مغامرة رجل حالم

مغامرة رجل حالم
عوض عدلان
قلنا ولن نمل من تكرار ذلك بأن مشكلة البلاد الأساسية ليس في (من يحكم) بل في (كيف سيحكم) وكامل إدريس الذي جاء ليملأ الفراغ الأول، ولن يغير في الأوضاع إن لم يفكر في الفراغ العريض الثاني وسيكون صدى لذات الأزمة الممتدة منذ أن رفع الازهري علم الإستقلال على سارية القصر الجمهوري خاصة وانه جاء في ظل منظومة ظلت مصممة (بعنف) لإجهاض كل تحول ديمقراطي منذ عبود مروراً بجعفر النميري ثم سوار الذهب والبشير وأخيراً البرهان فالأمر لا يتمحور حول قدرات الرجل الذاتية بل حول قدرته في مواجهة التحديات التي أفرزها ذلك الوضع المتجذر في السياسة السودانية التي تدور في فلك رغبات قيادات القوات المسلحة في التحكم في جميع النواحي سياسية واقتصادية وحتي الاجتماعية احيانا.
ونحن لا نتحدث عن قبول أو رفض ذلك القادم الجديد فقد جلس قبله العشرات على ذلك المقعد وفشلوا أو تم الانقلاب عليهم ودفعهم للفشل في تحقيق أحلام الشعب السوداني في دولة ديمقراطية يمكن أن تقود البلاد للإستقرار والرفاهية فواقع الحال هو مايقول بأن طريقة التعيين الفردية والمصالح المتقاطعة لمن يقود دفة قرار الدولة وإنتشار السلاح والمليشيات وضعف القبضة الأمنية وتعددها هي ما سيطيح بكافة جهوده وتعلن ذلك الفشل حتي قبل أن يبدأ وقريباً لن يكون لديه خيار فإما أن يستمر ويخوض مع الخائضين أو يتقدم بإستقالته إن كان وطني حقيقي جاء فعلاً لمحاولة إصلاح (مستحيلة) في ظل ذلك الوضع ليلحق برفيقه طيب الذكر دكتور عبد الله حمدوك .
ولاشك أن الرجل يعلم بأنه قبل بالتكليف في ظل نظام إنقلابي عسكري قمعي يمكن أن يتجاوز سلطانه ويتعامل معه كسلطة غير ملزمة اذا ما حاول الخروج بقرار لا يرضي تلك السلطة في ظل عدم وجود جهاز تشريعي أو أدوات رقابة ولا قوات أمنية لتنفيذ قرارته، فجهاز الأمن والشرطة كذلك القضاء لا يتبعان له بل لمجموعة الأربعة الإنقلابية حيث لن يكون له صلاحية التدخل في القرارات المصيرية كالحرب والسلم والعدالة كما أنه سيظل معزولاً عن السند الجماهيري والقوى المدنية ولجان المقاومة وكافة قوى الثورة بناءاً على السياسة التي تنتهجها المجموعة الإنقلابية وحاضنتها الكيزانية.
والامر الذي قد لا يكون وضعه الرجل الذي (أعمته) رغبتة الجامحة وحلمه القديم في تولي المنصب في حساباته بأنه يدخل ذلك المعترك في ظل حرب شاركت فيها أكثر من سبعون مليشيا مسلحة تختلف مساربها وأطماعها المستقبلية وعليه أن يقبل دخول قياداتها بكل سوءاتها (مجبراً) في تشكيله الوزاري وستغرد بقوة السلاح ومشاركتها في الحرب بعيداً عن رؤيته وقراراته ليجد نفسه يدور في دائرة مفرغة ولن يجد من الأحلام و(الهوشة) التي دخل بها اليوم بعد تنازله عن مستحقاته المالية سوى ما ظل يحلم به بإضافة جديدة لسيرته الذاتية كرئيس وزراء سابق ..
وسيرحل تاركا اوجاع الوطن كما هي ..
لا للحرب
نعم للسلام العادل
الجريدة