في “قلب المجاعة”.. بورتسودان تضيّق الخناق على المنظمات الإغاثية

في قرار جديد ضمن حملة استهداف العمل التطوعي والإغاثي، وضعت سلطة بورتسودان “اشتراطات” أمام أي جهات أو أفراد متطوّعين، في إجراءات، يرى مراقبون أنها تهدف إلى تعقيد جهود الإغاثة في بلاد يعاني نصف سكانها، أي 25 مليون شخص، من المجاعة، وفق أرقام أممية.
وزعمت سلطة بورتسودان أن الاشتراطات الجديدة جاءت لكون “العمل التطوعي يحتاج إلى تنظيم”، مهددة الأشخاص أو المجمعات العاملة في مجال الإغاثة بإجراءات حازمة.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تستهدف فيها سلطة بورتسودان، ففي نهاية أبريل الماضي، نفّذت أجهزتها الأمنية حملة اعتقالات واسعة النطاق لنشطاء ومتطوعين في “تكايا” تقدم خدمات إطعام مجانية في الخرطوم.
ويرى مراقبون أن الاستهداف المستمر لسلطة بورتسودان للعمل الإغاثي، يعكس إصراراً منها على تجويع السودانيين، بهدف صرف انتباهم عن أي شأن سياسي في البلاد، وجعل الحصول على الغذاء الهدف “الأكبر” للسودانيين.
ويذكّر مراقبون بالتصريحات العديدة التي صدرت عن مسؤولي سلطة بورتسودان “المنكرة” لأي مجاعة في البلاد، وكان أبرزها مؤخراً، لأحد مساعدي عبد الفتاح البرهان، وهو إبراهيم جابر، عضو ما يسمى “مجلس السيادة”.
وقال جابر في أبريل الماضي، إن الحديث عن مجاعة في البلاد “أكاذيب” يروّجها “البعض” بهدف “خلق ذرائع لتمرير أجندات خاصة” وفق تعبيره، بينما كان المرصد العالمي للجوع في الشهر ذاته يحذّر من أن نطاق المجاعة في السودان اتسع إلى 5 مناطق، ومن المرجح أن يمتد إلى 5 مناطق أخرى بحلول مايو الحالي.
استنكار شعبي
ولقيت التضييقات الأخيرة لسلطة بورتسودان على العمل التطوعي والإغاثي، رفضاً واستنكاراً شعبياً أكدته منشورات عديدة على مواقع التواصل، إذ اعتبرها نشطاء طريقة مستحدثة لفرض “الجباية” على السودانيين، لتمويل العجز المالي الذي تعاني منه.
كما اتهما آخرون بمحاولة اتخاذ قرارات “تؤكد فيها هيمنتها” ومحاولة فرض سلطة غير معترف فيها محلياً ودولياً، فيما دعت منشورات إلى تنفيذ احتجاجات، معتبرين أن “ثورة الجياع” تقترب.
وكانت قوات بورتسودان نفذت حملة أمنية في أبريل الماضي اعتقلت فيها عشرات النشطاء والمتطوعين، في الوقت الذي تصر فيه على رفض الاعتراف بوجود مجاعة وأزمة غذاء في البلاد، بينما تشير بيانات منظمة الزراعة والأغذية العالمية أن السودانيين يشكلون نحو 40% من مجمل الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في شرق أفريقيا والبالغ عددهم 63 مليوناً”.
وكانت سلطة بورتسودان علّقت مشاركتها في النظام العالمي، وهو قرار أُعتبر بأنه “تقويض الجهود الرامية إلى معاجلة إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم”، بحسب مسؤول في النظام العالمي لرصد ومراقبة الجوع.
وتواجه قوات بورتسودان والميليشيات الإخوانية المتحالفة معها، اتهامات متطابقة بين موظفين أمميين وناشطين، بأنه يقف وراء السبب الرئيس في معاناة السودانيين من الجوع الشديد، مع وصول معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات غير مسبوقة، إذ يستخدم التجويع كسلاح في الحرب من أجل تحقيق مكاسب عسكرية، من خلال إضعاف المدنيين، وزيادة معاناتهم.