صلاح الدين عووضة يكتب : مَن أنتم؟

15 يناير 2023
أتذكرونه؟..
أتذكرون هذا التساؤل المضحك؟..
وأتذكرون صاحبه الذي كان أشد إضحاكاً من سؤاله هذا؟..
لقد كان تساؤلاً في غير محله..
وهذا سبب إدراجه في بند المضحكات؛ وإدراج قائله في بند المضحكين..
إنّه معمر القذافي؛ مهرج ليبيا السابق..
والذي أتى بغير شرعية؛ ثم يسأل شعبه مصدر الشرعية: من أنتم؟..
ونحن نستأذن روحه الآن في اقتباس سؤاله هذا..
سواء في الجنة كانت روحه هذه – أم في النار – نلتمس منها إذناً غيابياً..
وإن افترضنا أنها في الجنة فستكون بجوار روح الحجاج..
ونستحضر هنا مقولة مضحكة – من المضحكات – منسوبة إلى الحسن البصري..
فقد اختلف زوجان بشأن الحجاج هذا..
وقال الزوج لزوجته أنتِ طالق إن لم يكن الحجاج بن يوسف في النار الآن..
ثم ذهب إلى الحسن البصري يستفتيه..
فطمأنه الحسن قائلاً: أقم مع امرأتك؛ فإن كان الله غفر للحجاج ما ضرك الزنا..
وإن كان الله قد غفر للقذافي فما ضر البشير سفكه الدماء..
وإن كان الليبيون غفروا لابن القذافي تهديد أصبعه فما ضر أصبع حسن إن هدّدنا..
ولكنهم لم يغفروا لسيف الإسلام استفزازات أصبعه هذا..
فكان أن قطعوه له بعد أن أجابوا – عملياً – عن سؤال أبيه لهم: من أنتم؟..
ولا القذافي – ولا ابنه هذا – كان يحكمان شرعياً..
وصاحب التهديد بالأصبع – عندنا – يريد أن يحكمنا بلا شرعية شعبية..
ولا شرعية انتخابية..
ولا حتى شرعية ثورية؛ بدليل أن الشارع الثوري يثور الآن ضد اتفاقه الإطاري..
وبدليل أنهم حين حكموا تنكَّروا للثورة… والثوار..
وبدليل أنه بلا قاعدة جماهيرية وقد انبثق عن منبثقين… انبثقوا هم ذاتهم عن منبثقين..
ثم الأخيرون هؤلاء أنفسهم انبثقوا عن منبثقين..
يعني هو مجرد قطرة من بحر حزبه – الأصل – الذي حدثت فيه الانبثاقات هذه..
فتشظى المنبثقون هؤلاء… وتفتفتوا… وتجزأوا..
طيِّب من أين يستمد قوة الشرعية التي يهدد بها؛ لساناً…. وعيناً… وأصبعاً؟..
ثم يقول: لن نتخطى الشعب عند وضع الدستور..
يا أخي من أنت – أصلاً – حتى تتفضّل على الشعب بالمشاركة في وضع الدستور؟..
ومن أنت حتى تريد أن تحكم الشعب هذا؟..
ومن أنت حتى تتطاول علينا تهديداً بأصبعك كما كان يفعل ابن معمر لأبناء ليبيا؟..
شيء عجيب والله؛ وأكثر من عجيب..
يهددنا أبو أصبع… ويهددنا آخر أبو عِمة… ويهددنا ثالث أبو شعر..
ثم رابع… وخامس… وسادس..
ويكاد أبو عِمة هذا أن يقول لنا في سياق تهديده: متى أضع العمامة تعرفوني..
أما أبو شعر فيهدد بإعفاء قضاة المحكمة العليا..
وكل التهديدات هذه وهم لم يتوهطوا بعد على مواقع السلطة..
يعني ينطبق عليهم – تماماً – المثل القائل: يلولح رجليه قبل أن يركب..
ولو سألت كلاًّ منهم من أين يستمد قوته لما وجد جواباً..
فلا هو صاحب قوة – أي شرعية – جماهيرية… ولا انتخابية… ولا ثورية..
بل ولا أي حاجة خالص..
مصدر قوتهم الوحيد هو سفارات الأجنبي؛ بمعنى أنها قوة خارجية لا داخلية..
بمعنى أنها مصدر دنية؛ لا شرعية..
فمن أين أتى هؤلاء؟..
مَن أنتم؟!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى