوداني بارز عاصر فناني فترة ما يسمى بحقيبة الفن القديمة، ويعتبر أول من أدخل الآلات الحديثة في فن الغناء السوداني، وكان من أبرز المغنين في أربعينيات القرن الماضي الذين سجلت لهم الإذاعة أغنياتهم خلال سنواتها الأولى..

ولد إبراهيم الكاشف واسمه بالكامل إبراهيم محمد أحمد أبوجبل في مدينة ومدني عاصمة ولاية الجزيرة في عام 1915م واشتهر بلقب الكاشف نسبة إلى جده من جهة أمه محمد علي كاشف الذي جاء إلى السودان كقائد عسكري مع الحملة التركية عام 1821م ولفظ الكاشف في الأصل عسكرية تركية.

تلقى الكاشف تعليمه الأولي بمدرسة البندر بمدني، ولكنه لم يكملها, وانتقل عام 1940م إلى الخرطوم وسكن حي الديوم ومنها إلى ام درمان، وأقام في الموردة وامتهن حرفة النجارة وكان يغني أول ظهوره بمصاحبة الرق وتصفيق الكورس ولكنه خرج من هذا الأسلوب الغنائي إلى الفن الحديث المصحوب بموسيقى الآلات الوترية، ولعل أول أغنية تغنى بها في التجربة الحديثة هي أغنية “أنا ما بقطف زهورك” بصحبة إحدى الفرق المصرية التي زارت ود مدني عام 1934م ولاقت الأغنية نجاحاً كبيراً، الأمر الذي شجعه على إعادة التجربة عام 1940م، حين قدم أغنية “الشاغلين فؤادي” فسعى إلى تكوين فرقة خاصة به.

 ويعتبر الكاشف أول من أدخل الكورس النسائي ليحل محل الشيالة الرجال. كما ساهم في التوزيع الموسيقي لبعض الأغاني القديمة كأغنية عزة في هواك. وعلى الرغم من أنه كان قليل الإلمام بالكتابة والقراءة، إلا أنه كان يحفظ أغانيه ويختار النصوص الجيدة، ويلحن معظم أغانيه لوحده. وكان أسلوبه الغنائي هو أسلوب الميلودي الذي يتم الاعتماد فيه على صوت المغني، كما كان يعتمد على إشراك الجمهور في الترديد معه، وهذا ما يعرف بغناء “الباص” ومثال ذلك أغنية “الجمعة في شمبات” وأغنية “حبيبي زورني مرة”..

التقى الكاشف بود مدني بشاعر مبدع هو علي المساح، وأول تجربة معه أغنية “زمانك والهوى أوانك” ثم “الشاغلين فؤادي” ووجدت هذه الأغاني رواجاً كبيراً جداً وعند انتقاله إلى أم درمان بدأ التعامل مع مختلف الشعراء وعلى رأسهم عبيد عبد الرحمن ومن أغنياته “ظلموني  الناس” و”رسائل” ثم خالد أبوالروس في “صابحني دايماً وابتسم” وعبد المنعم عبد الحي وسيد عبد العزيز والسر قدور وحميدة أبوعشر وأبوصلاح..

توفي الكاشف عام 1969م وترك من خلفه ثروة غنائية زاخرة تتعدى المائة أغنية ويعتبر المغني الأكثر عبقرية وأبدع موهبة في الغناء والتلحين في السودان ومن أغنياته وهي بالعشرات: رحلة بين السحاب/ حبيبي اكتب لي/ أسمر جميل/ انت عارف أنا بحبك/ الليلة لاقيتو/ الشوق والريد/ باسم الحب/ ساعة إبداع/ توبة يا أنا/ أنا يا طير/ الشال منام عيني/ فتنت بيهو/ أنا أفريقي،/ الحبيب وين/ أذاك يا عيوني/سالب فؤادي/ حيرت أفكاري/ نسيتني يا ناسي/ حجبوه من عيني/ وداعاً روضتي الغنا..

رحم الله الفنان الكبير إبراهيم الكاشف وأسكنه جناته الوارفات التي عرضها السموات والأرض..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى