Site icon صحيفة الصيحة

لا تتنازعوا فتفشلوا

لا شيء يستدعي كل هذا الضجيج والصخب.. سيادي مفروض نختار له 5 مدنيين… نكتب مواصفاتنا والمعايير، نستقبل الترشيحات ونمارس تمحيصهم جرحاً وتعديلاً ثم نسعى للتوافق حول المرشحين، فإن استحال طوالي نمشي على التصويت, وباتفاق مبرم إن كل ما دار هنا سنتركه هنا قبولاً كاملاً بالقرار.. ونخش طوالي على مجلس الوزراء (نكتب الكتاب ونعلي الجواب) بيقين أنه سيقوم بذمتهم أدناهم.. و(نبقى حزمة كفانا المهازل) .. أي عشرين مستقلين (ما كيزان ولا من شركاء الكيزان) قادرون على إحداث الفرق الذي تنتظره الجماهير التي أدمت أكفها والحناجر وصنعت لكم بالعرق والدم تلك السانحة لتعبروا بها وبهم إلى ذرى الآمال والطموحات فلا تقتلوها وتقتلوهم وقد خرجوا لتوّهم من بين فرث ودم.

(دم الشهيد ما راح) هتاف أطلقه الشارع عن وعي وبصيرة فلا تردوه لينعم بجنون خلافاتكم ذاهلاً متقاصرًا عن بلوغ الغايات فيتشاغل بالتبكيت على حال البلد الواقف ويردد بلا احتراز مكملاً المقطع (كنداكة رقمك صاح).

البدايات مهمة وعليكم أن تتعلموا من تاريخ النضال القريب، فلا تكرروا مرثية هاشم صديق الخالدة:

(لئيمة مكايد الأحقاد

وكت تنعيكا للدنيا

قبيحَه خناجِر الأصحاب

وكت تطعن ضَهَر غُنية)

أسوأ ما في هذا المراء أنه يؤسس للطريقة التي سوف تدار بها الأمور وتتداول عبرها القرارات في المرحلة الانتقالية، ولكم أفنت الورى الفتن.. غرقتم في شبر (السيادي) فكيف بكم و(التقيل الجاي ورا) حتى إننا ومن فرط فداحة التكليف وعظم المسئولية أشفقنا عليكم من أين تبدأون !؟ خاصة وأن سقف الطموحات أصبح كبيراً والبحر طحين وقمحاً ووعداً وتمني.

قابلت بعضاً من الذين ذبلت أجسادهم في منهمك صناعة التغيير والثورة سهراً وشوقاً للصباح الأبلج.. لكنهم بدوا أنهم مستعدون للتنازل عن ما تبقى من شحومهم واللحوم لصالح جدال طويل وعقيم بدأ للتو والشيطان.. كانوا مستثارين بذاك الاحتقان الحادث في مرشحي السيادي وحاولت أن أجد لهم العذر والمبرر لتلك الجلبة والاستثارة.. ولم أجد.. لكنني أيقنت أن العدوى كارثية بما يشبه الوباء.. جميعهم يصرخ بلا سقف بينما لا قضية تستحق.. كل الخلافات الدائرة الآن هي خلافات ستغدو منطقية ومطلوبة إن تمت إدارتها والتداول في الممرات التي تضبطها وتفرز معالجتها، فيسهر الناس جراها ويختصم حتى إذا ما وصلنا إلى قرار قبلنا وصمتنا وإلى الأبد..

هكذا هي سنن التداول للأقضية والصروف بمعادل موثوق به, قوامه أن اتفاق الناس جميعهم على صعيد واحد ضرب من ضروب المستحيل..

(لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم)..

قلوب بكت وقلوب تباكت وهي تخطو نحو فترة الانتقال.. فأما الذين اخضوضرت لغنائهم الأعشاب كانوا على صعيد الإيجابية واليقين بأنه (ليس مهم اللقطة.. المهم القون) فلم ينشغلوا بالصغائر والنتف، على عكس الذين يطيقون فكرة الاضلاع بهذه المسئولية ويستنكفون مطلوباتها, والذين وثبوا إلى كل (فارغة ومقدودة)، مشاركة حامية الوطيس حشفاً وسوء كيلة, بضاعة لا تستحق وبائع لا يستحي..

ليعصم (الرجرجة والدهماء) ألسنتهم عن إثارة النقع للعراك وليعلموا أن ما ينتظرنا من مهام لا ينبغي فيه التأخير ولا يصح معه

(خطوة واحدة أيوه.. التانية مستحيلة)، لأن هاشم صديق نفسه سيعيد على مسامعنا قراءة بقية الرواية المكرورة الحاضرة:

واستنيت خلاص بلدي

بأيد ثوار من المريخ

سيوف ميتة وطول أقزام

كرهت تفاهة الثوار

وكت يبقى النضال قعدة

كرهت قصائد الحفلات

عن “الثورة” وعن “الجبهة

كرهت معارك الأحقاد

تحيل اسم البلد لعبة

Exit mobile version