صلاح محمد عبد الدائم (شكوكو) يكتب: بابكر صديق.. رجل متعدد الواجهات الفنية

هو رجل مترع بالجمال وروعة الخصال.. كثير التأمل.. جزل العبارة.. وضاح المحيا يحدثك بهدوء يحسد عليه.. لكنه في ذات الأوان حاسم وحاد عند مقتضيات الحدة والحسم.

في استقامة المآذن واستواء المصلين .. لايعجبه الحال المائل .. ولا يعرف استيطان المواقف .. دائم الحركة والإنجاز ..سهل وهين ولطيف .. جرابه مليء بالحكايات والقصص والأحداث .. ويعرف التوصيف والسرد وفن الرواية والحكاية .

منعزل نوعاً ما .. وكدأب الفنانيين يحب الاحتباس الذاتي والخلوة والتأمل .

يلتقيك بشاشة وترحابا .. وبطيب خاطر نبيل .. موشح بالترحاب ولطف العبارة .

ولد نشأ وترعرع في حلة حمد ببحري فارتوى برحيق حمد وخوجلي وحي (الاستبالية) وضريح السيد علي وهناك تفرس الوجوه .. واستمع إلى صافرة النقل النهري .وكما الكاشف انتقل إلى الجزيرة مدني حيث الحضارة وانتشارها في المدارس والنوادي والخصرة والجمال ..

ذوَّب معينه البحراوي باخضرار مدني .. فتولَّد خاطره الفني المخبوء في الشعر والتشكيل والموسيقى والفنون .متعدد المواهب .. يكتب شعراً تجريدياً غاية في التوصيف والموغل البيان .

تتسرَّب معاني قصائده في النفس  عبر المسام .. فتحدث شدواً كامناً في سراديب النفس .

إيقاعه الشعري يشبه لوحاته إلى حد بعيد .. رغم استقامة معانية التي تشبه إلى حد كبير (مشق) خطوطه في فن كتابة الحرف العربي .. حالة إبداعية فارقة .. وكنز من الشجن المتحرِّك في دنياوات الفنون .

بابكر صديق عثمان تخرَّج في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية وهو من مؤسسي رابطة الجزيرة للآداب والفنون ومن أوائل السودانيين الذين نشروا لوحاتهم ورسوماتهم بمجلة عربية وهي (صباح الخير) المصرية في الفترة ما بين العام 1996م . وحتي 2006م .

عمل رئيساً لقسم الديكور بتلفزيون السودان (القومي) .. شارك في كثير من المعارض التشكيلية باسم السودان على مستوى الدول العربية .. بدأت بداياته الإعلامية منطلقاً من تلفزيون الجزيرة عبر برامج (نادي الفنون .. ثم دنيا الفنون .. وكذلك لمسات فنية .. وأخيرًا  المحراب) ومن ثم انتقل للتلفزيون القومي وقدَّم برنامجه الشهير (أصوات أنامل) الذي انطلق في العام 1986م واستمر حتى 2006م ثم (نجوم الغد) الذي استمر منذ العام 1999م بالنيل الأزرق حتى وقت قريب .

والمتأمل في مقدمة هذه البرامج التي قدمتها روعة (التتر) وديكوراتها ومنها سيدرك دون شك عبقرية هذا الفنان الصامت .. شاهدته عبر الشاشة بزوايا مختلفة قبل أن أعرفه وسمعت آراء الناس فيه بحياد .. ثم التقيته حين التحقت بقناة النيل الأزرق فوجدتني أمام رجل له أكثر من واجهة وأكثر من إطلالة وكأنه ينافس نفسه وذاته في سوح الإبداع .

جمعت بيني وبينه مودة خالصة وأحسب أن جزءاً منها يكمن في بعض المشتركات الفنية كالرسم والخطوط والشعر والعزف والكتابة وبعض الخفايا.

وجدت نفسي أمام رجل مطرز الحواف بزخرف يحدد إطار شخصيته .. ويرسم ملامحه بدقة .

الرجل مهتم إلى حد كبير بفن الغناء .. وموثق جيِّد لاتجاهاته وضروبه وحركته . صوب معينه الفني صوب المواهب فأختار منها الدرر بأذن مرهفة وإحساس يلامس الأوتار .. ففجر طاقات ومواهب ملأ بها الساحة الفنية .

يحتفظ في ذاكرته وإرشيفه بتفاصيل وكنوز تستحق أن تفرد لها مساحات وساحات ليستدركها الناس .. وحتى لاتضيع في أرفف النسيان .

بابكر صديق حالة إبداعية خالصة  وكنز مكنون بالسحر والفنون وتعدد الإيقاعات والملكات والمواهب . . كثيرون يخلطون بينه وبين الأستاذ بابكر حنين .. ولعل عملهما بالإعلام رابط والاسم له نصيب في ذلك .

يعتبر الرجل أصدق مثال لاندياحات السودان وتلاوينه الوجدانية .. فهو نوبي الجذور من شمال السودان .. بحراوي المنشأ  مدني الخاطر والوجدان ..

يستحق التكريم والتقديم وجزالة الشكر .. فقد قدم ولم يستبق شيئاً .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى