معركة بين معلم وطالب.. قدسية المعلم على المحك

 

– وزير التربية: تشكيل لجنة تحقيق والعنف الجسدي مرفوض

– معلم: سلوك الطلاب الشاذ وتصرفاتهم غير الطبيعية تستوجب الضرب

– خبير تربوي: أسلوب العنف مع الطلاب أسلوب غير سليم ويؤدي إلى مشكلات نفسية

عرض- أم بلة النور

يعتبر العنف داخل المدارس من قبل المعلمين نحو الطلاب من الأساليب التي تنتشر في المدارس السودانية بكثافة، ومؤخراً تداول نشطاء مقطع فيديو لمعركة حامية بين معلم وطالب ثانوي في مشهد قبيح لا يمت للأخلاق وللتربية بصلة.

ولقد ضجت الأسافير بعد مشاهدة مقطع الفيديو وتخوَّف تربيون من ضياع التعليم بينما علق آخرون أن التعليم في السودان وصل إلى مرحلة خطرة للغاية .

(الصيحة) تتبعت هذه القضية وخرجت بتفاصيل تطالعونها في سياق التحقيق التالي.

التسرُّب المدرسي

يقول خبراء نفس في حديثهم لـ(الصيحة) إن عنف المعلمين سبب أساسي من أسباب التسرُّب المدرسي كما يؤدي إلى توليد شعور عدائي لدى التلاميذ تجاه كل معلم،  إلى جانب كراهية الطلاب للتعليم لاسيما وسط الطلاب بالمراحل الدراسية الكبيرة ابتداءً من الصف الثامن وصولاً للمرحلة الثانوية التي يدخل طلابها في طور المراهقة ما يجعلهم يرفضون العنف جملة وتفصيلاً.

تجربة شخصية

عن تجربة شخصية خرج شقيقي الأصغر من فصول الدراسة وكان بالصف الرابع أساس في بداية العام 2000م، بسبب عنف معلم اسمه شيخ حسن بأمبدة، حيث لم تكن المدارس الخاصة منتشرة لينتقل إلى مدرسة أخرى خاصة بعد رفض المعلم منح والدتي استمارة نقل إلى مدرسة حكومية أخرى إلا بحضور التلميذ ليرفض شقيقي رفضاً باتاً الوقوف أمام ذلك المعلم الذي يعتبره ظالماً ويعاقب التلاميذ دون مبرر وبشكل عنيف جداً، ليقع ضحية لعنف ذلك المعلم تاركاً المدرسة بصورة نهائية.

عودة الظاهرة

قال المعلم خالد الضي: إن سلوك الطلاب الشاذ وتصرفاتهم غير الطبيعية تستوجب الضرب، طبعاً غير العقاب بخصوص الدروس، ويضيف: التركيبة النفسية وطبيعة الطلاب عندنا وميولهم لتحدي النظام المدرسي يجعلهم يأتون بتصرفات قبيحة، مثلاً ممكن أقسمهم لك لنصفين، وأضاف أن كل الطلاب الأذكياء تجدهم دائماً في خانة الطالب المسالم الذي يخشى أن يقوم بممارسات تجعله لا يركِّز في دراسته ويتحاشى دائماً متابعة (الشلة) العدائية والفوضوية، أما الفئة الثانية هم خليط من متوسطي الذكاء وعديمي الذكاء أصلاً غير أنهم ينحدرون من بيوت أكثرها فاقد لرب البيت بالوفاة أو الانشغال عنهم أو انفصال الأبوين، عموماً بالأرقام والمتابعة التخصصية الاجتماعية أكدت أنه تدخلت عوامل أخطر وهي المخدرات وتدرون ماذا تفعل في الإنسان وخاصة صغيري السن، فبالتالي أتمنى أن تكون في حلول في المدارس وعقاب للطالب دون أن يكون للمعلم دور في ذلك إبعاداً له من الهجوم غير المبرَّر لمجرَّد أنه حاول إصلاح الإعوجاج في سلوك لمن هو يفترض يكون مستقبل البلاد وقد طبَّق جزئية التربية قبل التعليم. و”عموماً لابد من مساندة المعلم مع تعنيفه إذا قام بأي تصرُّف مؤذي.

إقرار

فيما كشف الأستاذ بمرحلة الأساس فرح موسى، أن هناك كثير جداً من المعلمين والمعلمات كانوا سبباً في ترك تلاميذ للمدارس والدراسة، وقال: إن العنف سلوك غير تربوي ناتج عن قلة التدريب وفهم التربيه بمعناها الصحيح، وأضاف: والعنف لا ينتج عن معلم مدرَّب ومدرك للتربية ومهنة التدريس، والمعلم يعتبر باحث اجتماعي ومصلح اجتماعي وطبيب نفسي وأب وولي أمر قبل أن يكون مدرساً، وزاد قائلاً: إن كليات التربية تدرِّس علم النفس التربوي والنمو، والشواذ لفهم نفسيات الطلاب وكيفية التعامل معهم لتخفيف العنف داخل الفصول. والعقاب موجود وملازم للعملية التربوية التعليمية، ولكن  لايعني بأي حال من الأحوال الضرب أو العقاب البدني، وأشار إلى أن هناك العديد من أنواع العنف أهمها الجسدي كالضرب والعنف اللفظي كالتوبيخ والإهانة وكلاهما يؤثر على نفسية الطالب وينعكس على بناء شخصيته.

لذلك لابد أن تكون العقوبة مثلاً الحرمان من نشاط مع زملائه كالرحلات أو البرامج الصباحية المدرسية التي تقدم أو الرحلات الترفيهية وهكذا.

ومن الضرورة أن تخبره بأنك لو قمت بنفس الخطأ سنكرر لك العقاب.

إتلاف الخلايا

فيما دعت الباحثة الاجتماعية دكتورة سمية البصير الى ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب، وشدَّدت على ضرورة انتهاج منهج التشجيع والتحفيز خاصة بين تلاميذ الأساس، وقالت لـ(الصيحة): إن التعنيف أمام الزملاء يشكِّل جرحاً داخل الخلايا العصبية وتخرج منها مادة تتلف خلايا المخ، وكثرة التعنيف تحوِّل الطالب من مبدع ومبتكر إلى متلقي عادي ووصفت الوصول لمرحلة الضرب هي أخطر مرحلة تولِّد الكثير من السلوكيات السالبة قد تضر بأسرته والمجتمع، وبدلاً من التعليم أصبح المعلم يؤذي وقد يصل بالطالب أن يكون فاقداً تربوياً، كما دعت المعلمين إلى ضرورة ضبط الأعصاب عند دخول الفصل  ونسيان المشاكل والضغوطات  كافة التي تواجههم، وشدَّدت على ضرورة الاهتمام بالتعليم والمعلم ومن دونهما لا ينصلح حال البلاد .

أسلوب غير سليم

وفي حديثه لـ(الصيحة) قال الخبير التربوي بروفيسور محمد صالح: إن أسلوب العنف مع الطلاب أسلوب غير سليم، وبحسب القانون فالعقوبة الجسدية ممنوعة إلا في حالات محددة وتكون عبر إداري آخر بعيداً عن المعلم، وأضاف: إن المعلمين الذين يستخدمون العنف غالباً ما تكون لديهم إشكاليات في شخصياتهم في عدم قدرتهم على توصيل المعلومة أو عدم تمكنهم من المادة التي يقوم بتدريسها، وشدَّد على ضرورة تلقي المعلمين لدورات تدريبية في علم النفس التربوي، والتي تمكنهم من كيفية التعامل مع  الطلاب في مراحلهم العمرية كافة والظروف المحيطة بهم، وأشار إلى أن مرحلة المراهقة هي مرحلة صعبة ويميل فيها الشاب إلى الاستقلالية، وأي عنف قد يعرِّضه إلى الخنوع وهو أسوأ ما قد يتعرَّض له الشاب، حيث يجعل هناك إغلاق لشخصيته، التي تكون منكسرة ومن الصعب تقويمها، فضلاً عن كراهية التعليم والمدرسة ما ينتج للمجتمع شخص فاقد تربوي في بعض الأحيان، لذلك لا بد من استخدام أساليب أخرى للعقاب مثل الحرمان من الكلام والأنشطة الرياضية والأنشطة الصفية الأخرى فضلاً عن استخدام اللطف والمصادقة بصورة متزنة حتى لا يتعدى الطالب حدود الاحترام إلى جانب مناقشة المعلم لقضايا هؤلاء الطلاب الأمر الذي يحد من العنف بين الطرفين.

عقاب المعلم

وقال: هناك لوائح تلزم المعلم بضرورة عدم استخدام العنف، وعند مخالفة تلك اللوائح. يقدّم لمجلس محاسبة ويقرر المجلس نوع العقوبة حسب الحالة والظروف والملابسات.

تشكيل لجنة تحقيق

من جهته كشف وزير التربية ولاية الخرطوم دكتور قريب الله، عن تشكيل لجنة تحقيق للفيديو المتداول الذي بث عنف معلم تجاه أحد الطلاب داخل الفصل الدراسي، وقال في تصريح خاص لــ(الصيحة): إن الوزارة لم تصل حتى الآن للمدرسة موقع الحادثة نتيجة لبتر الفيديو، مضيفاً أن الوزارة تتابع كل ما ينشر وحريصة على الوقوف على القضايا كافة، مؤكداً أن العنف الجسدي في كل الأحوال مرفوض تماماً داخل فناء المدرسة، وشدَّد على ضرورة تمسك المواطنين بحقهم القانوني والتبليغ عن أي عنف داخل المدارس عبر مكاتب التعليم بالمحليات، وأرجع ذلك العنف إلى عدة عوامل أهمها تردي البيئة المدرسية واكتظاظ الفصول فضلاً عن ضعف العائد المادي للمعلمين الذي خلق مشكلة عدم وجود متسع من الوقت للتعامل مع الطلاب لتعزيز الهدف التعليمي والتربوي في تغيير سلوكهم، ما أفقد المعلم عملية الحياد.

إضافة إلى نقص المعلمين وحاجتهم إلى تدريب وتأهيل للتعامل النفسي الجيد مع الطلاب، وأشار إلى وجود لائحة اتحادية وولائية تنظم العملية التعليمية منها  للتعليم الثانوي للعام 2012م وأخرى لمرحلة الأساس 2012م، تبيِّن الثواب والعقاب للطرفين، كما أن هناك لائحة الخدمة المدنية والتي تصل فيها العقوبة لفصل المعلم عن الخدمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى