إيران والسودان تحالف قديم يهدد الحاضر

إيران والسودان تحالف قديم يهدد الحاضر

حسب الرسول العوض إبراهيم

تشهد المنطقة تصاعداً خطيراً في التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، وسط مخاوف من أن تتحول هذه المواجهة إلى حرب شاملة. وإذا ما طال أمد هذه الحرب أو توسعت رقعتها، فإن آثارها ستمتد إلى معظم دول المنطقة، خاصة الدول ذات الهشاشة الأمنية والانقسامات الداخلية. ويُعد السودان من أبرز هذه الدول، بالنظر إلى ما يشهده من حرب داخلية طاحنة بين الجيش والدعم السريع.

من المهم التذكير بأن لإيران تاريخاً طويلاً من العلاقة مع نظام الإسلاميين في السودان، وتحديداً خلال فترة حكم “الإنقاذ”، حيث قدمت إيران الدعم الفني والعسكري للنظام، بما في ذلك تكنولوجيا الأسلحة، والطائرات المسيّرة، وتدريب العناصر الأمنية في طهران. في المقابل، سمح السودان لإيران باستخدام أراضيه كممر لتهريب السلاح إلى غزة، الأمر الذي دفع إسرائيل في عدة مناسبات لتنفيذ ضربات جوية داخل السودان استهدفت منشآت عسكرية يُعتقد أنها على صلة بإيران.

لم تخف إيران يومًا طموحها في تحويل السودان إلى عمق استراتيجي على البحر الأحمر، وهو ما وضع الخرطوم في خلاف دائم مع محيطها العربي، خاصة الخليج. وقد استخدم نظام الإنقاذ هذه العلاقة كوسيلة لابتزاز سياسي، من خلال التهديد بالتموضع في المعسكر الإيراني. من أبرز صور هذا الاستفزاز، رسو بوارج عسكرية إيرانية في سواحل السودان على البحر الأحمر. لكن، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، لم يجد النظام مفراً من تغيير بوصلته، فقطع العلاقات مع إيران، وانضم إلى التحالف العربي في اليمن عبر “عاصفة الحزم”.

غير أن الحرب الحالية التي اندلعت في السودان أعادت خلط الأوراق، فقد اتخذت معظم الدول موقف الحياد، في حين وجد نظام الفريق البرهان – المدعوم سياسيًا من الإسلاميين – نفسه في حاجة إلى دعم عسكري خارجي. وهنا استغل الإسلاميون علاقاتهم القديمة مع طهران، وتمت إعادة العلاقات بين الخرطوم وطهران، والتي سرعان ما تُرجمت بدعم عسكري مباشر من إيران للجيش السوداني، شمل تزويده بالأسلحة والطائرات المسيّرة.

السؤال المطروح اليوم في ظل تصاعد الحرب الإيرانية الإسرائيلية:

هل ستلجأ إيران إلى السودان ليكون ورقة عسكرية في هذه الحرب، سواء عبر استخدام أجوائه أو سواحله؟.

وهل ستعتبر إسرائيل السودان حليفًا مباشرًا لإيران، فتقوم باستهدافه مجددًا؟.

كل المؤشرات تدل على أن الارتباط بين الملف السوداني والصراع الإيراني الإسرائيلي يتزايد يومًا بعد يوم، لا سيما إذا استمرت الحرب في السودان وامتدت الحرب الإقليمية. ومع طول أمد النزاع في السودان، فإن أي تصعيد في الشرق الأوسط لن يكون معزولًا عنه، بل سيزيد من تعقيد المشهد السوداني سياسيًا وأمنيًا، وربما يُدخل السودان رسميًا في صراع إقليمي لا طاقة له به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى