وآمنهم من خوف

لا يُدرك نعمة الأمن إلا مَن افتقدها، ولذلك تجدُ إخواننا العرب من فلسطين وسوريا والعراق وليبيا واليمن هم من أكثر الشعوب العربية إدراكاً يقينياً لمعنى فقدان الأمن والأمان .. تجد فيهم من لا يمانع في التخلي عن منصبه والتضحية بكل ثروته من أجل أن يعيش آمنا بين أفراد أسرته، في ذهنه حرب المدن والشوارع والبراميل والقنابل والقذائف الطائشة، في ذهنه الآثار النفسية لافتقاد الأمن حيث لا يعرف المرء متى ومن أين يأتيه الموت!

نحمد الله أن طبيعتنا سلمية وثقافتنا ليست دموية، نعم وقعت حوادث وسقط ضحايا في حقب وظروف متباينة، لكننا قياسا بغيرنا ومقارنة بالأرقام فلسنا بدمويين ولا نحب الأشلاء والدماء والثأر والانتقام، ومما يعصمنا أن مجتمعنا قوامه الأسر الممتدة حيث قد تجد في داخل الأسرة الواحدة كافة الألوان السياسية والرياضية ومستويات التدين المختلفة، لكن العالم بات قرية واحدة، والقيم والعادات الراسخة بدأت تهتز وتنجرف والبوصلة قد تنحرف والحرب أولها كلام .

أستاذنا عثمان ميرغني، وهو من أصحاب التحليل الموضوعي والرؤية الثاقبة كتب في صفحته على الفيس بوك “بوستاً” تضمّن جملة مهمة تقول: “من السهل إطلاق الرصاصة الأولى، ولكن من الصعب إسكات الرصاص بعدها”، وهي جملة ذات عُمق ودلالة، ورسالة لكل أبناء الوطن بلا استثناء، أنّ عليهم جميعاً الانتباه لخطورة وعواقب العبث والمساس بمنصات وكوابح الأمن والاستقرار، دعك من إطلاق رصاصة أو حتى حشوها ووضعها في الماسورة .

المنظومة الأمنية بكل مكوناتها من الجيش والدعم السريع والشرطة والأمن هي منظومة مهمة ومؤثرة، وهي أساس الاستقرار بالبلاد، ولعل أحد مصادر قوتها أنها تعمل في تناغم وانسجام تام، ولذلك يُركّز العدو ويخطط لضرب ذلك التناغم والانسجام وهز ثقة الشارع في تلك المنظومة، ولا يتورع العدو من استخدام “أقذر” الأساليب من أجل إحداث الفتنة وتغذيتها وتوسيع وتسويقها، ونساعدهم نحنُ في مخططهم الخبيث بغفلتنا وقصر نظرنا .

نحن مقدمون، بإذن الله، على مرحلة سياسية جديدة، مرحلة انفتاح وحريات وعراك سياسي وانتخابات، ومتوقع جداً أن تكون المنظمات والسفارات والمخابرات الأجنبية حاضرة، تستغل وتوظف الغافلين والأرزقية “تنظيمات وأفراد” لخدمة مصالحها وأجنداتها، ومثلما لدينا أصدقاء خُلّص في المنطقة، فإن هناك دولاً ومحاور لا تريد لبلادنا الاستقرار والنهوض والانطلاق، وستعمل بكل الطرق الممكنة لإشاعة الفوضى الأمنية إذ أنها المُناخ الخصب الذي يناسبها .

علينا الفخر بجيشنا الوطني بتاريخه وتضحياته، والاعتزاز بأشقائه في قوات الدعم السريع ودورهم الكبير المؤثر في استتباب الأمن العام، وكذلك قوات الشرطة والأمن الوطني بأدوارهم المهمة المعلومة، علينا الاصطفاف ورفع القبعات لكل أولئك الذين يسهرون ويحرسون ويرابطون ويضحون من أجل أن نبقى نحن آمنون مطمئنون وبلادنا بكيانها ومصالحها لا يقربها عدوٌ غاشمٌ، وعلينا الانتباه التام أن النار من مستصغر الشرر وأن “شرّها يعُم” مهما حاولنا تفاديه .

إشارة حمراء : مؤلم ومؤسف ومُحبط ما جرى أمس في الأبيض عروس الرمال من أحداث راح ضحيتها أبرياء وأُتلفت فيها ممتلكات ، يلزم التحقيق العاجل الشامل وصولاً للقصاص من الجُناة أيا كانت صفاتهم وجهاتهم .. اللهم خفِّف على أسر الضحايا وكل أهلنا في شمال كردفان ، وجنبنا وبلادنا الفتن والمحن ، ما ظهر منها وما بطن .

مرحبا برسائلكم القصيرة (SMS) على الرقم 0912392489

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى