توصيات ورشة إزالة التمكين.. جدل القبول والرفض

توصيات ورشة إزالة التمكين.. جدل القبول والرفض

الخرطوم- صلاح مختار

أوصت ورشة عمل حول “لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو” بإلغاء قرارات القضاء التي أعادت النظر في قرارات لجنة إزالة التمكين المحلولة بخصوص منسوبي النظام السابق. ووفقاً لمشاركين في ورشة العمل دعت التوصيات إلى عملية إصلاح أمني, تتطلب إنهاء التمكين في الأجهزة النظامية شرطاً ضرورياً للتحوُّل الديموقراطي. وطبقاً للتوصيات شدَّدت على قيام شرطة خاصة بلجنة إزالة التمكين فور عودتها للعمل بموجب الاتفاق الإطاري وإعفاء الدائرة القضائية في المحكمة العليا. فيما أكد البيان الختامي لورشة العمل على ضرورة عودة لجنة إزالة التمكين بهيكل جديد وتطوير القانون والإجراءات واسترداد “الأموال التي استولي عليها”.

توصيات خاطئة

ولكن الخبير القانوني نبيل أديب، وصف توصيات ورشة لجنة إزالة التمكين الخاصة بالسلطة القضائية بالخاطئة والمخالفة لقانون القضاء وبأنه لا مستقبل لها. وفنّد أديب في تصريح لـ(الجريدة) التوصية الخاصة بتعريف اللجنة، وقال: ليس هناك لجنة تعرف بأنها سياسية قانونية، مؤكداً أن القرار القضائي له تعريفات. واعتبر أديب أن التوصية بإنهاء خدمة كل قضاة المحكمة العليا ورؤساء النيابات العامة، قيادات القضائية، النيابة ووزارة العدل، ومراجعة القيادات الوسيطة والدنيا لهذه الأجهزة وتشكيلها من جديد، أمراً غير مقبول، وأشبه بالمجزرة التي نفَّذها الرئيس المخلوع عمر البشير، عندما استلم السلطة، وذهب إلى إقالة القضاة تدخلاً في العمل القضائي من جهة سياسية.

لجنة سياسية

وفي منحى آخر أكّد نبيل أنّ هذه التوصيات شاذة ومخالفة للدستور. وأضاف” الحديث حول هذه اللجنة بأنّها لجنة سياسية قانونية خاطئ، فهي إمّا أنّ تكون قانونية وفق قانون لجنة التحقيق، أو لجنة اتّخاذ قرار، وهذا المتفق عليه بموجب قانون التحقيق أو بموجب القانون الجنائي”. وأوضح نبيل لـ(اليوم التالي), أنّ القضاء هو ما يحقق له اتّخاذ القرارات الإدارية، وأنّ للقضاء الأحقية في اتّخاذ أيّ قرارٍ يشابه العيب. وقال نبيل: إنّ القرارات السابقة التي تم استئنافها من قبل اللجنة العليا لا يحق لإزالة التمكين إعادة النظر فيها بموجب توصيات إزالة التمكين، ولكن إذا كان تتحدث عن عدم وجود حيثيات بمحاكمة عادلة يجب النظر إليها.

سوابق سابقة

غير أن المؤتمر الشعبي كشف عن مقترح تقدّم به للجهات المختصة بشأن العدالة الانتقالية، مستندًا على سوابق في نظامي حكم عبود ونميري. وقال نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي محمد بدر الدين، في تصريحاتٍ قدّمنا مقترحًا بشأن المحاكمات السياسية وفق سوابق منحت لنظامي عبود ومايو”. وأضاف:” يجب أنّ يحصل عفو في القضايا السياسية”. بيد أن القاضي السابق والقانوني بارود صندل أكد أن المؤتمر الشعبي قدَّم ورقة واضحة بشأن إزالة التمكين, قال: من المفترض أن تكون جزءاً من مفوضية مكافحة الفساد واسترداد الأموال, وهي المفوضية التي تتولى الموضوع. وداخل المفوضية تكون هنالك لجان مختصة بالخدمة المدنية, ومختصة وبجوانب أخرى, وقال لـ(الصيحة): نحن استثنينا جهات محددة منها القضاء والنيابة العامة ووزارة العدل, هذه الوحدات اللجان التي يتم تكوينها لإزالة التمكين مفترض رئيس القضاء يكوِّن لجنة, والنائب العام يكوِّن لجنة, ووزير العدل يكوِّن لجنة. وشدَّد بالقول: (ما في شخص آخر إداري أو تنفيذي أو غير تنفيذي يتدخل في المؤسسات الدستورية المستقلة). بالتالي أي توصية وردت في الورشة بخصوص القضاء نحن ضدها, ولن نشارك في صياغته, وفي الصياغة النهاية سوف نسقطه, لأن المختصين قدَّموا كلاماً علمياً ودقيقاً، وتحدثوا على أن سيادة حكم القانون, وتحقيق العدالة والحريات أن تكون أساس العمل، وأي حاجة تخالف ذلك نحن لسنا معه ونقف ضدها.

تجارب فاشلة

ويقول القيادي بحزب البعث عادل خلف، من حيث المبدأ, ما أطلق بالحل الإطاري نعتقد أنه هو تكرار لتجارب فاشلة لمصالحة بعض القوى السياسية والاجتماعية للأنظمة الديكتاتورية والانقلابات. بالتالي هو شرعنة للإجراءات التي اتخذها البرهان وهو المبدأ. وما أطلق بالورش والمؤتمر هو تجديد عمل لجنة التفكيك تفاصيل لا تغيِّر عن حقيقة ما يجري الإعداد له من مصالحة مع بعض القوى السياسية والاجتماعية, تخلت عن مبادئ وشعارات ثورة ديسمبر, وبمعزل إرادة الشعب وتصميمه. ورأى في حديث لـ(الصيحة) أن تجارب عقد المؤتمرات سوى التي عقدتها الإنقاذ وانتهاءً بالمؤتمر الاقتصادي الأول الذي عقد في ظل حكومة حمدوك, يأتمر المؤتمرون وتصدر التوصيات, وفي أحسن الأحوال مكانها الأرشيف, وما سمي بمؤتمر تجديد التمكين امتداد لهذا النهج, حيث تطرَّق لقضية جوهرية ليس بهدف التمسُّك بها,وإنما تحويلها لتظاهرة إعلامية وجلسة علاقات عامة, الهدف منها إفراغ القضية الجوهرية, وهي ضرورة الإصلاح الاقتصادي.

حماية التمكين

وقال خلف الله: ما يؤكد أن إجراءات البرهان صممت لحماية التمكين, ورأسماليته الطفيلية وحماية الفساد الذي يتهم بهما ويصبح من اللامنطقي أن تتصالح مع قوى التمكين وتدعي تصفية التمكين, وأن إزالته مطلب ثوري وديموقراطي, لا يتحقق بالمصالح قوى التمكين, وشرعنتها. على هذا فإن التوصيات لا يمكن أن تتحقق لغياب القوى السياسية والاجتماعية والإرادة السياسية لتصفية نظام الإنقاذ, وتفكيك آثاره. وأضاف: الفكرة قائمة حسب مسودة الدستور تتكون هيئة كأنما اللجنة القديمة ارتكبت جرائم وموبقات, بالتالي تشكيك بالدور الديموقراطي الذي قامت به لجنة التمكين والذي بيدها الوصول للحقيقة, الأمر الآخر البرهان في جلسة المؤتمر وبعدها يؤكد عدم مساس أو إصلاح للمنظومة الحقوقية والعدلية والقطاع الأمني والعسكري، إلا في ظل حكومة منتخبة, بالتالي هذا يشكِّل إعلان لموقف صريح لحماية التمكين وعدم المساس بالمصالح والامتيازات التي تشكلت في ظل الإنقاذ أو في ظل إجراءات الخامس والعشرين.

التكوين الوظيفي

الجزء والوارد في الوثيقة الدستورية كما يراه خلف الله، فيما يتعلق بالتمكين حولها لهيئة، وفي نفس الوقت غالب عليها التكوين الوظيفي وتجربة اللجنة السابقة أكدت أنهم ما كانوا وفيين ولا مخلصين لعمل جاد لتصفية التمكين, وما تؤكده الإجراءات التي اتخذها انقلاب 25 أكتوبر، طالت الممثلين السياسيين والممثلين في لجنة التمكين بأنه عمل سياسي يتطلب إرادة سياسية ويحتكم لقانون وإجراءات وتدابير ولا نعتقد أنه الإرادة السياسية بموجب المصالح التي يجري إعدادها الآن بقوى دفع إقليمية ودولية, ليست من مصلحتها تصفية وإزالة التمكين كما ليس من مصلحتها استكمال انتفاضة ديسمبر. على هذا الأساس التوصيات مجرَّد محاولة لدغدغة مشاعر شعب أصبح يمتلك من الوعي والتصميم ما يقطع الطريق أمام أي محاولة للالتفاف حول قضاياه وتطلعاته, مؤكداً أن الوثيقة الدستورية تجنبت الإشارة إلى تمكين 25 أكتوبر, وتراجعت القوى التي صالحت الانقلاب عن المطلب قوى الحرية والتغيير القرارات والإجراءات التي اتخذت في 25 أكتوبر، مبيِّناً أن اللافت في الوثيقة أنها لم تشر من قريب ولا من بعيد بعد الإصلاحات والتعديلات، لأي إشارة إلى إجراءات وآثار 25 أكتوبر. أخيراً فيما يتعلق بالقضاء وهو شديد العلاقة بالتفكيك وإزالة التمكين، حيث تتحدث الوثيقة أن يعيِّن رئيس الوزراء هيئة قضائية مؤقتة من (11) شخصاً. ولكن رئيس الوزراء الذي يجري إعداد المسرح له لا نعتقد أنه سوف يكون خارج ولاية المكوِّن العسكري, ولن تكون لديه الإرادة السياسية في مواجهة تفكيك تمكين (30) يونيو و(25) أكتوبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى