إيران والحركة الإسلامية في السودان .. ثنائية الديكتاتورية والإجرام!

إيران والحركة الإسلامية في السودان .. ثنائية الديكتاتورية والإجرام!

إبراهيم مطر

غريبة هي العلاقة بين ملالي إيران وفقهاء الحركة الإسلامية السودانية القتلة، ومربكة، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار العلاقات “السنية الشيعية” الشائكة والمنقسمة ما بين “روافض” و”نواصب”، إذ كان بأسهم بينهم في كثير من الأحيان شديد، كون ما يفرق بينهم أكثر مما يجمع، بالإضافة إلى انتفاء حجة رابطة العروبة المدعاة من إخوان الشياطين، مع دولة الملالي الفارسية.

لكنك وعلى الرغم من كل ذلك تجد أن الجانبين اجتمعا على جرائم استحسناها، وزيناها لبعضهما، ليس أولهما التعذيب الممنهج في المعتقلات السرية، وليس آخره استخدام الجيش الإخواني للسلاح الكيميائي المحرم دولياً ضد المدنيين.

وقد ذكر الراحل د. منصور خالد في الجزء الثاني من سفره الموسوم بـ”النخبة السودانية وإدمان الفشل”، أن الأستاذ الجامعي الإخواني “نافع علي نافع”، كان قد أوهم رؤسائه بأنه ذاهب لتطوير دراسته في الزراعة، لكنه قضى عامين كاملين في دراسة التعذيب في إيران.

وتعود القصة إلى أنه وبعد أن سطت الجماعة الإرهابية على السلطة في السودان فجر الثلاثين من يونيو للعام 1989، وجدت جمهورية الولي الفقيه الإيرانية وقد قوى عودها بعد عشر سنوات قضتها في سلطة أقامتها على أسنة الرماح، وحشرت المجتمع الإيراني حشراً وبالقوة الجبرية في جلباب رجل الدين المعمم، فاستحسن جلاوزة التنظيم الإخواني الفكرة، وسعوا للتقرب من إيران، خاصة في ظل الشعارات التي رفعتها الجماعة المارقة في مواجهة العالم آنذاك.

ولا تسأل “أين الخلافات الفقهية العميقة بين المذهبين؟”، لأن الحقيقة التي باتت أوضح من الشمس في رابعة النهار، هي أن آخر ما يهم إخوان الشياطين هو أمر الدين، فسارعوا لفتح الحسينيات الشيعية في العاصمة الخرطوم وفي عدد من الولايات، ورضوا أن يتحول آلاف السودانيون للتشيع، ما داموا قادرين على على نهب أموالهم بالقوة الجبرية، أو قتلهم إن قاوموا واستدعت الضرورة الإجهاز عليهم.

وكعادة سماسرة الحركة الإسلامية في السودان، فقد درجوا على مساومة العالم بأرواح السودانيين وحيواتهم، وهم – حتى في ذلك – من الزاهدين. وأنت لا تحتاج لأدلة لمثل هذا الحديث أيها القارئ الكريم، لأنه لا بد أن وصلت إلى مسامعك واحدة من تلك القصص أن مسؤولاً إخوانياً قال: “حقي كم”، فأضاع على السودانيين فرصة نادرة لتخفيف معاناتهم، أو شاهدت ذلك المقطع المخزي الذي يتوسل فيه المخلوع البشير لإدارة مستشفى خيري في سوبا، كي تفرض رسوماً على مرضى القلب من السودانيين سيئي الحظ والطالع، الذين عطف عليهم الأجنبي، لكن المشير الإخواني القاتل استكثر عليهم العلاج المجاني، ولم يفكر إلا في كيفية التربح من أوجاعهم، فقبحه الله من راعٍ، يقتات من محن شعبه، ومن لحومهم.

وفي المقابل دعم ملالي إيران – ولسنوات متطاولة – ديكتاتورية الحركة الإسلامية، وأمدوها بالسلاح الشرعي منه والمحرم، خاصة السلاح الكيميائي الذي استخدمه الإخوان بكثافة في مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق. وكانت نتيجة زواج المتعة هذا بين الملالي وإخوان الشياطين، أن ذاق الشعب السوداني في تلك المناطق الأمرين، ولم يتحدث أحد حينها عن الضحايا من المدنيين، ولم يحفل بموتهم ولا بحياتهم أحد.

وفي حرب أبريل الحالية مدت إيران يدها لقتلة الشعب السوداني، وزودتهم بالمسيرات المتطورة وبالسلاح الكيميائي الذي لم يتوانى إخوان الشياطين عن استخدامه في ضرب مصادر المياه وقطعان المواشي وتسميم الصهاريج الكبيرة في الأحياء السكنية وما إليها من جرائم وقع ضحيتها العشرات من السودانيين، ابتداءً من الهلالية والصالحة وانتهاءً بولايات كردفان ودارفور.

وكان الفضل في الحمم التي تساقطت على بيوت السودانيين ومشافيهم يرجع لنظام الملالي في إيران والذي يتعرض هذه الأيام لضربات جدية قد تقضي على النظام بالكامل إن لم تتركه في أضعف حالاته بحيث لا يشكل تهديداً لأحد.

وبمثلما كان مقتل شيطان لبنان حسن نصر الله مدعاة احتفال عند السوريين بعد أن ذبح أطفالهم ونسائهم تحت شعار “حتى لا تسبى زينب من جديد”، ها هي الضربات الإسرائيلية الموجعة تصفع وجه ولي الله الفقيه المعمم في إيران قصاصاً لدماء السودانيين المسفوكة في الدبيبات والخوي والحمادي والجزيرة والخرطوم بحري، فيشعر الضحايا بالارتياح، وبالطمأنينة من أنهم أمنوا شرور الدعم الإيراني لفقهاء آخر الزمان القتلة في السودان.

حرب التحرير في السودان ستطول، وسيسعى الدواعش للتشبث بالسلطة دون أي اعتبار وربما يزهقون المزيد من الأرواح ويسفكون المزيد من الدماء، لكن الثابت أن اقتلاعهم من أرض السودان وشيك، وهو النهاية الحتمية لكل ما أحدثوا من بشاعة ومن دمار. ألا لعنة الله على إخوان الشياطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى