الحروب في السودان

الحروب في السودان

أحمد الدرديري

يظل اختطاف الدولة من قبل معينة وتحويل مؤسساتها الأمنية (الجيش والشرطة والأمن) لأدوات قمع تقهر الريف والهامش وتقف ضد مطالبهم الشرعية المتمثلة في توسيع قالب الدولة واعترافه بالتعدد الثقافي والعرقي والديني في مؤسسات الدولة المختلفة، والتمثيل العادل في السلطة والتنمية المستدامة من موارد الأقاليم نفسها، وتوفير الخدمات الأساسية، تظل هذه الأسباب العريضة لحرب الجنوب ودارفور وشرق السودان والنيل الازرق وجبال النوبة وحرب الـ 15 من أبريل.

عقلية الجلابي النخبوي لن تقدم اعترافات بخلل الدولة ومحاولة معالجة أسباب الحروب، ولا يفقه غير لغة الحرب، وإن كانت على أشلاء السودانيين وتشريدهم وحرق قراهم وهدم منازلهم طالما هؤلاء السودانيين ليسوا بجلابة فلا أسف على البراميل فوق أجسادهم، وهذا نهج اتخذه طوال تاريخ حكمه وحربه مع الهامش، ومع استخدام ذات الخطاب فما وصف به الحركة الشعبية وحركة مناوي وما وصف به عقار هو ذات ما وصف به الدعم السريع، خطابات استهلكها الزمن ولم تعد ذات جدوى.

قرار الدعم السريع لدخول شندي ونهر النيل جاء ضمن توجيهات إدارة عملياته لإسقاط الفرقة الثالثة شندي وكمؤسسة لا تستهدف الجلابة كمكونات ومواطنين ولا تعتبرهم حاضنة للقوى الإرثيه كما يستهدف الجيش مواطنين غرب السودان ويعتبرهم حواضن للتمرد،  والفرق بين الجيش والدعم السريع  أن النخبة الارثيه سيطرت على قرار القوات المسلحة وحولتها لغفير يحمي امتيازاتهم ووجودهم في السلطة، وفشلت في السيطرة علي الدعم السريع،  فالدعم السريع تبنى حلول جذرية تنهي الأزمة السودانية للأبد لذلك في  اطروحاته يضم حتى الهامش النوبي والعربي في الشمالية ونهر النيل ويعتبر هذه البقعة من البقاع  المستبعدة والمهملة، ولم ينالوا من نخب الخرطوم سوى الانتماء للجلابة النخبويين أصحاب القصور والشركات والمسيطرين على مؤسسات الدولة الأمنية والمدنية، ومع ذلك توسيع دائرة الحرب في نهر النيل والشمالية تفرض على الجلابي النخبوي  خيارات أخرى ننتظرها بعد سقوط المنطقة.

لا خروج من نفق الحروب اللعينة في السودان بشكل جذري ونهائي إلا بتقديم اعترافات بخلل نظام السودان القديم مصنع الأزمات والحروب، وتوفير إرادة كاملة للطرفين بضرورة تجاوز الأزمة لصالح بناء دولة مواطنة حقيقة، دولة مؤسسات وقانون بأجهزة أمنية مستقلة وقضاء مستقل وفق نظام مدني فيدرالي ديمقراطي، ينهي التهميش والظلم التاريخي ويؤسس لعدالة اجتماعية شاملة، من أجل استقرار هذه البلاد اقتصادياً وسياسياً والمحافظة على وحدتها من التشرذم والانقسامات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى