ما بعد المهرجان !

فرحة كبيرة تغمرنا اليوم بمناسبة التوقيع النهائي وبالأحرف الكاملة على الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري الانتقالى وقوى الحرية والتغيير “قحت”، وقد سبق أن هللنا وابتهجنا بعد إعلان الوسيط الإفريقي عن التوصل الى اتفاق كامل حول الوثيقة الدستورية وحول كافة المسائل والإجراءات الانتقالية .. هي فرحة صادقة للوطن، عمت يومها، وتعم اليوم معظم قطاعات الشعب، مع الاعتراف بأن شيئاً من الخوف والتوجس ما يزال قائماً يترقب !

الوثيقة الدستورية – حسبما أُعلن – وزّعت السلطات وحدّدت التبعيات وسمّت المفوضيات واعتمدت وثيقة الحقوق وتطرقت لقضايا صلاحيات لجنة التحقيق، أنواع وحدود الحصانات وضوابط وإجراءات تعيين حاملي الجنسية المزدوجة في المناصب الدستورية وغير ذلك من النقاط الخلافية ! وتلك جميعها مسائل مهمة تتأسس عليها معالم ومسارات المرحلة المقبلة، لكن تبقى العبرة في التنفيذ وفي الجدية وفي الالتزام بروح الشراكة قبل نصوصها .

كما قلنا من قبل، فإن تجربة الأشهر الماضية وما سادها من اهتزاز ثقة ومماحكات و”طق حنك”، وما عاشه الناس وعانوه من مظاهر مترسة الطرق والحرائق وأخذ القانون باليد واستغلال الأطفال، وما تابعوه من إعلانات وتصريحات، وما عاشوه من فوضى في الأسواق وغلاء وكَبَد ومعاناة فإن التفاؤل يبقى مشوباً بالحذر، وسينتظر الناس ما بعد مهرجان وكرنفال التوقيع وكلمات الضيوف ونصائحهم والتزاماتهم المعتادة بالدعم والإسناد، ليروا ملامح المستقبل .

الإنقاذ باتت حقبة سابقة في تاريخنا الوطني، حقبة طويلة سادت لثلاثين عاماً، أنجز خلالها البشير ورفاقه الكثير جداً من المشروعات والبنيات والصروح مما يصعب إنكاره أو تجاوزه، وأخفق البشير كذلك في ملفات ومجالات عديدة غير خافية على كل حصيف، الواجب والصائب أن يجتهد الحكام الجدد في تثبيت إنجازات الإنقاذ وتطويرها وتعظيم الفائدة منها، كذلك اقتلاع السلبيات والإخفاقات وتأسيس وبناء ما يرونه أصلح وأنسب وأفيد مكانها .. هكذا تتراكم التجارب الوطنية بدون حساسيات، وتنبني على بعضها البعض .

إنه يوم فرحة وفأل واستبشار، نأمل أن ينتهي الكرنفال بنهاية فقراته، وينصرف الشركاء دون تلكؤ الى تشكيل مجلس السيادة ورئيس الوزراء ولتشكيل الحكومة والمفوضيات ثم القفز على هذه الأُطر والهياكل المهمة إلى الأوْلى والأهم وهو تحسين معاش الناس وخدماتهم، وتغذية وتمتين لُحمة التسامح والسلام والعدالة حتى لا تُهدر الطاقات في الاحتقان والكيد والاحتراب الداخلي الذي لا يَنبُتُ ولا يتعاظمُ إلا في مُناخ الكراهية والإقصاء والضيق بالآخر .

أدام اللهُ وأتمّ أفراح الوطن

خارج الإطار: حزمة رسائل وصلت لبريدنا من القراء الكرام حبيب بابو عبد الله، عبد الله إدريس “الرهد – مدني” ، رقية جابر “أم محمد” وإبراهيم حامد “كسلا” .. تهاني بالعيد وأفراح الاتفاق الوطني والسياسي وتحمل الرسائل بعض الأفكار الجيدة. .

الرقم 0912392489 مخصص لاستقبال رسائلكم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى