دعوا الجنوب شقيقاً!!

الدعوة التي أطلقتها قوى الحرية والتغيير في خطابها السياسي يوم السبت في حضور الرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت “بعودة الجنوب” دعوة غير عقلانية.. ولا تحترم كبير السودان سناً ومقاماً الفريق سلفاكير الذي جاء للسودان وفاء لعهد ولتراب كان جزءاً منه, ولكنه أرغم على المضي لسبيله حينما ضاقت صدور النخب الشمالية بمواطنين يمثلون جغرافية الجنوب وتراكمت أسباب الانفصال حتى بلغت مرحلة الفراق برغبة أغلبية أهل الجنوب.. واليوم يطل من منبر احتفائي ممثل قوى الحرية والتغيير “محمد ناجي الأصم” ويطلق دعوته بعودة الجنوب ويهتف البعض “لن نرجع إلا الجنوب يرجع” كأن هذا الجنوب ملك يمين وحديقة منزلية اختطفتها البلدية في غفلة من مالكها..!

الجنوب مضى لسبيله دولة حرة وإن كانت لقوى الحرية والتغيير حكمة وحنكة وعين تبصر وقلب يعي لبذلت جهدها في الحفاظ على ما تبقى من السودان.. ولو كانت قوى الحرية حريصة على وحدة شعبها لما خرجت معسكرات النازحين في دارفور يوم عرسها رفضاً لوثيقة لم تتسع لتشمل أهل المنطقتين ودارفور..

جنوب السودان مضى لسبيله لتراكم الفشل التاريخي لنخب المركز الشمالي واحتقارها لثقافات الآخرين وإصرارها على طمس هويات قوميات السودان المتعددة، ويعتبر الأصم الكبير نموذجاً وشاهداً على سوء التقدير وسلب الحقوق وحزبه يقدمه في انتخابات الجمعية التأسيسية لينوب عن دائرة كادقلي الجنوبية.. ليمثل ريفي البرام واللقوري وشات الدمام دون اعتبار لحق هؤلاء في تمثيل أنفسهم.. واليوم يعتلي الأصم الصغير المنابر ويتحدث بلهجة “متعالية” وخطاب شوفوني مزهواً بما تحقق من نصر على حكم عمر البشير وبدلاً من النظر إلى مطلوبات المرحلة القادمة وتقديم رؤية قوى الحرية والتغيير لإصلاح الاقتصاد والاهتمام بقضايا الجماهير التي طحنها البؤس وقهرها الفقر طفق يدعو لعودة الجنوب ولم تطرف “عيناه” وسلفاكير جالس يحدق في القاعة الفسيحة التي احتضنت الاحتفالية..!

دفع السودان من قبل ثمن طموحات الإسلاميين وأممية خطابهم في بواكير سنوات حكمهم.. ذاق الشعب مرارة الحصار والمقاطعة لغياب الرشد السياسي في الخطاب عبر المنابر وكان حرياً بقوى اليسار التي أمسكت بحكم البلاد اليوم أن تتعلم من تجربة الإسلاميين ولا تعيد إنتاج الخطاب المأزوم الذي يجلب لبلادنا عداء الجار وأهل الدار.. ما كان لائقاً “بهتيفة” قوى الحرية والتغيير داخل قاعة الصداقة وهؤلاء تم اختيارهم بعناية إظهار البرود نحو مصر.. والحماس والهتاف لإثيوبيا بما يشبه “مكايدة” الصبية لبعضهم البعض.. في مقام الجد لا الهزل..

وأخيراً فإن الإمام الصادق المهدي بدا “مغلوباً” على أمره.. وقد اختار لنفسه وحزبه مقاماً لا يليق بتاريخه ورصيده الجماهيري في زفة قوى الحرية والتغيير..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى