مظاهرات (قحت) وفقدان سلعة الحكم ..!!

بالطبع أن الجميع مندهش وواجم بمن فيهم العقلاء من قوى الحرية والتغيير لحالة الاحتفاظ بالشارع ملتهباً وثائراً وتوظيفه سلباً في كل حال دون إستراتيجية ورؤية محددة لتنظيم وترشيد هذه الطاقات والموارد لخدمة الشعب السوداني، وحكومة قوى الحرية والتغيير برئاسة الدكتور  عبد الله حمدوك التي هي محكومة بوثيقة دستورية حددت كل شيء وآجاله، وهو ما يحتاج إلى معرفة الجميع حتى يحددوا ما يحتاجون القيام به حتى تنجح الفترة الانتقالية في تحقيق أهداف الوثيقة والتغيير. إن الجميع يعلم أن إزالة الحكومة وحده لا يكفي، لكن المهم كيف تستخدم مواردك وما هي آليات استخدامك لأدوات الجمهور وبأكثر الطرق فاعلية وبأفضل المواهب السياسية لتحقيق طموحات الشعب الذي ثار، وفي هذا أقول بإمكان أي إنسان فتح الأبواب المغلقة إما بكسرها أو بالصبر والمثابرة للعثور على المفتاح الذي يفتحه دون المساس بالأبواب، فأي الطريقتين تحقق أفضلية في النجاح.

 أقول ذلك والثورة السودانية استخدمت الطريقتين في فتح الأبواب (ثار الشعب ثم انحازت له المنظومة الأمنية)، إذن هذا التغيير مختلط ويتطلب رؤية وطنية محددة لا تحسب النجاح لجهة وتترك الجهات الأخرى.

 إن حالة التظاهر وتعبئة الشارع بعد تكوين الحكومة ليس لها هدف سوى إعاقة طريق حكومة (حمدوك) ولا تدعها تعمل وهنا لابد من وضوح القيم التي تجمع الكيانات التي شكلت قوى الحرية والتغيير، فما لم يكن هناك قيم وطنية جامعة مثل (حرية سلام وعدالة) لتصبح هي الأحكام الوطنية الأساسية والأخلاقية والعملية التي يفرق بها بين ما هو مهم وضروري للمرحلة تضاف إليها بقية القيم المتمثلة في النظم والأعراف التي توضع بصورة محددة، وهذه تشمل قوانين وتشريعات ضابطة ومحددة للصواب والخطأ في حياتنا ولا يترك الأمر لمن يسوي ولا يسوي في الشارع العام ليحكم على ما يجعل حياتنا ذات قيمة ويحدد طبيعة ما هو مهم بالنسبة للناس والحكومة، وبالطبع هناك عوام من الناس أنبتتهم ثورة ديسمبر المجيدة ليست لديهم فكرة واضحة عما هو مهم بالنسبة للمجتمع وينبغي أن يفعله وتعمل الحكومة على إنجازه، وفي مثل هذه الحالات في الغالب يفعل الناس أشياء لا يشعرون بالسعادة معها ويكتشفون فيما بعد أنها لا تحقق أهدافهم ولا مقاصدهم من التغيير، وذلك ببساطة لعدم قناعتهم وعدم وضوح رؤيتهم بشأن ما يؤمنون به في عقلهم الباطن ومشروعهم الظاهر ويصبح الفعل الذي تم سراباً بالنسبة إليهم كحالة عضو المجلس السيادي (أمنا عائشة موسى) التي تقدمت مظاهرات الخميس الماضي ضد المجلس السيادي وحكومة حمدوك، وهي تريد أن تفرض رئيس قضاء ووكيل نيابة أعلى رغم أنف الوثيقة الدستورية التي دخلت بموجبها (عائشة)  القصر الرئاسي، وفي نفس الوقت حميدتي وأعضاء السيادي وحمدوك وبعض اعضاء مجلس الوزراء يتواجدون في جوبا لتحقيق السلام والنجاحات ونتائج الثورة لأنهم يملكون شعوراً أساسياً بالمسؤولية ويدركون أن المهم بالنسبة للشعب السوداني وهو السلام والاستقرار فهؤلاء أي أعضاء السيادي ومجلس الوزراء على المستوى الشخصي والفكري لديهم تطلعات مختلفة، لكن ما جمع بينهم هو قاعدة أخلاقية وهي إدراكهم أهمية العهد والوثيقة وما حوته من مضامين وقيم، وبالتالي يصبح فهم القيم هو أحد أهم مفاتيح النجاح لكل فعل نافع ومتميز، فقوى الحرية والتغيير تحتاج إلى صياغة قيم يتفاعل معها الجميع وتكون استراتيجية وطنية تخلصنا من معضلة الصراع ومن المعضلة الأكبر، وهي كيف نتخلص من الصراع ما بين قيم الفرد واستراتيجة القيم الوطنية العليا والأمور لا تتجزأ. 

فما لم نتخلص من هذا النوع صدقوني لن نتجاوز النوعية العاطفية الغارقة في وحل الذاتية من شاكلة أصحاب القدرات المحدودة الذين يفلحون فقط في تحطيم نجاحاتهم بأيديهم، هذا إذا كانت لهم نجاحات فعلاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى