“الشعبية”: حين تتحول الدولة إلى أداة لمعاقبة الضحية، فإن الصمت خيانة، والمحاسبة ضرورة

ادانت الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، حملة السلطة العسكرية في بورتسودان والمليشيات التابع لها تحت زريعة “التعاون مع قوات الدعم السريع”، ووصفت الممارسات والسياسات القمعية والانتقامية للجيش ومليشياته، بأنها نمط ممنهج للعقاب الجماعي ضد المهمشين، وقالت: “حين تتحول الدولة إلى أداة لمعاقبة الضحية، فإن الصمت خيانة، والمحاسبة ضرورة”
وأضافت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو في بيان اليوم: “لا لشيء سوى كونهم بقوا في منازلهم أثناء القتال، ولم يجدوا سبيلاً للهرب أو النزوح. واليوم، تُداهم الأحياء الفقيرة، ويُعتقل مئات الشباب والنساء، ويُحقق مع المواطنين بتهمة “الإيواء”، بينما لا يجدون من يدافع عنهم في ظل غياب العدالة وانتشار الخطاب الانتقامي المنحاز”.
“الأحزمة السوداء”
وأوضحت أنها تتابع بقلق بالغ ما يحدث في مدن السودان الكبرى وفي أطرافها، وفي ما يُعرف اصطلاحًا بـ”الأحزمة السوداء” – تلك الأحياء الفقيرة والمهمشة التي يسكنها النازحون والفقراء والعمال والكادحون من مناطق النزاع المزمن –.
وكشف البيان عن جرائم ممنهجة ضد سكان من أسماهم بـ (الأحزمة السوداء) منذ استعادة الجيش لبعض المناطق التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وخاصة في الخرطوم، وأم درمان، ومدني، والنيل الأبيض.
وأكد أنه تم تسجيل حالات عديدة موثقة من الاعتقال التعسفي الجماعي لسكان أحياء الحاج يوسف، الجريف غرب، مايو، أم بدة، ود البشير، ودار السلام، والكدرو، وغيرها من المناطق الفقيرة، والتحقيق مع المواطنين بناءً على تهم “عدم النزوح”، أو “عدم مقاومة قوات الدعم السريع”، وهو منطق مقلوب يعكس ذهنية انتقامية لا تراعي ضعف المدنيين ولا ظروف الحرب، إلى جانب انتهاك الحق في المحاكمة العادلة، إذ يُزج بالمتهمين في معتقلات دون توجيه تهم واضحة أو تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، واستخدام الخطاب العنصري والطبقي، حيث يُوصف سكان هذه الأحياء بـ”الدعمجية”، أو “خونة العاصمة”، في تكرار خطير لنهج التجريم الجماعي الذي طالما عانى منه سكان دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق.
المسؤولية الجنائية
وأشار إلى أن المسؤولية السياسية والجنائية لسلطة بورتسودان وأذرعها الأمنية والعسكرية يُشكل انتهاكًا للحقوق الدستورية للمواطنين السودانيين، الذين لا يجوز معاقبتهم جماعياً أو افتراض تواطئهم بسبب ظروف السكن أو العجز عن النزوح.
وأعتبرت الحركة الشعبية، ممارسات الجيش ومليشياته بحق المدنيين، جريمة ضد الإنسانية وفقًا للمادة 7 من نظام روما الأساسي، وسلوكاً ينتهك واجبات الدولة السودانية بموجب التزاماتها الدولية، ويعرضها للمساءلة أمام المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية.
تحقيق دولي
وطالبت الحركة الشعبي، بالإيقاف الفوري لجميع حملات الاعتقال والتحقيق القائمة على الأساس الطبقي والجغرافي بحق سكان أطراف المدن، و تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق حول الانتهاكات الواقعة في الأحياء المهمش، و إطلاق سراح المعتقلين فوراً وضمان تعويضهم قانونياً ومعنويا، و تجريم الخطاب العنصري والمناطقي الذي يُبرر هذه الانتهاكات ويعيد إنتاج دولة الهيمنة والتمييز.
ودعت الحركة الشعبيةن المنظمات الحقوقية الدولية كافة إلى زيارة ميدانية للأحياء المعنية والاستماع لشهادات الناجين من التعذيب والاعتقال.
ووصف البيان، ممارسات سلطة بورتسودان وجهازها الأمني ليست سوى الوجه الآخر للاستبداد الذي ثأر عليه الشعب السوداني في ديسمبر 2018. فكما لا تُبنى الدول بالعنف، لا تُبنى على جثث المهمشين ودموع الأحياء السوداء.