أوكامبو كلامك صاح !!

كادت الجنائية أن (تخمش) البشير في جنوب أفريقيا.. وتعلقت كثير من القلوب والآمال  على مصير طائرة الرئيس التي غادرت شمالاً من مطار (ووتركلوف) العسكري في ضواحي بريتوريا رغم أنف  قرار قضائي بمنعه من مغادرة جنوب أفريقيا…

 اشتعلت الأسافير (الواجفة والقلقة) كما (الشامتة والموغلة في فجور الخصومة)، لتحط الطائرة في مطار الخرطوم بين فرحة واغتياظ.

يومها كان النظام في الخرطوم يغني لحناً واحداً:

(فيك يا البشير والله مانا مفرطين).

و…(أكان إيدينا فيك من المسك تتملخ

السما ينتكى وجلد النمل يتسلخ).

وتلك مشاهد لا زالت حاضرة برغم فوات الفوات.. حضورها ماثل بذات العنفوان والمكاجرة.. برغم أن مياهاً كثيرة قد جرت تحت وفوق الجسر.

وأعجب ما في ذلك الحضور أن الأطراف نفسها لا زالت تمسك بذات مواقفها برغم تغير الظروف الموضوعية التي نشأت فيها (مطالبات) تسليم البشير للمحكمة الجنائية ومعها (الممانعة المقابلة).

المعارضة كانت تسعى لوضع نهاية مذلة لنظام للبشير وعولت على المحكمة الجنائية لوضع حد لهذا الحكم الطويل الذي أعيا وسائلها والتهم كل مخططاتها وتحالفاتها واحداً تلو الآخر..

 آخر كروتهم الرابحة يومها كانت أن يقاد البشير إلى (لاهاي) وكان هذا خطاً وطنياً أحمر بالنسبة للنظام وأنصاره.. فتلك نهاية اللعبة و(كش ملك).. الأنصار استندوا إلى أسباب ومسوغات قانونية عدة تكتسب كثيراً من المقبولية والجدية متعلقة بشكل عام بـ :

-الحصانة الوظيفية.

-اتفاقية جنيف.

-السودان غير موقع ميثاق روما.

الآن تغير الوضع بالكامل وتحول البشير إلى كوبر حبيساً والتعايشي للسيادة على حساب “فدوى”.. فلماذا تصر تلك القوى وبعد أن آل إليها الطابور وانعقدت لها الأمور أن تمضي بالشوط إلى آخره وأن تجاهر بالسعي إلى الجنائية الدولية؟!.

 تدويل القضايا والسعي للتحاكم ليس في مصلحة أي سلطة وطنية.. وما تطلبه وأنت معارض لا يصلح وكونك حاكماً.. بل أن مأزقاً تاريخياً ينتظرهم إن أقدموا على ذلك.. سيتحول البشير إلى بطل شهيد .. كما أن فرص مقاضاته وإدانته في ظل الظروف الحاضرة والملابسات السادرة وضعف الأدلة والبينات المقدمة ضده مع الشكوك المتعاظمة في كيفية جلبها وفرضية اختلاقها. إضافة إلى فتور الرغبة الدولية الظاهرة وتصريحات مدعية المحكمة الجنائية الانسحابية : (أنا مستعدة لبدء حوار مع السلطات السودانية لإحالة المشتبه بهم في دارفور على قضاء مستقل ومحايد، إما في قاعة محكمة في لاهاي وإما في السودان).

كما أن ضعف الوازع المحرض الذي كان يسعى لمحاكمة البشير وهو رئيس حاكم وليس سابقاً، كل ذلك يجعل من خبر تحرك البشير إلى لاهاي هو بمثابة خبر سار لأنصار البشير، والبشير نفسه.. الذي أظنه يعاني مثل كل أهل السودان هذه الأيام من البعوض والذباب وانقطاع (الكهرباء والموية)…

 لو كنت مكان البشير لأوعزت إليهم – بلا تصريح- أن يرسلونني إلى  لاهاي مرفوع الهامة، بدلاً من الوقوف هكذا وحيداً أمام محكمة سيقف فيها أحمد إبراهيم الطاهر للدفاع عني!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى