مُشاركة السودان في مؤتمر الدوحة.. ضرورة أم تغريدٌ خارج السِرب؟

مُشاركة السودان في مؤتمر الدوحة.. ضرورة أم تغريدٌ خارج السِرب؟

تقرير- مريم أبَّشر

يتوجَّه رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، إلى العاصمة القطرية الدوحة للمشاركة في القمة التي دعت لها الأمم المتحدة للبلاد الأقل نمواً  والمقرر أن تستضيفها العاصمة القطرية الدوحة خلال الفترة من 5 – 9 من مارس المقبل.

وبحسب مصادر، فإن وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم، سيكون رفقته  بجانب عدد من المسؤولين بالقصر ووزارة الخارجية، فيما ينضم للوفد بالدوحة وزير الخارجية المُكلف السفير  علي الصادق، للمشاركة في المؤتمر.

توقيت مهم

ويمثل مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نمواً البالغ عددها (٤٦) دولة، فرصةً لا تُتاح إلا مرة واحدة كل عشر سنوات، لتسريع التنمية المستدامة في المناطق الأكثر حاجة إلى المساعدة الدولية، فضلاً عن الاستفادة من الإمكانات الكاملة لأقل البلدان نمواً على نحو يساعدها على التقدُّم نحو الازدهار عبر تنفيذ، برامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

والسودان وفق المعطيات الماثلة يحتل المرتبة الأخيرة للبلدان الأقل نمواً، رغم أنه أغنى بلدان العالم من حيث الموارد المختلفة زراعية ومعدنية، بل من أكثرها من حيث الموارد المائية وتعدد مصادرها غير أن الخلافات السياسية وتعقيدات الراهن بين القوة السياسية المدنية والأخرى العسكرية خاصه بعد انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، في العام ٢٠٢١ م، جعله يعيش أسوأ الأوضاع الاقتصادية والسياسية، بعد أن أعاده الانقلاب إلى مربع العزلة الدولية وإيقاف المساعدات الإنسانية عنه، التي أفلحت ثورة ديسمبر إبان عهد حكومة الدكتور عبد الله حمدوك، في كسرها، حيث خطى السودان خطوات جادة وعملية نحو الاندماج في المجتمع الدولي والاستفادة من الميزات المقصودة للدول الأقل نمواً من مؤسسات التمويل الدولية .

أجندة مهمة

يناقش  المؤتمر حسب، الممثلة السامية للأمم المتحدة لأقل البلدان نمواً والبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية، الذي يجمع  قادة العالم مع ممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني والبرلمانيين والشباب عدة ملفات  بجانب طرح أفكار جديدة، والحصول على تعهدات جديدة بالدعم، وتحفيز الوفاء بالالتزامات المتفق عليها من خلال برنامج عمل الدوحة الذي  يعد اختباراً أساسياً.

وقالت الممثلة الأممية: إن الكيفية التي تساعد بها الأمم المتحدة  الدول الأعضاء الأكثر ضعفاً خلال فترة الخطر تمثل اختباراً أساسياً لفكرة ضمان عدم تخلف أحد عن ركب التقدُّم ولالتزامنا العالمي بالتضامن والتعاون.

ويتضمَّن المؤتمر جلسات عامة تُعقَد بموازاتها اجتماعات مواضيعية رفيعة المستوى، فضلاً عن سلسلة من الأحداث الجانبية بشأن مختلف  المواضيع ذات الأولوية.

وسيتم خلال المؤتمر وضع مقترحات لعقد  شراكات والتعهد بتنفيذ برنامج عمل الدوحة- الذي يمثل خارطة طريق للمجتمع الدولي بأسره لمساعدة أقل البلدان نمواً على تحقيق تعافي مرن من الأزمات الحالية وتسريع تقدُّمنا نحو تحقيق أهـداف. وأوضحت الممثلة السامية أن أقل البلدان نمواً تواجه العديد من التحديات التي تقف عقبة في طريق تنميتها الاجتماعية والاقتصادية.

ومن المقرر أن يتوجه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى العاصمة القطرية الدوحة لحضور قمة ومؤتمر الدول الأقل نمواً، حيث سيدعو إلى تنفيذ خطة عمل الدوحة التي اعتمدت في الجزء الأول من المؤتمر في مارس من العام الماضي.

وسيشدِّد الأمين العام -أيضاً- على ضرورة عدم إضاعة الوقت، إذ إن الدول الأقل نمواً عالقة في موجة من الأزمات وعدم اليقين والفوضى المناخية والظلم الدولي العميق. وسيدعو الدول المتقدِّمة إلى الوفاء بتعهداتها بشأن تقديم المساعدات المناخية والتنموية والتدابير الأخرى للدول الأقل نمواً.

جدوى

البروفيسور عبده مختار، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات رسم في حديثه لـ(الصيحة) صورة قاتمة  للوضع الذي يعيش فيه السودان، وتساءل عن جدوى مشاركة السودان في مؤتمر للبلدان الأقل نمواً والمتعلق بتنفيذ برامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والسودان يفتقر لتنفيذ التنمية التقليدية في أدنى مستوياتهم، ويرى مختار أن هذه الفترة التي يعيش فيها السودان -حالياً- تدير البلاد حكومة غير شرعية باعتبار أنها حكومة مؤقتة  (حكومة أمر واقع)  لم تفوَّض أو تأتي بانتخابات وبالتالي ليس في مقدورها إبرام اتفاقيات أو برامج، لأنها ليست في موقع من يمثل السودان وإرادته واعتبر، مثل هذه المشاركات لا فائدة يجنيها السودان من ورائها .

المستدامة

وأشار إلى أن أهم برامج  مؤتمر الدول الأقل نمواً هو تنفيذ برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. وقال: السودان -الآن- وصل مرحلة يبحث فيها عن تنفيذ برامج التنمية التقليدية وأن مفهوم تنفيذ برامج التنمية المستدامة لم نصل إليه بعد، وأن المشاركة في هذا المحفل غير مفيدة، وزاد: علينا -الآن- أن نحدث تقدُّماً في التنمية التقليدية، لافتاً إلى أن السودان يعيش أسوأ الأوضاع من حيث الخدمات الضرورية المتمثلة في الخدمات الضرورية من مياه وصحة وكهرباء وتعليم، وأشار إلى أن أكثر من سبعة ملايين، خارج الدراسة، وهنالك تسرُّب مخيف من المدارس بسبب الفقر،  وأضاف قائلاً: علينا إنجاز التنمية التقليدية أولاً ثم نبحث عن المستدامة التي لديها علاقة بالإبعاد الأخلاقية واقتصادية المتعلقة بالمحافظة على البيئة والمناخ. وتابع: نحن لم نصل بعد لهذه المرحلة، أرضنا بِكر لم تستغل بعد لتحقيق أولويات التنمية التقليدية.

أساسيات

ذات الصورة القاتمة  للأوضاع التي يمر بها السودان رسمها -أيضاً- السفير جمال محمد إبراهيم، مضيفاً أن أي مشاركة في ظل الوضع الراهن الذي تفتقر فيه البلاد للجهاز التنفيذي والتشريعي وأساسيات الدولة تغريد خارج السرب، وتساءل عن جدوى الدعوة أصلاً، وأكد أن أي مشاركة للسودان في ظل الوضع الراهن لن يكون   لها أي مردود سياسي، وقال: نحن نحتاج أولاً لترتيب الأوضاع الداخلية والهياكل الدستورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى