Site icon صحيفة الصيحة

عبد الوهاب هلاوي: ندمت على التعاون مع بعض الفنانين!!

 

عبد الوهاب هلاوي.. اسم تصاحبه رقة المفردة، ونفوذها الى شغاف القلوب.. قصائده مملوءة بالحنين إلى ديار حُبه وطفولته كسلا، والقافية عنده شرود الى المعاني البعيدة، المهمومة بتفاصيل الحياة اليومية عبر شاطئ القاش الى الخرطوم، فعرفته مجالس الطرب بأغنيات لا تزال في خلد جمهور الغناء عند زيدان إبراهيم وعركي وعبد العظيم حركة وعبد الكريم الكابلي وعقد الجلاد… وشهدت له الساحة الفنية في الآونة الأخيرة نمطاً فريداً واسلوباً مغايراً يتعلق بالأغنية القصيرة (الميني نص) والتي أسماها ضمن مشروعه الشعري بالمشاعل، نلتقي وعبد الوهاب هلاوي ما بين كسلا والخرطوم محطات ومحطات أخرى، في هذا الجزء الأخير من حواره

عوة إلى رحلتك الشعرية، والتعامل مع الفنانين الكبار؟

– في كسلا كنت اتابع الرحلات الفنية التي تنتظم إلى أقاليم السودان المختلفة، وكنت شاهداِ على بعضها، حيث عرفتني على بعض الفنانين… وظهرت أولى أغنياتي وانا لم أزل في السابعة عشرة من عمري، حيث تغنى لي زيدان ابراهيم بأغنية (لو تعرف اللهفة والريد والعذاب) بعدها توالت الأغنيات لدى زيدان فغنى لي: (تتبدل مع الايام – وعشان خاطر عيون حلوين، وفراش القاش). وكل هذه الأغنيات التي غناها لي زيدان وعمري لم يتجاوز العشرين عاماَ. وحين وفدت الى العاصمة من خلال العلاقات القديمة لم يكن الوسط الفني بعيداً عني، وخلال عملي في مجلة الإذاعة والتلفزيون في منتصف السبعينات على عهد رئيس تحريرها عبد الله جلاب، بدأ بعض المطربين في التغني بأغنياتي، أمثال أبو عركي البخيت ومصطفى سيد أحمد والموصلي وعبد العظيم حركة.

* ما تأثير ذلك على شاب لم يتعد العشرين من عمره؟

– سوف تضحك كثيراً إن قلت لك انني لم أصدق أول الأمر وانا استمع لأولى أغنياتي عبر الإذاعة السودانية. وكان يهمني شخص واحد ان يسمع أغنياتي، فقد سمعها كل الناس.. في الجانب الآخر لم تحفل الأسرة بهذا الأمر كعادة السودانيين (لا كرامة لنبي في أهله).

* فنانون كنت تتمنى ان يمتد التعاون معهم؟

– كثيرون، ومنهم محمد وردي الذي اخذت منه قصيدة (عشان خاطر عيون حلوين) وذهبت بها إلى زيدان ابراهيم، اضافة الى أمنية غالية لم تتحقق بغناء عثمان حسين لقصائدي والراحل أحمد الجابري.

* هل انت راضٍ حتى الآن عن مشروعك الشعري؟

– نعم سعيد بأنني تناولت عبر رحلة الشعر بعض القصائد الاجتماعية التي تعبِّر عن الحال الاجتماعي في السودان.

* هل تتحاشي القول بأنها قصائد سياسية؟

– لا اتحاشي ذلك، ولا مفر من السياسة، فنحن نعيش ونتنفس ونكتب في السياسة، خُذ مثلاً قصيدة (حاجة آمنة) وهي من القصائد التي تدور في هذا المعنى وقصائد أخرى، لكن ما يكتبه الشعراء او تم التغني به عبر أغنيات لا يعبّر عن كتاباتهم الحقيقية، خُذ على سبيل المثال الشاعر الراجل  سعد الدين إبراهيم، فكل ما غني له لا يعبر بالتالي عن حقيقة ما كتبه. واتمنى لو اميط اللثام عن بقية قصائده، لكنها إرادة المطربين التي لم تستطع التعبير عن كتابات الشاعر السوداني.. واعتقد ان الشعراء في السودان تقدموا فكرياً وابداعياً عن المطربين.

* هل تعتقد أن الشعراء استطاعوا التعبير عن القضايا المهمة في المجتمع السوداني؟

– كما ذكرت لك ما قدم لا يعبِّر عما كتبوه.. فهناك قصائد مدهشة عبَّرت عن انسان هذا البلد لكنها قابعة عند المطربين. واتمنى ان يتسع صدر الصحافة والإعلام والقائمين عليهما في تبني إبداعات المبدعين دون خوف او وجل.

* قصائد مثل (حاجة آمنة) و(الابرول) هي قصائد لاهبة.. هل دفع هلاوي الثمن غالياً نظير إخراجها؟!

* للحق لم يعترض عليها أحد، وإن افترضت التهميش كمبدع. وهناك مطربون يتخوفون من شيء لا اعلمه. وأطالب القائمين على الأجهزة الإعلامية بالانفتاح على المبدعين، على أن ينفض المبدعون عن انفسهم هذه الانكفاءة والخوف اللا مبرر من هواجسهم.

* هلاوي الناقد هل يمكن أن يقول ان هلاوي الشاعر مصادم؟

– انا لست شاعراً مصادماً، ولو كنت كذلك لاختلف ما كتبته للناس، هناك مفردات محددة في حياتي لا استطيع ان اجامل فيها، ولعل المصادمة ارتبطت بالكتابة السياسية. واعترف ان قصائدي المصادمة قليلة وخجولة، لا ترضيني ولا ترضي انسان هذا البلد.

* وما هي هذه المفردات التي لا تحيد عنها؟!

– أولاً لا أؤمن بما يقوله بعض الشعراء عن وادي عبقر، وحالات الكتابة وشيطان الشعر.. فالشعر في نظري فكرة متى ما استغرقتني، وامنت بها استطيع الكتابة في أي موضوع. ولعلي اختزلت بداخلي كثيراً من الفرح والأحزان وهموم الناس، فلا تعوزني القدرة للتعبير عن أي موقف واكتب متى ما أشاء الكتابة.

* لكن بعض قصائدك تنصلت عنها، مثل قصيدة «العصفورة» التي غناها عماد أحمد الطيب في مهرجان الأغنية العربية؟

– هذه القصيدة لحنها أنس العاقب ضمن مجموعة من الأغنيات للأطفال، وفوجئت بهم يشاركون بها في مهرجان الأغنية العربية.

ولو قدر لي امتلاك القرار لتخيّرت لعماد غير هذه الاغنية، حتي ولو كانت (جارة يا جارة) والمبدع كغيره من الناس يسمو أحياناً، ويسف أحياناً أخرى، لذلك ندمت على التعاون مع بعض المطربين.

* لماذا؟

ـ انا لا أخجل من تجاربي الإنسانية، لكن أصوات وأداء بعض المطربين والملابسات والظروف التي أدت الى أن يتغنوا بها، جعلتني اندم على ذلك التعاون. ولو امتلك بعض المال الذي دفع مقابل هذه القصائد لأعدته إلى أصحابه ومنعتهم من ترديدها كأغنيات.

Exit mobile version