Site icon صحيفة الصيحة

مع عمسيب: “الردم” والقهر السياسي (2)!!

نفسح هذه المساحة مجدداً لمواصلة ما انقطع من رؤية الأستاذ عبد الرحمن عمسيب والتي جاءت بعنوان (العنف النفسي كأداة للقهر السياسي)، والتى أرجو أن نؤسس عليها حواراً ثم مبادرة مجتمعية عسانا بها نهَب ممارستنا السياسية العافية.

ـ كتب عبد الرحمن عمسيب: العنف اللفظي هو الاعتداء على الآخر لفظاً  باستخدام الشتائم، السباب، التعييب بالشكل، أو اللون، أو الهيئة، أو السخرية من الاهتمامات أو الهوايات أو التوبيخ والإذلال .. إلخ، وللعنف اللفظي أضرار نفسية جسيمة تتسبب في الاعتلال النفسي، وقد تتمظهر في حالات الاكتئاب الحادة والرغبة في الانتحار. 

ـ وبصفة عامة فإن التكرار والاستمرارية هي سمات أساسية عندما نرغب في تعريف هذا العنف الذي يختلف عن أنواع العنف الأخرى التي يمكن تتبّع آثارها بسهولة.. تكمن المشكلة التي تواجهنا الآن في تحوّل هذا الاعتداء النفسي إلى سلوك ممنهج ليس الغرض منه فرض السلطة والسيطرة على الفرد في إطار مجتمع العمل أو مجتمع  الجامعة أو المدرسة ..إلخ، بل يتعدى ذلك إلى تحويل الاعتداء النفسي الممنهج من قبل أفراد منظمين إلى أداة لترويع المجتمعات والهيمنة عليها سياسياً. 

ـ إنني أميل لتوصيف الأصوات في مجتمعاتنا بأنها تضج بالعنف… الكلام بالمجمل عبارة عن عنف.. حتى الإشارات إلى الآخرين التي تكثر في تعبيرنا تحمل تصريحاً بالعنف، والإنسان الذي يستخدم العنف االلفظي يريد أن يوصل للآخر أنه محق فيما يقول، يريد أن يرسل مضمون تهديد وإثبات لوجهة النظر بطريقة قهرية، ولا يمكننا أن نفصل هذه الأشياء عن الطبيعة القهرية للسلطة  في مجتمعاتنا وعنفها المحض غير المُشرعَن، إذ أن السلطة الأبوية في مجتمعاتنا لم تشغل نفسها أصلاً بشرعنة العنف أو إيجاد مبررات لممارسته. 

ـ بالنسبة للسلطة السياسية، فإن الوضع مختلف، إذ هي بحاجة إلى تبرير عنفها المادي المحض ولو قليلاً، فحشدت خطابات التخوين والعمالة.. ووزعت الاتهامات باليد اليسرى وصكوك الوطنية باليمنى، وفطنت إلى ضرورة إنتاج خطابات العنف اللفظي التى تنزع إلى تجريد الآخر من إنسانيته وإذلاله وامتهانه ونزع حقوقه تمهيداً لممارسة العنف عليه، لقد كان العنف اللفظي هذا دائماً كانفجار البركان الأول الذي تعقبه الحمم المتدفقة..

ـ يجب أن لا نخلط بين حرية التعبير وحرية التشهير، الحرية حق، لكن يجب أن تكون لها محددات وضوابط، الحرية تأتي معها مسؤولية، ويصعب على المجتمعات التي كانت ترزح تحت حكومات شمولية  لعقود أن ترسم هذه الحدود، فرط الحرية هذا أحياناً يكون مقدمة لجيش الشمولية العائد؛ ولذلك يجب أن نعمل على هذا الأمر بمزيد من الجهد والمبادرات، وكما أن الحرية حق ومسؤولية، فإن الضامن لها ينبغي أن يكون القانون.. إن تفعيل ثقافة الاحتكام للقانون وتشجيع الناس عبر مجموعات حقوقية للجوء إلى القضاء لنيل حقوقها سيُساهم بصورة كبيرة في تقييد هذه الظاهرة وتقليل آثارها.. 

“نواصل”

Exit mobile version