رزق البلاد والعباد على الله

سمّى الله تعالى نفسه (الرزّاق) و(الرازق)، وبين أنه هو الذي يرزق خلقه وحده سبحانه وتعالى، وحكى لنا أن من أشركوا في عبادته لم يلتبس عليهم أن من يرزقهم هو الله سبحانه وتعالى وحده قال تعالى : (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) سورة يونس، وقال مبيناً إن رزق كل الدواب وسائر المخلوقات عليه وحده سبحانه وتعالى : (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).. سورة هود.

وأمر عباده بأن يتوكلوا عليه، ويطلبوا الرزق منه وحده سبحانه وتعالى، وبيّن في كتابه الكريم أن من يجلب الخير هو وحده سبحانه وتعالى، ومن يكشف الضر هو وحده سبحانه وتعالى، قال تعالى: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) سورة الأنعام .. وقال سبحانه وتعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) سورة يونس.. وأمر نبيه عليه الصلاة والسلام أن يبين أنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً وأن الأمر لله وحده سبحانه وتعالى، فقال سبحانه وتعالى : (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون) سورة الأعراف. كما أمره أن يقول للناس إنه لا يملك لهم نفعاً ولا ضراً (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا).. (21) سورة الجن.

ورزق العباد والبلاد يملكه الله سبحانه وتعالى وحده، ولهذا الرزق أسباب جاء بيانها في ديننا العظيم، الذي يؤخذ من الكتاب الكريم والسنة الشريفة، منها : تقوى الله، قال الله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ..) سورة الطلاق. ومن أسباب الرزق: الاستغفار، قال الله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) سورة نوح، ومنها التوكل على الله وتفويض الأمور إليه مع بذل الأسباب الشرعية، ومنها بل من أعظمها الدعاء، وصلة الرحم، والإنفاق في سبيل الله، ونصرة ومعونة الضعفاء والإحسان إليهم، وترك المعاصي والبعد عنها، وغير ذلك من الأسباب الخاصة التي ورد في الكتاب والسنة أنها من الأسباب الجالبة للرزق..

وعلى من يريد أن يوسع الله له في رزقه وأن يرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يريد أن يبارك الله تعالى له في ما آتاه؛ فعليه ببذل الأسباب الشرعية (الصحيحة) (الثابتة) التي هي من الأسباب الشرعية لعطاء الله تعالى وبره وإحسانه..

تعلمنا في أصول العقيدة أن لا معطي لما منع الله تعالى ولا مانع لما أعطى الله تعالى، وهذا مما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يقوله عقب كل صلاة مفروضة بعد السلام كما هو معلوم، ومن يفقه معنى الكلمة العظيمة (لا حول ولا قوة إلا بالله) التي هي كنز من كنوز الجنة – كما أخبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم – يدرك مقام التوكل على الله تعالى وتفويض الأمور إليه مع بذل الأسباب الشرعية وعدم إغفالها مع الاعتماد على مسبب الأسباب الملك الوهّاب رب الأرباب..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى