الكيزان وسدنتهم يبيعون الإغاثة، يتاجرون في آلام الناس، ويهتفون، بل بس!

بحسب التسريبات حول الاتفاق الذي وقعه الكباشي في المنامة مع عبد الرحيم دقلو، فقد نص الاتفاق على ضرورة انهاء معاناة المواطنين بسبب الحرب وجبر اضرارها وإعادة بناء ما خربته، وانشاء نظام لعدالة انتقالية وتفكيك النظام القديم، وكما هو متوقع تكاثرت الضغوط على الكباشي بمجرد عودته من دعاة استمرار الحرب، الذين لا يقيمون وزنا لتضاعف معاناة المواطنين من حرب فقدوا بسببها كل شيء.

الحرب التي يسميها البرهان حرب الكرامة، هي حرب الكيزان للهروب من استحقاق المحاسبة على جرائم ثلاثة عقود من القتل والنهب والتدمير وشن الحروب، هي حرب محاولة الالتفاف على الثورة العظيمة التي اقتلعتهم من نعيم الفساد ورغد التسلط على العباد، حرب وراثة الثورة ومحاولة العودة للسلطة فوق أشلاء الشهداء، وخدعة النصر الزائف على عدو صنعوه بأيديهم لإذلال الناس. مثلما حاولوا خداع الناس يوما بفرية: اذهب إلى القصر رئيسا واذهب انا إلى السجن حبيسا! لأنه لا عدو للحركة الإسلامية سوى هذا الشعب وثورته الخالدة.

يسميها البرهان حرب الكرامة، وهو الذي لم يتوقف لحظة، منذ لحظة الخطأ التاريخي الذي اوصله لرئاسة المجلس الذي خلف المخلوع البشير، لم يتوقف لحظة عن إهدار كرامة مواطني هذه البلاد، فأقدم في أول أيامه في السلطة مدفوعاً من النظام القديم، على قتل المعتصمين السلميين ورمى بجثثهم في النيل، ولم يتوقف منذ ذلك الحين عن الكذب والتهريج والتراجع، ونقض الالتزامات والعهود.

يريد أن تصدق نبوءة والده حتى وإن كان الثمن هو موت الناس ودمار وطنهم. يتحدث عن الكرامة وهو شريك الكيزان في اشعال نار الحرب التي كان يعلم أنها لن تبقى ولن تذر، لكنه صدّق خدعة الكيزان بأنّ الحرب لن تكون سوى نزهة لن تتعدى الساعات الست، وسيتخلص بعدها من كل أعدائه عسكر ومدنيين، وستتحقق النبوءة ليبقى في المنصب إلى الأبد! يغمض عينيه عن الثورة العظيمة التي اقتلعت الانقلابي الذي سبقه! والتي بفضلها تحقق صعود نجمه البائس، وليس بفضل حلم والده!

كان يعلم أنّ القوة التي مهد لها الطريق وفتح لها الأبواب لن تكون لقمة سائغة، لكن الطمع جعله يصدّق الكيزان، ويسير في ركابهم، بل أنه اسلم لهم قياده منذ لحظة وصوله للسلطة، فعمد إلى فض الاعتصام، ثم تراجع واحنى رأسه امام عاصفة إعصار الثورة، ووقع الوثيقة الدستورية وهو يضمر الانقلاب عليها، وبعد عامين من محاولات عرقلة مسيرة الثورة بمعاونة دولة النظام القديم العميقة التي شنت حربا على الثورة، فأخفت السلع وضاربت في سعر الدولار وصنعت الازمات والانفلات الامني بواسطة عصابات (تسعة طويلة) التي صُنعت في مختبرات أجهزة امنها. وحين بدأ أن قطار الثورة كان ماض في طريقه رغم الكوارث والمصاعب، أوعزوا للجنتهم الأمنية للانقلاب على الحكومة المدنية! وحين فشل الانقلاب وتراجع العسكر أمام عاصفة الثورة، لم يبق لهم من سبيل سوى الحرب.

 الكباشي عاد من المنامة بعد توقيع الاتفاق، ولم يصمد كثيرا أمام ضغوط الكيزان قبل أن يبدأ في شن الهجوم على المدنيين وجهودهم من أجل وقف الحرب، فعدو الكيزان الأول هو الثورة ورموزها وليس الدعم السريع.

لا شك أن بعض ضباط الجيش يستشعرون عظم مسئولية استمرار هذه الحرب العبثية، التي لا هدف لها سوى امنيات حزب الاخوان النازي في الالتفاف على الثورة التي اقتلعته، لا شك أن هؤلاء الضباط يستشعرون عظم المصائب اليومية التي تترتب على استمرار الحرب العبثية: الضحايا الأبرياء الذين يسقطون يوميا بالمئات من نيران الطرفين المتحاربين، المرض والمجاعات ودمار الممتلكات وضياع مستقبل الأبناء، تعمُق الازمة بما يهدد وحدة البلاد وتماسك نسيجها المجتمعي.

لابد من توحد جهود كل أبناء هذه البلد المخلصين لوقف هذه الحرب، ولتفكيك النظام البائد الذي ما دامت الروح تنبض في عروقه فإن المؤامرات والحروب والمصائب لن تتوقف حتى تدفع بهذه البلاد إلى هاوية الفوضى الشاملة.

المواطنون يعانون من مشاكل النزوح بعد أن فقدوا كل شيء، يعانون المرض والجوع واستغلال تجار الأزمات لمحنتهم، ومواد الإغاثة التي وصلت للبلاد تباع في الأسواق على رؤوس الاشهاد! وفي تحقيق منشور لي سي إن، يعترف باعة مواد الإغاثة بشرائها من نافذين! إنه الفساد الذي استشرى في هذه البلاد برعاية دولة التمكين، الفساد الذي أقعد بهذه البلاد، أفقر مواطنيها واغرقها في الكوارث والحروب.

والكيزان وسدنتهم يبيعون مواد الإغاثة، يتاجرون في آلام الناس، ويهتفون، بل بس!

أحمد الملك

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى