محمد طلب يكتب: إطلالة بين نصين (2).. (والله نحن مع الطيور) & (نعيش زي ما الطيور بتعيش)

محمد طلب يكتب: إطلالة بين نصين (2).. (والله نحن مع الطيور) & (نعيش زي ما الطيور بتعيش)
كنت قد وعدت السادة القراء في مقال سابق بهذه الإطلالة بين نصين، وقد اخترت النصين أعلاه وأترك للقارئ أمر الحكم عليهما وما يحتويان عليه من قيم وجماليات ورسائل ورمزية.
ولكن قبل ذلك دعونا نتطرق قليلاً لأمر الهجرة والأسفار ولعل أعظمها على الإطلاق هي (الهجرة إلى الله) أو كما جاء في القرآن الكريم على لسان سيدنا إبراهيم بإيجاز رائع في سورة العنكبوت (إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي)، وهنا يقفز لذهن المتأمل سؤال في غاية الأهمية وهو هل يعني ذلك ترك الدنيا وما فيها؟؟….. لا ادري ما الإجابة…. واتركها لتأملاتكم وتدبركَم في (الكتاب المبين).
إلا أنه جاء في الأثر أن أول من هاجر من المسلمين هو سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو أول من (هاجر إلى الله بأهله) فقد صحبته زوجه السيدة رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال عن هذه الرحلة (صحبهما الله) والأمر متروك لكم في تأمل هذه الهجرة (إلى الله)، والدعوة التي صحبتها منه صلى الله عليه وسلم (صحبهما الله) وهل عنت هجرتهما للحبشة (ترك الدنيا وما فيها)؟؟ أم أنها الطريق المعبد للآخرة؟؟؟؟
والمعروف عن سيدنا عثمان رضي الله عنه ماله وتجارته ودعمه السخي واللا محدود (للدعوة إلى الله)
ربما يستهجن البعض هذا السرد البسيط عن الهجرة في الإسلام ومحاولة ربطه (في سخف) بنصوص غنائية ولهم الحق في ذلك لكن الهجرة لا تخرج عن كونها فعل وتفاعل إنساني مع هذا الكون و (أرض الله الواسعة)
تغنى الفنان الراحل محمد وردي رحمه الله:

يللا وتعال يللا نهاجر في بلاد الله
ننسى الناس وينسونا وفوقنا الطيبة تتدلى

وهنا دعوة ونداء للحبيبة الأنثى بالهجرة إلى مكان ربما يشبه ذلك المكان الذي تغنى فيه الكابلي (تحلق بي حيث لا أمنيات تخيب و لا كائنات تمر).
إلا أنها دعوة تختلف عن تلك التي تغنى بها مصطفى سيد أحمد رحمه الله بالقسم وصيغة الجمع:

والله (نحن) مع الطيور الما بتعرف ليها خرطة ولا في إيدها جواز سفر

والطيور معروفة بهجراتها الطويلة المتعبة لأغراض متعددة ما زالت تحت نظر الباحثين ويكتشفون كل يوم الكثير والمثير والخطر، وكانت الطيور دوماً ملهمة الشعراء وهي التي تحمل أشواقهم ورسائلهم، وقد وردت في كثير من الأغاني فقد تغنى صالح الضي:

يا طير يا ماشي لى أهلنا
بسراع وصل رسائلنا
والشوق ما تنسى يا طائر لكل البسألك عنا
قوليهم عن عهدي ما زلنا ومازلنا

وقد خص البعض منهم (الحمام) كوسيلة لايصال تلك الرسائل فقد غنى عثمان اليمني لـ(سرب الحمام وأرسله لدار ود قمر) حاملاً أشواقه وحنينه ولعل أشهر أغنية للحمام هي (حمام الوادي يا راحل) لحمد الريح ورمزيتها العالية وكذلك (الطير الخداري) لعلي اللحو، أما محمد وردي فقد تغنى بـ(الطير المهاجر) وجمال النص ورسائل تلك الأغنية الرائعة.
أما التفرد في الغناء المرتبط بالطيور كان للجابري في أغنية (ملك الطيور) التي وصف فيها جمال الطاؤوس (ملك الطيور أرقص وسط الرياض نشوان خلي الزهور تفتح مختلفة الألوان).

وفي الجانب الآخر وعلى النقيض أغنيات (الحرابة والحماسة) جاء ذكر (الصقر والحدية) أو كما تغنى خلف الله حمد (أنا ليهم بجر كلام دخلوها وصقيرها حام)، وكنايات (الدواس) وما يصاحب ذلك من موت وفجائع.
أما أغنية مصطفى سيد أحمد (والله نحن مع الطيور) موضوع المقال والمقارنة فقد أتت مختلفة المقاصد والمرامي والرؤية ودعوة لمحاكاة الطيور في هجراتها ونثر الخير والجمال.
ولعل ما يميز الطيور هي ذلك المستوى العالي من الحرية و(السلوك المنضبط) والمنظم بقوانين هي التي يرنو إليها الإنسان وارتباطه بالآخر وهذا ما سوف نتعرض له في هذه الإطلالة وحلقاتها القادمة، وقبل أن نختم هذا المقال دعونا ندمج جزء من النصين مع بعضهما كالآتي:

(نعيش زي ما الطيور بتعيش) (ونبني عشنا بالغناوي وننثر الافراح درر )

ثم نأتي لاحقاً لتفاصيل أخرى في المقال القادم الذي يقارن بين النصين إن شاء الله.
سلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى