محمد علي التوم من الله يكتب: حتى لو طارت غنماية!!

كلامتير

محمد علي التوم من الله

حتى لو طارت غنماية!!

هنالك مَن يعمل على نقيض القاعدة الحضارية الراقية في الحوار والنقاش والتفاهم التي تقول: (الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية).

وقد يكون الاختلاف في الرأي له جانب إيجابي يحسنه أو يصححه وهو الذي يقول: (نصف رأيك عند أخيك).

والذي يدعي أو يظن ويرى أن رأيه هو الأصوب دائماً ودونه مُخطئ، ويصر على ذلك، فهو دُون أن يشعر يصنف نفسه مع فرعون، الذي قال من قبل: (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى).

ومن الناس من أن حاورته أو ناقشته في أي أمر من الأمور واختلفت معه فيما يظن إنه صحيح، أمطرك بوابل من النعوت فيها اتهامات تقلل من شأنك لا علاقه لها بالموضوع المطروح لا تُليق بآداب الحوار. فربما تؤدي في بعض الأحيان إلى إفساد الود بين الطرفين.

إن الود خُلق إنساني رفيع، وهو باب من أبواب التراحم، بل بفضله ما يرجح ميزان الحسنات.

والأوثق عند أهل البصيرة أن الحكمة ضالة المؤمن فإن وجدها في أي مكان ومن أي إنسان فرح بها وتواضع في القبول.

إن الذي يغلق دونه نوافذ النسيم يعش ابداً مكتوماً بجحيم الهجير.

وقد يكون محتملاً أن الرأي الذي تسمعه لنظيرك وتحليه بأدب الحوار، يكون ذلك بمثابة (مضادات حيوية) تُعين مَن يترفّع عن قبول الصحيح أن يراجع مع نفسه إن جلس إليها منفرداً.

ومن الناس من يستيقن الحق لكنه يكابر إن كان عنيداً.

إن كيمياء تواتر الأيام كفيلة بأن تجلي معادن الصاح والخطأ ولو بعد حين. وكما يقول بيت الحكمة: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزود.

ومن الناس من يعتبر جدله (مناكفة) كمثل اللذين اختلفا في خيال شبحٍ بعيدٍ، لاح لهما في الأُفق وهما يترافقان في الطريق، فجزم الأول أنها (غنماية)، وقال الآخر بل ذلك (صقر)، فلما اقتربا منه طار الذي كانا فيه يختلفان، فقال المناكف لأخيه: (حتى لو طارت غنماية)!!!

وعلى شاكله هذا، هناك من يكتمون الحق ويُعاندونه، فقد ينتصر لآرائه حتى لو كانت مُلوّثة بالخطأ والغرض أو التقاضي عن الحق لمصلحة خاصة.

الذي يتمترس ويدافع عن آرائه مهما كانت خاطئة لينصرها، يقال عنه مكابر.

إننا نعيش اليوم في عالم يتنكّر الباطل فيه بثياب الحق ببراعة فائقة وفنون شتّى، اتّخذت لنفسها مرابط ومعاقل وأستديوهات وقواعد ومَنَصّات ودوائر وفضائيات ومصانع، بلو أوكاراً أحياناً، تجعلك ترى الغنماية وهي تطير!! فلا تحتاج بعدها لتكذيبها.

وهي تستخدم أذكى أساليب التضليل لتصل لغاياتها وأهدافها. سبحان الله فإن كل ذلك لا يفوت على فطنه الإنسان السوي.

إنّ مواقع التواصل الاجتماعي اليوم أصبحت حظيرة تكثر فيها الأغنام الطائرة، وكذلك الفضائيات، وفي أروقة الأحزاب اللاهثة وراء المُكتسبات الحزبية الضيِّقة واللوبيات والعصابات التي تستثمر في تلك الأجواء العاصفة، وتصطاد في المياه العكرة. وحتى في عالمنا المُلتهب الذي ارتفعت درجة حرارته ويتهدّده الصراع بين الكبار يُهدِّدون أمنه وسلامته، هم أيضًا يزعمون بأنّ الطائرة تلك إنّما هي غنماية!!

والله المُستعان،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى