لا كبير على العدالة !

ما هي التهم الجنائية الموجهة للدكتور نافع علي نافع؟ للبروفيسور مامون حميدة ؟ للدكتور عوض أحمد الجاز؟ للفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين؟ للأستاذ علي عثمان محمد طه؟ للبروفيسور إبراهيم أحمد عمر؟ للأستاذ محمد طاهر إيلا؟ للمهندس الحاج عطا المنان إدريس؟ للأستاذ نور الدائم إبراهيم؟ للأستاذ أبو هريرة حسين وبقية القائمة؟! جميعهم ليسوا فوق القانون، ولا اعتراض على مساءلتهم ومحاكمتهم طالما أن ذلك يتم بإجراءات قانونية سليمة وعادلة ويُتاح لهم حق الدفاع عن أنفسهم.

لكن يبقى السؤال: ما هي التهم الموجهة إليهم؟ وهل تم توجيهها بالفعل وبدء الإجراءات القانونية في مواجهتهم؟ وإذا كان ذلك لم يتم بعد – حسب متابعتنا – فلماذا يُحبسون هكذا لبضعة أشهر؟ أين هو شعار الحرية والعدالة؟ لماذا لا يتم إطلاق سراحهم مع حظرهم من السفر أو تقييد إقامتهم إذا كان هناك سند ومنطق قانوني يُخول ذلك؟ هل تم تمديد قانون الطوارئ فقط لأجل استمرار حجز هؤلاء دون الشروع في إجراءات قانونية في مواجهتهم؟ أليس في ذلك ظلم لهم ولأسرهم وطعن وقدح في الشعارات المرفوعة؟

البعض يتحجج بأن هؤلاء القادة ، عندما كانوا وزراء ومدراء ومسؤولين اتخذوا إجراءات مماثلة بل وأشد ضد مواطنين آخرين، “أوكي” لنفترض أن ذلك صحيحاً كلياً أو جزئياً، هل التصرف السليم أن نرد الخطأ بمثله؟ بأي دينٍ وأي قانونٍ وأي أخلاقٍ نفعل ذلك وكأننا نتشفى وننتصر لأنفسنا وهواها؟ أليس الأقوم والأسلم أن نقدم للناس وللشباب الثائر نموذجاً في التزام واحترام روح ونصوص العدالة وتطبيق القانون بما يحفظ الحقوق ولا يتجاوز إلى ما يوغر النفوس ويزيد الاحتقان؟

السيد رئيس الجمهورية السابق تتم محاكمته – ومع تحفظنا وتحفظ كثيرين على مبدأ محاكمة رئيس سابق بخصوص توجيهات أصدرها وقرارات اتخذها بصفته السابقة – لكن على الأقل هو حالياً “متهم” يواجه عريضة اتهام محددة، تقف في مواجهته هيئة اتهام وتقف إلى جانبه هيئة دفاع، هذا وجه حضاري يتسق مع أسس العدالة ودولة القانون، في المقابل كيف نحبس هؤلاء لهذه المدد الطويلة دون أن تُوجّه لهم تُهم محددة أو يطلق سراحهم بالضمانة القانونية؟ كيف يقبل المجلس السيادي ومجلس الوزراء هذا الوضع؟

نعلم أن هناك من يطالب ليس بحبس المذكورين بل بقطع رؤوسهم دون محاكمتهم! يطالب بذلك دون أن يفكر في مبررات طلبه ومنطقه وجدواه والآثار المترتبة عليه في ظل مجتمع متماسك متداخل يقوم على الأسر الممتدة ذات الانتماءات السياسية المتباينة. الوطن المأزوم تفيده وتسنده كل خطوة مسؤولة محسوبة تتم في اتجاه البناء والنماء  وتغذية وترسيخ السلام والنسيج الاجتماعي، يفيده ويسنده تحكيم العقل وإعلاء قيمة العدل والترفع والتخلي التام عن سلوكيات الإقصاء ومُغذِّيات الكراهية وروح الانتقام.

أيها السادة أصحاب القرار بالدولة، أطلقوا سراح كافة الرجال المحتجزين والذين لم تُوجه إليهم تهم قانونية بل ربما لا يوجد أصلاً ما يُوجّه لهم، ومعلوم بالضرورة أن النيابة العامة يمكنها استدعاؤهم متى ما وُضعت أمامها عرائض اتهام ناضجة ومكتملة ومقنعة بخصوصهم، يا قادة المرحلة: الوطن مُثخن بالجراحات مليء بالمرارات والاحتقانات والقنابل الموقوتة ولا ينقصه المزيد منها، فاتقوا الله فيه ثم في أنفسكم، بادروا بتصحيح هذا الوضع الشائه بكامل التجرد والشجاعة فالمرحلة القادمة تحتاج الشجاعة والتجرد والتسامي فوق الجراح .

لله الأمر من قبل ومن بعد، وهو على ما يشاء قدير. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى