صلاح الدين عووضة يكتب: ولا كلمة !

صلاح الدين عووضة يكتب: ولا كلمة !

 

 

بالمنطق

صلاح الدين عووضة

ولا كلمة !

رمضان كريم..

واليوم السادس من أبريل..

و أيه يعني؟… فلن نقول كلمة عن هذه الذكرى..

ولا كلمة في عامنا هذا… كفاية خلاص… كفاية وجع قلب..

فأحزابنا لا يأتي من تلقائها خيرٌ أبداً..

وليس أكبر من وجعها هذا سوى وجع الجحود… والنكران.. والإنكار..

وقبل أعوامٍ – عديدة – قال نقد خيراً..

وكانت قبضة الإنقاذ في قمة بطشها… وما من صوتٍ غير صوت الصحافة..

أو أصوات المعارضين من أهل الصحافة..

بينما أصوات المعارضة – الحزبية – ولا كلمة… ولا كلمة خالص..

أو كلماتٍ سرية… ومن وراء حجاب..

حينها قال نقد كلمة ظلت باقيةً في أذهان من لا ينكرون… ولا يجحدون..

قال إن المعارضة الحقيقية هي الصحافة..

وإن كانت ثمة معارضة ستؤتي أكلها فهي معارضة صحافتنا هذه..

وعندما آتت الصحافة أكلها… أكلته الأحزاب..

ثم مسح كلٌّ منها فمه ونكر… كما تنكَّر القطط… حسب الأمثال الشعبية..

نكروا حتى دور الصحافة… وتنكَّروا له..

تماماً كما تنكَّروا للثورة… وللثوار… ولدماء الثوار… ولتضحيات الثوار..

وزميلي التاي كان رفيق استدعاءاتٍ أمنية..

فدوماً ما كنا (نتعاقب)؛ أنا داخلٌ وهو خارج… أو أنا خارجٌ وهو داخل..

وآخر (تعاقب) كان قبل سقوط البشير بأيام..

والتهمة التي وُجهت لي يومها – ولعله وُوجه بمثلها كذلك – تقويض النظام..

ثم تأليب – وتأجيج – الشارع..

وقبل أيام كنا أنا ويوسف التاي هذا نفسه في مراجعة – ومؤانسة – هاتفية..

ونسترجع ذكرى أيامٍ أليمة خلت..

ثم تنكَّر الذين غدت أيامهم سعيدة للآلام هذه… ولكل من كانوا يألمون..

بل حتى لجرحى الثورة… وشهدائها… ومناضليها..

وانغمسوا – بأكثر من أهل النظام الساقط – في شهوات السلطة… ونعيمها..

وتنكَّروا لكل أحد… ولكل شيء..

حتى أن البعض تنكَّر للبعض الآخر من شركاء مواثيق ما بعد السقوط..

وعلى الصعيد الشخصي تعرَّضت لما هو أشد إيلاماً..

أشد إيلاماً من آلام ثلاثين عاماً جراء تبعات معارضة لم تنقطع يوماً..

وليس مصدر الألم التنكُّر – والجحود – وحسب..

وإنما ترفعٌ (فجائي) لا يمكن أن يصدر إلا من جانب مستجد نعمة..

وهؤلاء أثبتوا أنهم كانوا مستجدي نعمة فعلاً..

نعمة السلطة… ونعيمها، فاستكثروا علينا حتى مجرَّد الرد على مهاتفاتنا..

ومهاتفاتنا لم تكن إلا لأجل المناصحة..

فقد كنا نرى سقوطهم قريباً… ويرونه هم بعيداً… وظلوا في سكرتهم يعمهون..

واقرأ (سكرتهم) هذه كما شئت..

وعندما سقطوا تذكرونا فجأة – كما حكموا على حين فجأة – وطفقوا يعاتبوننا..

يعاتبونا على أننا لم نقل ولا كلمة..

ولا كلمة في سياق معارضةٍ جديدة… للوضع الجديد… أسوة بالوضع القديم..

ثم حين لم نستجب تحوَّل العتاب إلى هجوم..

ثم إلى شتمٍ… وسباب… وقلة أدب، ونحن نقول لهم: (تلقوها عند الغافل)..

لن نقول ولا كلمة – ولا كلمة – مما تشتهون..

ولكنا سنقول – في المقبل – كلمات… بل و(غنوات) كما غنى مصطفى..

نقول كلمات شكر في حق نفرٍ لم (ينخلعوا) بالسلطة..

وتقبلوا مناصحاتنا… ومعاتباتنا… وملاحظاتنا… ومهاتفاتنا… بصدورٍ رحبة..

هل قلت مهاتفاتنا؟..

نعم، فقد كانوا يردون على مهاتفاتنا فوراً، رغم أننا لا نعرفهم… ولا يعرفوننا..

وأعني المعرفة الشخصية..

بعكس الذين كان بعضٌ منهم تلاميذ لنا بمدرسة صاحبة الجلالة..

ثم كأنهم لم يكونوا معنا في (البلاط) هذا يوماً..

بل كأنهم عاشوا – ويعيشون – في بلاط صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا..

نعم سنقول كلمة… بل كلمات… سنقولها (بالحيل)..

شكراً جميلاً الأمين العام لمجلس السيادة الفريق ركن محمد الغالي..

وشكراً أصيلاً وزير خارجيتنا علي الصادق..

شكراً على أنه أعاد لوزارة الخارجية هيبتها ومكانتها… ثم يفعل ولا يتكلم..

بعكس التي كانت من قبله في منصبه..

فقد كانت تطير – وتتكلم – ولا تفعل، تطير حتى إلى أسوان من بعد القاهرة..

ثم تتنزه في حديقتها النباتية..

والسودانيون – هناك – يعانون من إجراءات الإقامة، وتجديدها..

فلم تفكر فيهم أبداً، لم تفكِّر إلا في نفسها..

وشكراً جزيلاً سفيرنا بالقاهرة محمد إلياس أن عالجت ما فشلت فيه هي..

عالجت أزمة إقامات السودانيين بمصر..

وشكراً أصيلاً مأمون حميدة وأنت تقبل من لا مال له بجامعتك..

وتعالج من لا مال له بمشافيك..

ثم لا تتكلم – ولا كلمة – في شأن إنساني مثل هذا… لا يعلم به الكثيرون..

وشكراً عميقاً والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة..

فقد أعطيت سلفك (القحتاوي) درساً في كيف يكون عمل الوالي ميدانياً..

وفي كيف يكون التواضع رداً على المكالمات..

وسنظل نقول كلمة… وكلمات..

فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله… ولكن لن نقول ولا كلمة من كلمات زمان..

الكلمات التي يهاجمنا البعض الآن على عدم قولها..

والذين حين دانت لهم السلطة – كبغتة زيد طلع – تنكَّروا لكلماتنا… وجحدوها..

هل قلتم إن اليوم يصادف ذكرى ثورة أبريل؟

ليت ردي يكون الكلمة تلك ذاتها التي حين كتبتها – قبل سنوات – عُوقبنا..

عُوقبت صحيفتنا بالإيقاف لثلاثة أيام..

ثم حين كتبها ابن الإنقاذ المدلل – الكلمة ذات الحرفين ذاتها – مرت مرور اللئام..

ولكني سأكتفي بكلمة واحدة..

كلمة واحدة فقط – اليوم – عن هذه الذكرى.

ولا كلمة !.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى