رئيس قطاع الإعلام بحركة مشار فوك بوث لـ(الصيحة):

"الإيقاد" وعدت مشار برفع الإقامة الجبرية خلال الشهر الجاري

مشار سيبقى بالخرطوم حتى تشكيل الحكومة الانتقالية 

قرار فتح المعابر بين السودان والجنوب غير موفق 

الحركات المسلحة اختارت المال ونسيت سنوات الكفاح 

فشلنا في حل قضية عدد وحدود الولايات واتفقنا على الحل السياسي

مشار لن يعود إلى جوبا  قبل تشكيل الحكومة 

الحديث عن الوحدة خطاب وجداني وهذا الهتاف (…) أغضب النخب الجنوبية

حوار: إنصاف العوض

تصوير: محمد نور محكر                                     

أكد مسؤول الإعلام والعلاقات العامة بالمعارضة المسلحة بقيادة مشار فوك بوث رفع الإقامة الجبرية عن مشار خلال القمة العادية لدول الإيقاد المقرر عقدها خلال سبتمبر الجاري، وقال فوك في حواره مع “الصيحة” إن مشار سيبقى بالسودان عقب رفع الإقامة الجبرية عنه حتى ذهابه إلى جوبا عقب تشكيل الحكومة الانتقالية، ما لم يكن للسودان مانع، مشيراً إلى انتقاله إلى المناطق المحررة بأيدي مجموعتهم في الجنوب حال رفضت الخرطوم استضافته.

 وأكد فوك تأمينهم على أهمية التفاوض بين الحركات المسلحة وحكومة الخرطوم، وقال: نحن في الحركة نثمن دور جوبا، وإن لم تتم استشارتنا في الخطوة عازياً ذلك إلى مشاركة المجموعات المسلحة وبخاصة قطاع الشمال لقوات سلفاكير في المعارك التي خاضتها ضدهم في ولاية أعالي النيل وغيرها من ولايات جنوب السودان، واصفاً اتفاق الخرطوم وجوبا على فتح المعابر بين البلدين بالقرار السابق لأوانه، مشيرًا إلى المخاطر الأمنية بسبب انتشار الجماعات المسلحة على الحدود بين البلدين قائلاً إن عدم الوصول إلى ترتيبات أمنية واضحة من شأنه ان يعرض أمن التجار والملاحة النهرية للخطر،  ونفى بوك أن يكون الرئيس الأوغندي بعيداً عن ملف المفاوضات السودانية ــ السودانية التي تستضيفها الخرطوم، وقال إن سلفاكير قام بزيارة إلى كمبالا قبيل انطلاق المبادرة موضحاً حصوله على ضوء أخضر للقيام خاصة أن الحكومة الأوغندية تعد أبرز المستضيفين والداعمين للجماعات السودانية المسلحة.

 “الصيحة” جلست إلى رئيس مدير قطاع الإعلام والعلاقات العامة، وقلبت معه عدداً من ملفات السلام وعراقيل التطبيع، فإلى مضابط الحوار..

*ما رأيكم في التغيير الذي حدث بالسودان؟

– ما حدث بالسودان انتصار لإرادة الشعب الذي قرر التغيير، ولكنه من السابق لأوانه تقييم تجربة المدنية فى السودان خاصة وأن العديد من الهياكل لم يتم تعيينها فضلاً عن الهيئة التشريعية.

* هل تم التشاور معكم بشأن المفاوضا ت مع قطاع الشمال برعاية سلفاكير بحكم أنهم كانوا رفقاء الكفاح؟

– معلوم أن هذه القوات لها وجود فعلي في جوبا وتحصل على كافة أشكال الدعم منها، وهي شاركت مع حكومة جوبا في المعارك ضد قواتنا فضلاً عن اتفاقية السلام المنشط في الخرطوم نصت على ضرورة مغادرة كافة القوات الأجنبية البلاد وعليه فإن التوسط الجاري الآن يصب في مصلحة إنفاذ بنود الاتفاقية، لكنه لم تتم بالطبع استشارتنا في المبادرة التي قامت بها حكومة سلفاكير التي تمثل الآن سيادة البلد شئنا أم أبينا، كما أن وجود تلك القوات على الحدود يؤدي إلى انفلات أمني بين البلدين. 

عليه نحن ندعم المبادرة تماماً وإن لم نكن عنصراً فاعلاً.

*راجت الكثير من الشائعات حول مرافقة زعيم المعارضة لعضو مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو؟

– هناك أحاديث راجت بأن مشار دفع أموالاً لحميدتي لمرافقته وحمايته في جوبا، وهذا حديث عار من الصحة، وما حدث أن الزيارة جاءت بدعوة من رئيس جنوب السودان قبل التوقيع على الوثيقة الدستورية، وكان يمثل السودان المجلس العسكري وقتها، ولما كان السودان الضامن لوجود مشار بأراضيه أثناء فترة الإقامة الجبرية، وهو المسؤول عنه، جاءت المرافقة بناء على ذلك فقد طلب سلفاكير من المجلس أن يرافق مشار رئيس المجلس سعادة عبد الفتاح البرهان أو نائبه محمد حمدان، وفي الحقيقة أبلغ الفريق حميدتي مشار بالدعوة بصفة رسمية خلال اجتماع ضم القائدين فى الخرطوم.

إذ قدمت الدعوة يوم 20 أغسطس الماضي وتمت مخاطبة الإيقاد والسودان، وتم اختيار حميدتي لمرافقة مشار وتزامنت الزيارة مع انطلاق المحادثات مع حاملي السلاح في جوبا .

*ما هو الجديد في ملف الإقامة الجبرية على مشار؟

– تعتبر الزيارة هي الثانية للدكتور مشار بعد احتفال توقيع الاتفاقية، والأولى بعد تشكيل الحكومة الانتقالية وسبقت الزيارة زيارة إلى أديس أبابا بدعوة من الإيقاد لعقد قمة مع المبعوث الخاص لمناقشة العنف الجنسي في مناطق الصراع، ومناقشة قضايا إنفاذ السلام، وكان من المتوقع أن يجتمع سلفاكير بمشار هناك، لكن  سلفاكير رفض الحضور وتعلل بانشغالات داخل بلاده، فضلاً عن تمسكه بأن تتم مناقشة قضايا جنوب السودان بين الجنوبيين داخل البلاد، وخلال الاجتماع التقى بعدد كبير من ممثلي دول الإيقاد وطالبهم برفع الإقامة الجبرية عنه خلال القمة العادية لدول الإيقاد التي من المقرر أن تعقد خلال منتصف الشهر الجاري ومن ثم سيتم تحديد وضعه ومكان إقامته. 

*أين سيبقى مشار عقب رفع الإقامة الجبرية عنه في سبتمبر الجاري في حال لم يتم إكمال إنفاذ الاتفاق؟

– المفروض أن يبقى في السودان، وفي حال لم يرحب السودان فيمكنه البقاء في المناطق التابعة للحركة والمحررة بدولة الجنوب، ورأى سلفاكير ضرورة وجود مشار في جوبا كما تفضلتِ لا يهمنا ونحن لدينا نظرة لكيفية إنفاذ الاتفاق، ولو لم يكن مشار قيد الغقامة الجبرية لتمكن من الترويج لاتفاق السلام وسط الشعب داخل وخارج السودان، وسيتم تقرير المكان الذي يقيم فيه مشار في حينه والاتفاق اعطاه الحق في البقاء في أي مكان يشاء كما أن الاتفاقية  نصت على أن يقيم كافة القادة الموقعون على الاتفاق خارج جوبا لحين تشكيل الحكومة، ومن أراد أن يذهب إلى جوبا بإرادته، فإن من حقه ذلك، ولكن الأولوية لنا إقامة لقاءات مع دول الإقليم للدفع بإنفاذ الاتفاق، خاصة وأنه تبقى شهران فقط من الفترة التى تم تمديدها في مايو الماضي.

* في اعتقادك ما هي أهم الإنجازات التي تم التوصل إليها خلال الزيارة؟

– تمت الموافقة على العديد من الأشياء الهامة، مثلاً تم تفعيل نقاط تجميع القوات والبالغ عددها 40 نقطة في زمن واحد ما نعتبره خطوة إيجابية لدرجة عالية كما اتفقوا على تشكيل وهيكلة هيئة إعادة التأهيل والدمج وهناك حاجة مهمة جدًا وهو أن الحكومة كانت تركز على تدريب قوات الحرس للشخصيات الهامة، وكانت تهدف من وراء ذلك للمماطلة في تنفيذ بند توزيع الجيش حتى انتهاء الفترة المحددة لتشكيل الحكومة حتى يضطر الزعيم مشار إلى العودة إلى جوبا دون الانتهاء من تنفيذ بند الترتيبات الأمنية وبعد ذلك يمكنها أن تقول له عليك أن تكتفي بالحرس البالغ عددهم 3 آلاف جندي 1500 من جانب الحكومة و1500 من قوات المعارضة والقوات التابعة لتحالف “سوا”، ولكن الآن اتفقوا على تدريب وتوزيع القوات جميعها من أمن وجيش وشرطة وخلافه في ذات التوقيت.

* تعتبر قضية حدود وعدد الولايات من القضايا الشائكة كيف تم تناولها في لقاء القائدين؟

– أهم بند الترتيبات الأمنية المتمثلة في تكوين جيش قومي، تركيز مشار على انتشار الأمن والطمأنينة لمواطني البلاد وليس سلامته الشخصية، وقلنا يجب تنفيذ البند نصاً وروحاً وعودة مشار إلى جوبا مربوطة بإنفاذ الاتفاق وتشكيل الحكومة الانتقالية في مايو الماضي وتم تمديدها إلى نوفمبر لإنفاذ تلك الحكومة أو توفير البيئة الملائمة لعودة النازحين واللاجئين حتى يتم تقديم الخدمات لهم وتمت مناقشة تقرير  لجنة الحدود وعدد الولايات والتي لم يتم البت فيها كما أسلفت، وفشلت كافة المفاوضات، واتفقوا على تشكيل لجنة خاصة لمراجعة ما توصلت إليه اللجان السابقة للوصول إلى قرار بالتوافق، وفي حال فشلت في إيجاد حل فإنه سيتم حلها بقرار سياسي من القائدين والمجموعات المعارضة التي من ضمنها لام أكول سيكون لها دور في الاتفاق، وأريد أن أؤكد لك بأنه تم اجتماع بين الدكتور مشار ولام أكول في الخرطوم قبل السفر إلى جوبا واتفقوا على الإبقاء على عدد الولايات العشر وتمت مناقشة سير إنفاذ الاتفاقية.

*هل التقى مشار أثناء زيارته لجوبا مع قادة الحركات المسلحة لا سيما قادة قطاع الشمال؟

– لم يكن هناك اجتماع رسمي بل اجتماعات فردية على هامش الزيارة ومشار اجتمع بعدد منهم من بينهم ياسر عرمان وتناول الاجتماعت قضايا السلام في السودان وجنوب السودان والغرض من الزيارة هي سلام الجنوب، لذلك لم تكن هناك اجتماعات رسمية ولكنهم جاءوا إليه في الفندق وجلسوا إليه ولأول مرة ومشار ليس طرفاً  في الوساطة، والوساطة يقودها سلفاكير وطالبهم سلفاكير بالتركيز على مصلحة الوطن، لأن المناطق التي يدعون تمثيلها تعيش أوضاع إنسانية وأمنية مزرية، أما الحديث عن رفقاء الكفاح وغيره هذا كلام أصبح ليست له قيمة وهولاء أشخاص يهمه من يمتلك المال وليس الأفكار وهم يستمعون إلى مشورة سلفاكير وحكومته فقط.

* مثلت أوغندا غياباً كبيراً أثناء المفاوضات في البلدين بالرغم من كونها لاعباً مهماً في الملفين؟

الرئيس موسفيني أحد ضامني الاتفاق مع الرئيس السوداني الأسبق البشير، وهو رقم مهم في الحراك السياسي في السودان وجنوب السودان، وأكيد هو حاضر في كلا الملفين وأثناء وجودي في جوبا كان هناك وفد يمثل تحالف “سوا” في كمبالا والمفاوضات بين السودانيين فى جوبا مبادرة قامت بها جنوب السودان متمثلة في حكومة الرئيس سلفاكير، وهذا لا يعني أن موسفيني غائب عن المبادرة، ففي الشهر الماضي سافر الرئيس سلفاكير إلى كمبالا، التقى بالرئيس موسفيني ولا شك بأنها تمت بمباركته كونها تدعم وتساند العديد من الحركات المسلحة المنخرطة في المفاوضات.

*كيف تقيمون التقدم الذي أحرز في جوبا؟

– ما حدث في جوبا لم يرتق إلى درجة توقيع اتفاق هم اتفقوا فقط على إعلان المبادي، ونحن مثلاً كنا نوقع على هذه المبادئ منذ2015 وظلت حكومة جوبا تخرق هذا الاتفاق بصورة مستمرة، وهي تتعلق بفتح المعابر لانسياب المساعدات الإنسانية ووقف العدائيات، وعليه فإن الإرادة السياسية فقط هي التي تضمن صمود ونجاح المفاوضات والاتفاقيات وليس المسائل الإجرائية. 

*لكنه في حال تمت ضغوط من حكومة الجنوب وكمبالا فإن ذلك سيسهل التفاوض؟

– هذا ليس أمراً مهماً، فهم يمكنهم أن يجدوا الدعم من جهات كثيرة وخلال فترة حكم الإنقاذ اكتسب السودان أعداء كُثراً يسعون لنسف استقراره، ولذلك كما قلت لك أنا أعول على الإرادة السياسية للأطراف أكثر من الضغوط الخارجية.

* كيف كانت أجواء المفاوضات هناك؟

– لم أجد الوقت الكافي لمراقبة الأجواء عامة لأننا كنا في اجتماعات مستمرة، إلا إننى لاحظت وجوداً كثيفاً وفاعلاً من كافة المشاركين. 

*هناك أصوات بين الشماليين والجنوبيين تنادي بإعادة الوحدة كيف ترون إمكانية ذلك؟

– أولاً، هذه خطاب وجداني تدفعه العواطف، ويعبر عن شرائح كبيرة في البلدين، وما أثار حفيظة النخب الجنوبية الهتافات أثناء مراسم توقيع الوثيقة الدستورية والتي قالت “لن نرجع إلا الجنوب يرجع” وهو ما نراه تعدياً على سيادة دولة مستقلة، ومن المستحسن أن تتبع سياسة المعاملة بالمثل في التعامل مع الشأن الداخلي،  واختلافاتنا السياسية بيننا كجنوبيين تعني أننا غير قادرين على إدارة دولتنا وخلافتنا مع سلفاكير ليس حول حكم الجنوب بل على الطريقة التي يجب أن يحكم بها وانفصال الجنوب جاء نتيجة استفتاء شعب الجنوب، وإذا شعبا البلدين أرادا الوحدة هذا خيارهما، والآن يجب أن نركز على كيف تُشفى كل دولة من أمراضها وإذا توحدنا الآن نحن نرجع إلى فترة أمراض ما قبل 2004 فجميع المشاكل لا زالت قائمة من تهميش وفقر وقضايا إثنية وغيرها ويجب أن نركز على القضاء على هذه المشاكل أولًا ثم نتحدث بعد ذلك عن الوحدة ونحن نتمنى أن يلعب السودان دوره الطليعي كونه أحد ضامني السلام من أجل إنفاذ بنود اتفاقية السلام المنشط التي رعتها الخرطوم، ونحن كجنوبيين نتمنى أن نمد أيدينا ونتكاتف من أجل إنجاح حملة السلام التي بدأت بين المجلس السيادي والحركات المسلحة، ودعيني أقتبس ما قاله قرنق إن  وجود دولتين جارتين مزدهرتين خير من دولة واحدة تعج بالمشاكل والخلافات. 

* إذن أنتم تثمنون الاتفاقيات التى وقعت بين البلدين لفتح المعابر واستئناف التجارة ؟

– طبعاً نحن نثمن مثل هذه الخطوات الضرورية ولكن كنا نرى أن يتم تأجيلها حتى تشكيل الحكومة لأنه في حال الوضع الأمني غير المستقر الآن وبخاصة على المناطق الحدودية يشكل خطراً كبيراً على التجار والبضائع، كما ان عدم وجود تخطيط أمني واضح يشكل خطراً على الملاحة النهرية. 

* هناك حديث عن معارك تقودها قوات توماس سيريلو، هل الأوضاع على الأرض هادئة؟

– الآن هناك هدوء نسبي، وذلك لا يعني انتهاء الصراع دون دمج بقية المعارضين والدكتور ركز أثناء الزيارة على ضرورة إدماجهم في العملية السلمية، كما أن هناك اتصالات بين حكومة سلفاكير وهذه المجموعات، وأريد أن أؤكد أن السلام في الجنوب يمر بمنعطف خطير خاصة وأنه تبقى أقل من شهرين على تكوين الحكومة وأعتقد أن ما فشلنا في إنجازه خلال العام الماضي لا يمكن أن ننجزه خلال هذين الشهرين، وأنا أدعو الشعب الجنوبي بالتوحد وأن يتناسى المرارات والغبن لأنه لا يولد غير العنف، كما أن على الحكومة والموقعين على الاتفاقية الالتزام بالوعود التي  قطعوها للمواطنين والأشقاء والحلفاء الدوليين والإقليميين، وأدعو المجتمع الدولي لتقديم الدعم العيني لإنفاذ الاتفاقية، لأن المال عصب الحياة، كما أن على الضامنين المتمثلين في الخرطوم وكمبالا مراقبة إنفاذ الاتفاقية والضغط على الأطراف الموقعة لإنفاذها. وأتمنى أن تلتزم الحكومة الجديدة في السودان بدورها الفاعل كضامن للسلام. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى