“الصيحة” داخل دار التائبات بأم درمان ــ (1)

(271) نزيلة (7) منهن محكومات بالإعدام

أكثر من (30) طفلاً برفقة أمهاتهم و(20 ) حالة اكتئاب

مديرة دار التائبات: نحتاج إلى ربطنا بالدواء الدائري.. وخدمات ديوان الزكاة حبر على ورق

عقيد رحاب: كل الخدمات الطبية مقدمة من الكنائس ولا توجد أعمار شبابية بين النزيلات

مدير السجن: هناك برامج إصلاحية ولكنها تحتاج للدعم والرعاية الاجتماعية تكتفي بالوعود

عرض: أم بلة النور

خلال العقدين الماضيين، ظلت السجون عبارة عن قلاع محصنة لا يمكن الدخول إليها من قِبل الصحافيين، إلا في سيارة رسمية مع المسئولين بعد ان تتم ترتيبات خاصة لهذه الزيارة, وعند أي طلب لدخولها تموت الرغبة لدى الصحفي نتيجة البيروقراطية في الإجراءات, ورغم سقوط النظام السابق، إلا أن تلك الإجراءات العقيمة لا زالت تُمارس من قِبل المكتب الصحفي, ليتم إخطار مديري السجون بموضوع المادة الصحفية، وتحديد محاور معينة للحديث عنها دون أن يكون هناك أي تجاوز لتلك المحاور والخروج بمادة دون الطموح الصحفي، مما يدل أن الدولة العميقة لا زالت موجودة.

ترتيبات ومشاهدات

دفعتُ بطلب رسمي لإدارة السجون طلبت فيه الدخول لسجن النساء للجلوس مع النزيلات والوقوف على أوضاعهن على أن يتم ذلك تحت رعاية إدارة الدار والجلوس معها لمعرفة تفاصيل ذلك، ولكن لم يتم السماح لي في حينها بل انتظرت عدة أيام حتى تم تسليمي الإذن الصحفي إلى مدير دار التائبات بأمدرمان والتي طلبت منا الحضور في اليوم التالي لإجراء المقابلة والجلوس مع النزيلات, وعند الحضور في الموعد المحدد كانت هناك ترتيبات كبيرة جداً في تهيئة العنابر والمستشفى الخاص بالدار، والتحدث بحذر كبير.

وفي حديث لنا مع إحدى النزيلات أكدت للصيحة أن هناك تعاملاً جيداً من قِبل إدارة الدار، فضلاً عن وجود خدمات صحية جيدة, كما التقينا بعض النزيلات اللائي وضعن حملهن حديثاً, وعبرن عن الاهتمام الذي يقدم لهن من الكوادر الطبية. حيث قالت النزيلة (س) وهي في الخمسين من عمرها والتي أجريت لها عملية كترات بالعين (موية بيضاء) وانفصال في الشبكية نتيجة لاصابتها بمرض السكري أن العملية أجريت لها بمستشفى مكة للعيون بأم درمان على نفقة أحد الخيّرين، مؤكدة أن الاهتمام بصحتها كان كبيراً.

اما النزيله (ل)، والتي وجدناها في حالة وضوع، أوضحت أنها دخلت السجن بتهمة تجارة الخمور, وقالت إن الخدمات الطبية جيدة ولم تعانِ أثناء وبعد الولادة.

وخلال جولتنا داخل صيدلية السجن، لاحظنا أنها تفتقر إلى العديد من الأدوية، وليس كما أوضحت إدارة السجن، فضلاً عن أن الأدوية الموجودة لا تتعدى الأمراض البسيطة مثل أدوية نزلات البرد ومخفض الحرارة, وتساءلنا عن بقية الأدوية قالوا إنها مغلقة داخل المخزن وأنها عبارة عن عهدة في أيدي الاختصاصيين.

وخلال جولتنا التقينا بإحدى النزيلات المتهمة باختطاف طفل، إلا أن حالتها النفسية منعت من الحصول على أي تفاصيل لجريمتها ولصالح من قامت بارتكابها .

إحصائيات

وفي حديثها للصيحة قالت مدير دار التائبات بأم درمان العقيد رحاب إن عدد نزيلاتها بلغ (271)، فيما بلغ عدد المحكومات (229) و(42) نزيلة من المنتظرات (7) منهن محكومات بالإعدام، وبلغ عدد الأطفال من البنات 22 طفلة، و13 طفلاً لتصبح الجملة 35 طفلاً، وأوضحت العقيد للصيحة أن العمر المسموح به داخل الدار للاطفال لا يتعدى العامين, إلا في حالة عدم وجود من يعول الطفل خارج السجن يتحمل مسئوليته إلى أن تتم النزيلة فترة حكمها, وقالت العقيد رحاب إنها قامت بإنشاء مبنى خاص للأطفال ليكون متنفساً لهم خارج العنابر به بعض الألعاب ولا يعدو كونه متنفساً بإشراف إدارة الخدمات الاجتماعية، ويحتاج إلى المزيد من الدعم ليصبح مرحلة تمهيدية لمرحلة ما قبل المدرسة.

وأضافت أن هناك منظمات تأتي لتقديم احتياجات الأطفال خاصة فرحة العيد وأوضحت أن جميع الجرائم أصبحت ترتكبها النساء عدا الاغتصاب.

برامج إصلاحية

وهناك العديد من البرامج الإصلاحية للنزيلات ابتداء من أداء صلاة الفجروالتزكية الروحية والتلاوة الصباحية إلى الإذاعة الصباحية، ثم برامج الأشغال اليدوية، وأشارت إلى أن هذا النوع من البرامج يعمل على ملء أوقات الفراغ، بالإضافة إلى اكتساب حرفة والاستفادة منها في إعالة أسرتها حتى وهي داخل السجن، مما يبعث روح الأمل بداخل النزيلات.

وأشارت إلى انعدام الدعم من أي جهة للنزيلات في المشاريع الحرفية والإنتاجية، والعمل بما هو متاح ونعمل على تفعيله, وكشفت عن وعود من وزارة الرعاية والضمان الاجتماعي إلا أنها ظلت حبيسة الأدارج.

مسنات

وكشفت مدير دار التائبات بأم درمان أن أكثر الجرائم تردداً هي تجارة الخمور, لتأتي بعدها جرائم الشيكات والتي أصبحت ظاهرة تستوجب الوقوف عندها، وذلك يرجع للظروف الاقتصادية التي يعيشها الشعب السوداني، ومن ثم بقية الجرائم من القتل والاختطاف والمخدرات، حيث كشفت عن أنهن طاعنات في السن، ولا توجد أي نزيلة في مرحلة الشباب أو طالبة جامعية..

غياب الزكاة

وعن إطلاق سراح المعسرات، كشفت عن وجود خيرين يقومون بدفع المبالغ التي هي دون المئة ألف جنيه, وأضافت أن ديوان الزكاة لم يعمل على إطلاق سراح أي نزيلة هذا العام، بالرغم من حضورهم للدار وتقديم وعود بإخلاء سبيل عدد من المعسرات، إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن, وأضافت أن النساء اللائي يترددن بصورة مستمرة على السجن لا يتم إدارجهن ضمن المعسرات ولا يتم تقديم أسمائهن للخيرين.

عمل كنسي

وكشفت عن وجود (27) كادراً طبياً داخل سجن أم درمان للنساء منهم (6) أطباء (2) نساء وتوليد (2) أسنان (1) اختصاصي باطنية (1) عمومي إلى جانب (2) اختصاصي صيدلة (5) قابلات إلى جانب اختصاصي المعمل والتمريض، وأوضحت للصيحة أن 50% من الكوادر الطبية تأتي عبر الكنائس والتي تعمل على توفير العديد من الخدمات الطبية خاصة في مجال الأمومة والطفولة في شكل دعم مالي وعيني إلى جانب توفير الأدوية التي لا تتوفر في صيدلية السجن وإجراء العمليات, إضافة إلى العيادة المتجولة والتي تأتي بصورة شهرية إلى جانب منظمة ألمانية تقوم بتقديم خدمات طبية عبر وفد طبي سنوي للنزيلات وأسرهن، وكذلك العاملين وأسرهم, دون أن تكون هناك عمليات تبشير داخل السجون.

وأضافت أن الدواء عبارة عن حصة شهرية من إدارة الخدمات الطبية برئاسة السجون والإصلاح يتم استلامها من السجن القومي كوبر, وكشفت عن عدم وجود إشراف من قبل وزارة الصحة الولائية، وإنما الإشراف من قِبل إدارة الخدمات الطبية بشرطة الإصلاح والسجون .

معضلة

واعتبرت مدير سجن أم درمان للنساء أن مشكلة الصرف الصحي من أكثر الإشكالات التي تواجهها الدار، حيث يكلف ما لا يقل عن ( 60) ألف جنيه شهريًا مما يعد خصماً على ميزانية السجن مقابل الخدمات الأخرى وأننا في حاجة إلى عربة شفط خاصة بالسجن, إضافة إلى نقص في المحاليل المعملية، ومشكلة تعطل بعض الأجهزة والتي لا تتم صيانتها بصورة سريعة.

عنابر خاصة

العلاج النفسي من أهم الإدارات داخل السجون نسبة إلى أن النزيل يحتاج إلى دعم نفسي كبير جداً لتخطي أزمته والجريمة التي ارتكبها, في دار التائبات بأم درمان بحسب إدارته، فتوجد اكثر من (25) حالة مصابة بمرض نفسي، وتقدم لهم الخدمات بصورة مستمرة وبإشراف دقيق وعبر جلسات مكثفة وتتوفر الأدوية, ويتم فصلهم في عنابر خاصة منعاً لحدوث أي إشكالات.

والسجن يستقبل حالة ولادة يومية بحسب حديث إدارة السجن، وأضافتط هناك حالات ولادة توأم الآن، هناك غرفة ولادة مجهزة إلى جانب عنابر إقامة قصيرة تحجز فيها النزيلة لمدة لا تتجاوز الأسبوعين، ومن ثم تنقل إلى عنابر خاصة بحديثي الولادة .

حالة هروب

ونفت إدارة السجن أن تكون هناك حالات هروب باستثناء حالة واحدة والتي خرجت لأداء واجب عزاء، ولكنها هربت ولم تعُد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى