المخدرات.. آثار اقتصادية مدمِّرة

 

الخرطوم- سارة إبراهيم

أصبح تفشي وتعاطي المخدرات بمختلف أنواعها وعلى رأسها مخدر الايس مهدِّداً وهاجساً يؤرق الحكومة والأسر في الآونة الأخيرة، وأصبح الشباب الذي يمثل أكبر نسبة في التركيبة السودانية ويعوَّل عليه كثيراً في قيادة التنمية والبناء والتطور في السنوات المقبلة، إلا أن هناك أيادي خفية نجحت في تسرُّب المخدرات وسط الشباب عبر حدود البلاد الرسمية والأخرى التي يصعب السيطرة عليها، ووجد توجيه رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة بتبني حملة قومية لمكافحة المخدرات في البلاد وضرب أوكارها وإبادتها، إشادة، فضلاً عن إحكام السيطرة على الذين يعملون في ترويجها وتوزيعها والتجارة فيها لدور هذه الظاهرة في انعدام الأمن والاستقرار وتمشي الجريمة وتدني الإنتاجية الاقتصادية والتدهور الاقتصادي الأمر الذي يؤثر في الناتج المحلي الاجمالي ومعدَّلات نمو وتدني في الإنتاج والإنتاجية. الأمر الآخر تحتاج المكافحة لتبني برنامج محكم في التوعية المجتمعية بمخاطر المخدرات على الشباب والبلاد.

التركيبة السودانية

وأكد الخبير الاقتصادي عميد كلية الاقتصاد جامعة أم درمان الإسلامية بروفيسور محمد خير، أن السودان دولة شابة باعتبار ان نسبة الشباب تقدر تعادل بـ 61/6 % في السودان، وتابع: معظم التركيبة السودانية من الشباب تحت سن الـ 23 سنة، بما يؤكد أن السودان بلد شاب، ونبَّه إلى أن البلد الشاب حرياً به أن يحرِّك موارده في كل القطاعات الإنتاجية بسواعد الشباب لتحقيق طفرات في الناتج المحلي الإجمالي ومعدَّلات نمو متزايدة، مشيراً لمعدَّلات البطالة وسط الشباب وبطالة عامة،وجدَّد محمد خير في تصريح لـ(الصيحة) أن السياسات الاقتصادية أن ترسم سياسات جاذبة لهذا القطاع ليتحوَّل إلى مربع إيجابي بدلاً الانشغال بظاهرة سالبة .

سياسات اقتصادية

وأقر بروفيسور محمد خير، بضرورة أن تكون السياسات الاقتصادية محفزة مميزة ومتحيزة لهذا القطاع لجهة أن الأمم تنهض بسواعد شبابها، مستشهداً بحديث رسول “صلى الله عليه وسلم” (نصرني الشباب حينما خذلني الشيوخ)، ذاكراً في نظام الإنقاذ السابق كانت تنسج سياسات لتمويل الشباب سياسات التمويل الأصغر سياسات التمويل المتناهي الصغر إلى آخره من المحافظ والسياسات المختلفة التي قصد منها إحداث شراكة في هذا القطاع الكبير. موضحاً إذا استطعنا تحريك وتوجيه هذا القطاع الكبير الذي بلغ نسبة 61/6% نحو الإنتاج والقطاعات الاقتصادية المختلفة قطعاً ستنهض الأمة. وزاد بروف محمد خير: إذا انصرف جزء مقَّدر من هذا القطاع وتأثر بالمخدرات التي تقعد الهمم سيؤدي ذلك لتسرُّب أيادي عاملة فتية من القطاعات الإنتاجية كالقطاع الزراعي والصناعي والتجاري وقطاع الخدمات، لافتاً إلى أن هذا التسرُّب سيكون خصماً على مستوى الإنتاج وعلى مستوى الإنتاجية، وبرَّر ذلك بأن إنتاجية العامل الشاب أفضل كثيراً من إنتاجية العامل المتقدِّم في السن، وقطع بروف محمد خير، إذا ما تأثر قطاع مقدَّر من هذا القطاع بمثل هذه الظاهرة السالبة سيؤدي ذلك إلى انخفاض الناتج القومي الإجمالي، وانخفاض قدرات البلاد في الصادر، فضلاً عن انخفاض قدرات البلاد في بناء احتياطات من العملة الحرة من ثم انخفاض معدَّلات النمو، وزيادة معدلات البطالة وإلى آخره من الإفرازات المتوقعة من تفش المخدرات في جزء من هذا القطاع الشبابي.

مخاطر الايس

وأماط بروف محمد خير، اللثام عن أكبر تحدي يوجه السودان -حالياً- هو تفشي تعاطي المخدرات خاصة الايس هذا النوع الذي ظهر مؤخراً الذي يعد أشد خطورة على حياة الشباب أنفسهم ليس فقط في جانب تعطيل قدراتهم وإحداث تسربات في القطاعات الإنتاجية وإنما أصبح يهدِّد حياتهم هذا المخدر الذي انتشر في قطاع الجامعات وسط قطاعات الشباب بصورة عامة واقترح اتخاذ من مختلف التدابير لحماية اقتصاد وشباب الأمة من خلال العمل على إغلاق المنافذ التي تدخل بها المخدرات الرسمية أو عبر حدود السودان المفتوحة التي يصعب التحكم فيها.

العقوبات الرادعة

وطالب بروف محمد خير، بإصدار عقوبات رادعة جداً وقلَّل من فرض 10 سنوات، عقوبة لمروِّجي المخدرات بأنها غير رادعة .

مؤكداً بأن تصل العقوبة للمؤبد أو الإعدام كعقوبات رادعة ينبغي أن يعاقب بها أمثال هؤلاء ورهن ذلك بأنهم لايضربون فرداً وإنما يضربون أمة في مقتل، وشدَّد على أهمية الرقابة اللصيقة للمنافذ والعمل على إغلاق الثغرات التي يدخل عبرها، وتطبيق العقوبات للرادعة لمن ضبط بأنه يروِّج لهذه الأنواع من المخدرات .

آثار اجتماعية وقتصادية

وأبان بروف محمد خير، وفوق هذا وذاك لابد من تبن توعية مجتمعية ضخمة جداً للآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على تفشي المخدرات عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي إلى آخره من وسائل التوعية والتعبئة المطلوبة لتفادي هذه الظواهر السالبة من تفشي وتعاطي المخدرات باتخاذ حزمة من التدابير التي لدرء عن بلادنا ومجتمعاتنا هذا الهاجس الذي بدأ يؤثر على أهم وأكثر شريحة في مجتمعنا فاعلة في كافة المجالات الإنتاجية والاستهلاكية والثقافية والاجتماعية والتنموية وإلى غيره من إسهامات الشباب.

تدهور الإنتاج

وأضاف بروف محمد خير، إن تفشي المخدرات يسهم في زيادة معدَّلات الجريمة مما يسهم في انخفاض معدَّلات الأمن في البلاد الذي يؤدي لمزيد من عدم الاستقرار الذي يقود بدوره لتدهور العملية الإنتاجية في البلاد لجهة انعدام الاستثمار الوطني والأجنبي في ظل انعدام الأمن، وأبان تأثير المؤشرات الاقتصادية الكلية من انعدام الأمن لتفشي مع معدَّلات الجريمة الأمر الذي يقود لتناقص معدَّلات النمو، وأوضح أن كل ذلك يؤدي لمزيد في عدم الاستقرار في الأسعار، ومزيد من الشظف وتدهور مستوى معاش الناس، اعتبر كل هذه الآثار عبارة عن حلقات متلاقية ومترابطة.

الاستقرار الاقتصادي

أقر الخبير الاقتصادي د. محمد الناير، أن تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات يهدِّد البلاد بأكملها ويهدِّد العملية الاقتصادية والاستقرار الاقتصادي، وقال: إن السودان لوقت قريب كان دولة معبر وتابع: كان من المفترض بذل الجهود لإيقاف عبور المخدرات عبر الأراضي السودانية، ونبَّه الناير في إفادة لـ(الصيحة) إلى أن السودان أصبح الآن دولة مستهدفة بصورة كبيرة ورهن الخطوة بتمشي ظاهرة المخدرات في البلاد بصورة كبيرة، وشدَّد بضرورة إجراء مزيد من الإجراءات الأمنية لضبط الحدود والمنافذ للبلاد والعمل على إصدار أحكام رادعة ضد الذين يتعاملون مع المخدرات بصورة أساسية سواءً أكان تجارة أو توزيعاً وغيرها لمنع هؤلاء من ممارسة هذا النشاط مرة أخرى وزاد الناير خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية الآن يتفشى مثل هذه الظاهرة بصورة كبيرة في ظل وجود تعقيدات في المشهد السياسي، وعدم الاستقرار الأمني يجعل المناخ والأرض خصبة لانتشار المخدرات الذي ينهي جيلاً كاملاً من الشباب، علاوة على تدمير مستقبل البلاد تماماً.

مستقبل البلاد

وقال الناير: إن البلاد تعتمد على الشباب في قيادة المرحلة القادمة باعتبارهم يمثلون مستقبل البلاد بأكملها واستنكر وقوع الشباب في مستنقع الإدمان بتعاطي المخدرات بالتأكيد تؤثر الخطوة على مستقبل البلاد، وأعرب الناير عن أمله أن تستشعر الحكومة خطورة الأمر وأثره على مجمل الأوضاع الاقتصادية بالبلاد والشباب، وأثره على البناء والإنتاج وأثره السالب على النشاط الاقتصادي في البلاد بصورة كبيرة وأن يتم القضاء على الظاهرة فى أقرب وقت ممكن بتكثيف التوعية وسط الشباب في كافة المجتمعات .

غياب الرقابة

الخبير والباحث الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي، قال: إن غياب الرقابة الأسرية، وانتشار ثورة الاتصالات التي أسهمت بشكل أساسي في انتشار أفكار غريبة على المجتمع. كاشفاً عن أسباب تزايد ظاهرة تعاطي المخدرات وسط البنات والشباب والطلاب، ورهن لـ(الصيحة) الخطوة بانعكاسات الظواهر الاجتماعية المرتبطة بها كالطلاق فيما تمثل قضايا بعينها كالعطالة وما يتبعها من فراغ والتي تعد سبباً مباشراً لتزايد معدلات الظاهرة، وأقر د.هيثم بتزايد الأثر السالب للمخدرات وسط المجتمع.

وجدَّد مشكلة المخدرات في السودان تحمل كثيراً من التعقيدات، خصوصاً الموقع الجغرافي الذي يجعل السودان دولة عبور لكل أنواع المخدرات، فالحدود مفتوحة على كثير من الدول الإفريقية، مع تدهور الأوضاع الأمنية في أغلبها. وتابع على الرغم مما يقوم به السودان من جهد في محاربة انتشار المخدرات، والتضييق على التجار والمروِّجين، فإنه ليست هناك نتائج حاسمة بالحد من الظاهرة، وتحسَّر من تنامي ظاهرة التعاطي بين طلاب المرحلتين الثانوية والجامعية الأمر الذي يستدعي القيام بدراسات عميقة ومتأنية لبحث معالجة الأسباب بشكل جذري وحاسم في جانب إنتاج المخدرات وبيعها وتعاطيها .

الناتج الإجمالي

وفي سياق متصل استهجن الخبير الاقتصادي د. هيثم، أن تستهلك المخدرات الكثير من قدرات القطاع الأسري، وكشف عن أولى الآثار السلبية الناتجة من هذه العمليات يتمثل في نقص المعروض من عناصر وعامل الإنتاج في السوق، إذ يُصْرَف بعض من عناصر الإنتاج، المتاحة للدولة، وبطريقة غير مشروعة للعمل في ميدان مكافحة المخدرات وهذا ما يسبب هدراً واضحاً لموارد الدولة النادرة، وأماط هيثم اللثام عن دور الحروب التي ساهمت في زراعة المخدرات، وإنتاجها وترويج بغية الثراء السريع وأن تعاطي المخدرات سيؤدي إلى نقص كبير في الإنتاجية الفردية وربما إلى اضمحلالها وهذا ما يسبب نقصاً إضافياً في الناتج القومي الإجمالي ونقصاً في المعروض من السلع والخدمات النهائية، وخسارة إضافية للاقتصاد الوطني. فضلاً عن الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم الرغبة في الهروب من الواقع، والفشل العاطفي والذي يعد في تقديري من أهم الأسباب التي دفعت فتيات وفتيان في عمر الزهور إلى ولوج عالم الإدمان والترويج والاتجار في المخدرات.

كساد عام

وكشف هيثم، الخطوة من أهم الأسباب الدافعة إلى عمليات غسل الأموال التي يلجأ لها المتاجرون في المجال وفي غيرها من العقاقير غير المشروعة، لإخفاء وجود الدخل، أو إخفاء مصدره غير المشروع، ثم يعمدون إلى التمويه، من أجل الإيهام بأن الدخل مشروع ولا شك فيه، وأوضح هيثم أنه يترتب على هذه العمليات العديد من الآثار السلبية، التي تنعكس على الاقتصاد القومي، وتدفع به إلى الكثير من المشاكل، الإدارية والمالية. وذكر أن تعاطي المخدرات يؤدي إلى إنفاق الكثير من الدخل العام للأسرة والفرد على المخدرات وهذا يؤدي إلى نقص في الدخل للإنفاق على السلع والخدمات ويمثّل الإنفاق على المخدرات إذاً تسللاً من دورة النشاط الاقتصادي، لكونه لا يتجه إلى السلع والخدمات، التي ينتجها القطاع الإنتاجي،ومن ثَم، فإنه يُعَدّ نقصاناً في الإنفاق العام، وزاد بأنه يؤدي، بدوره، إلى حالة كساد واضحة في الاقتصاد القومي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى