اتركوا الشمال لله والصحراء ..

*لما كان جدل الوحدة والانفصال على أشده، كتب أحد الصحفيين الأمريكيين يومئذ رسالة للإخوة الجنوبيين تحت عنوان، اتركوا الشمال لله والصحراء، مفادها.. أرجو أن تنفصلوا بجنوبكم الغني بالثروات الطبيعية، واتركوا الشمال لمشروعه الإسلامي والصحراء، والشيء بالسيء يذكر، فأرجو والحال هذه، أن يستعصم الآخرون بفضيلة الصبر والانتظار،  ويتركوا هذه المرحلة لليسار والأماني الحمراء ….

* فمن الاشتراطات الصارمة جداً التي لا يمكن التنازل عنها، كما صرح عضو بلجنة ترشيح الوزراء في كتلة الحرية والتغيير، هي شرط التأكد من عدم وجود أي علاقة للعضو المرشح بالإسلاميين، بل أن يكون صاحب سجل مشرف ومشهود في مناهضة الإسلاميين والنضال ضدهم، ومن ثم تأتي شروط الخبرة والكفاءة و… و…

*وبهذا يمكننا القول بأن جميع المناصب في مجالس السيادة و الوزراء، وصولاً إلى وظائف الإحلال والإبدال المرتقبة في أجهزة الدولة العليا، ستكون خالصة لكوادر اليسار، حتى الكوادر التي تأتي من قبل الأحزاب التقليدية، الأمة والاتحادي ستكون ذات ميول يسارية، وبطبيعة الحال سيكون لشيخ اليسار السوداني، الحزب الشيوعي، نصيب الأسد في هذه التشكيلات عبر كوادره المزروعة في كل التجمعات والكتل والأحزاب ولجان المهنيين و…و… 

*حتى المجلس التشريعي هو الآخر سيكون خالصاً لقوى الحرية والتغيير، نظراً لأن الوثيقة الدستورية قد أعطت هذه القوى حق ترشيح ثلثي أعضاء المجلس، كما منحتها في المقابل حق اختيار الثلث الأخير من القوى الأخرى،  على أن قوى الحربة والتغيير في هذه الحالة ستلتزم لا محالة باشتراطها المحوري الباهظ، الذي يقول بأن كل عضوية هياكل الفترة الانتقالية يفترض أن تكون ممن يناهضون فكر الإسلاميين و… و..

*وبرغم أن نسبة الثلثين في عضوية المجلس التشريعي تكفي لتمرير كل القوانين والسياسات، غير أن قوى اليسار ستعمل على جعل كل أعضاء المجلس ممن يؤيدون الفكر اليساري ويناهضون التوجه الإسلامي، لذلك فإن كثيراً من أوساط القوى الأخرى ترفض المشاركة في التشريعي حتى لا  تكون مجرد زينة ديمقراطية، طالما أن كل القرارات ستمر بآلية الأغلبية الميكانيكية و….و…

* على القوى الأخرى جميعاً، والحال هذه،  أن تترك الفرصة كاملة لليسار السوداني، كما في المقابل على اليسار أن (يتحزم ويتلزم ويشيل شيلتو) ولا يتدارى خلف اية قوى أخرى حتى تكون الأمور واضحة، ومن ثم يكون اليسار السوداني بعد نصف قرن من تجربة انقلاب ثورة مايو الحمراء، يكون مرة أخرى أمام التاريخ والأجيال ….

* لقد مضت صفحة الإسلاميين بخيرها وشرها إلى محاكم التاريخ، والآن نحن أمام دورة أخرى للتاريخ يقودها اليسار السوداني، على أن هنالك تحديات كبيرة جداً تنتظر كادر الجبهة الديمقراطية الدكتور عبد الله حمدوك، يزيد عن ضغوط وتعقيدات المشهد قلة صبر شباب الثورة شديد الحساسية والحماسة، وهو الذي  يتصور أنه بمجرد تحقيق المدنية، بأن الأرض ستملأ قمحاً وعدلاً كما ملئت جوراً وجدباً… 

وليس هذا كل ما هناك..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى