الطريق لقرطاج!!

قصر قرطاج في العاصمة التونسية تم بناؤه في عهد المفكر الألباني الأصل خير الدين التونسي، وتم تحديثه في عهد الراحل الحبيب بورقيبة، ويعد من القصور التاريخية والمزارات السياحية في المغرب العربي.. الوصول لرئاسة تونس ما عادت دروبه تمر بثكنات القصر ودبابات الجيش.. وتونس تعافت من تلك الأمراض المستوطنة في أفريقيا وحدها.. وبقدر اندماج تونس ثقافياً وتعليمياً وحضارياً في أوروبا إلا أنها جافت الديمقراطية لعصور وخضعت لإرادة العسكر حتى بزغ فجر حزب النهضة الإسلامي وقاد التحولات الكبيرة في الساحة التونسية بعد سقوط بورقيبة ورجاله بحناجر وهتاف الشعب الذي يتوق للكرامة والحرية.. وقدمت حركة النهضة التونسية بزعامة المفكر والفيلسوف راشد الغنوشي دروساً في إعلاء قيمة الديمقراطية وهي تتنازل عن حقوقها من أجل حقوق المواطن التونسي..

أمس الأحد توجه إلى مقار الانتخابات وصناديق الاختيار الحر (7) ملايين من التوانسة في الداخل ونحو (2) مليون في أوروبا وأمريكا وحتى استراليا لاختيار رئيس جديد للبلاد خلفاً لآخر رموز العلمانية والحقبة البورقيبية الراحل الباجي السبسي.. وتقهقرت في تونس الصراعات الايدلوجية بين الاسلاميين والعلمانيين وطغت صراعات النخب الجهوية والمصالح الفئوية ويتنافس في الانتخابات التونسية الرئاسية أربعة مرشحين رئيسيين وهناك (20) آخرين والأربعة الأوائل نيلهم ثقة الناخبين  ليفوز أحدهم بمنصب الرئيس بعد انسحاب مفاجئ لكل من سليم الريحاني الذي يمثل حزب الوطن ومحسن مرزوق رئيس حزب مشروع تونس، وتشير توقعات المراقبين للمنافسة بين الأربعة الأوائل في السباق يوسف الشاهد عن حركة أو حزب تحيا تونس وعبد الفتاح مورو نائب رئيس المجلس التشريعي البرلمان، ومرشح حركة النهضة التونسية وعبد الكريم الزبيدي المرشح المستقل والذي تدعمه أربعة أحزاب ورابع المرشحين الكبار نبيل القروي الذي رشحه حزب قلب تونس.. ونبيل القروي يقبع في السجن حبيساً بتهمة غسيل الأموال ورفض القضاء التونسي استبعاده من قائمة المرشحين بحسبانه متهماً بغسيل الأموال وليس مداناً..

ويجد القروي تعاطفاً من قطاعات شعبية عريضة لكنه إذا فاز سيضع العملية برمتها في مأزق ما بين القصر والسجن واحتمال الإدانة وفي حال فشل أي من المرشحين في نيل نسبة 50% من أصوات السبعة ملايين تونسي ينص القانون على اعادة الانتخابات.. ويشارك في الانتخابات التونسية (17) حزباً وحركة و(7) مستقلين، وتونس التي تعيش في محيط شمولي من الشرق والجنوب والشمال.. تقدم نفسها كدولة عصرية تستخدم آليات مدنية في الصراع السياسي، وقد ازدهرت في السنوات الماضية تونس ثقافياً وفكرياً واجتماعياً ورياضياً.. وينتظر إعلان الرئيس الجديد في الشهر القادم.. وينظر العرب بعين الغيرة والحسد لما بلغه الشعب التونسي من تقدم بينما أغلب البلدان العربية ترزح تحت حكم المشيخات والممالك المتهالكة وتتكفل دول الغرب بحمايتها من غضبة شعوبها مقابل دفع أموال طائلة لحراسة العروش لكن تونس تتعافى من أمراض العرب بطريقتها الخاصة!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى