مكتبة قطر الوطنية.. أكبر مراجع المعرفة

مكتبة قطر الوطنية.. أكبر مراجع المعرفة

بلة علي عمر

الدوحة- بله علي عمر

ما هذا المبنى الغريب ذي التصميم اللافت الذي يتوسّط مدينة الدوحة؟ حسناً  لنتجاوز حالة الانبهار ولنقترب أكثر! البوابة مُشرعة، هنالك مَن يدخل البناية، وهناك من يغادر، ما يعني انها مبنى عام .. حدثتني نفسي بالدخول فولجت لأجدني وسط مبنى يلفه الهدوء .. أطفال يلعبون، وشباب على ألواح الألعاب الإلكترونية، وآخرون منكبون على مفاتيح أجهزة الكمبيوتر وأرفف من الكتب تتصاعد بعيداً بعيداً .. (دسك) طويل به عدد من الموظفين كتبت عليه لافتة (الاستعلامات) ، سألت إحدى الحسناوات عن ماهية المبنى، أجابتني وابتسامة عريضة تكسو وجهها الدائري (أهلاً بك .. هذه مكتبة قطر الوطنية) .. حسناً فأنا من عشاق الكتاب ومرتبط مهنياً بالورق والوراقين . تجوّلت داخل المكتبة ارتقيت عدداً من الدرج في مواقع مختلفة .. أتجوّل في حالة من الانبهار .. أربع ساعات من التجوال داخل المكتبة التي باتت جزءا اصيلا في سجل يومياتي.

في اليوم التالي حضرت الى المكتبة باكراً وقررت اعداد هذا التقرير، أقف فيه مع قراء (الصيحة) في شيء من التعريف بمكتبة قطر الوطنية التي تعتبر أحد أكبر المكتبات حول العالم، كما انها تحتوي على الكثير الذي تحدث عنه الأستاذ محمد سيف مدير العلاقات الدولية بالمكتبة قائلاً: شيدت  مكتبة قطر الوطنية في مساحة (45000) متر مربع وقد صمّمها المهندس المعماري الهولندي الشهير ريم كولهاس وجاء تصميم المبنى المثير للانبهار ليشبه قطعتين من الورق تم طيّهما قطريًا عند الزوايا لإنشاء هيكل يشبه الصدفة ، بواجهات زجاجية لضمان حصول الداخل على الكثير من الضوء الطبيعي المثالي للقراءة، كما اعتمد تصميم المكتبة وفق نهج تكون فيه الإضاءة اعتماداً على ضوء الشمس الذي ينعكس على رخام المكتبة الأبيض فينعكس على السقوف البيضاء والمكتبة مفتوحة وهي بذلك تعتبر الأولى من نوعها حول العالم، إذ لا يوجد بها طوابق علوية.

مكونات المكتبة

تم افتتاح المكتبة بتاريخ مارس 2018 وتتكون من المكتبة العامة التي تضم حوالي (1200000) مليون ومائتي ألف كتاب في مختلف علوم المعرفة وبمختلف اللغات وإن غلبت فيها الكتب والمراجع باللغتين العربية والإنجليزية، كما تتضمن المكتبة العامة المكتبة الإلكترونية على توفر ملايين الكتب من كافة أنحاء العالم، وأسفل المكتبة العامة توجد المكتبة التراثية التي تضم حوالي (400000) أربعمائة ألف مرجع ومخطوطة اثرية تتصدرها أقدم مخطوطة للإمام البخاري وأقدم مخطوطة في الطب لابن سينا، وجاء اختيار أسفل المكتبة ليكون مقراً للمكتبة التراثية، لأن غالب الآثار تكون في باطن الأرض وتسعى المكتبة التراثية إلى وقف تهريب الوثائق والمخطوطات الأثرية خاصةً في مناطق النزاعات بسوريا والعراق واليمن وذلك بالتنسيق مع حكومات تلك البلدان، يأتي ذلك الحرص باعتبار تلك المخطوطات والآثار إنما هي إرث أمة.

تصميم الأرفف والحصول على الكتب

تم وضع الكتب والمراجع على أرفف صُمِّمت وفق فلسفة تعتمد علو العلم وأوجه المعرفة ويذهب الأستاذ محمد سيف مدير العلاقات الوطنية الى أن هناك حوالي (300) جهاز إلكتروني وُضعت على الأرفف، بجانب الكتب، وما على الباحث إلا أن يكتب عنوان الكتاب أو المرجع إلا ويتلقى الإفادة بالموقع الجغرافي للكتاب، أما بالنسبة للذين يودون استلاف الكتب إلا مسح البطاقة الشخصية على الجهاز ليأخذ الكتب وعند إعادتها يمكن للمتلقي إيداعها في الكشك الموجود خارج المكتبة أو وضعها في الكشك المُعد لاسترجاع الكتب وستتم إعادة الكتب الى مختلف مواضعها آلياً.

العلاقات الخارجية

ترتبط مكتبة قطر الوطنية ببعض المؤسسات ذات الرسالة المُشابهة، فلها علاقة وثيقة بالمكتبة البريطانية ما يساعد الباحثين على الغوص بعيداً في وثائق المكتبة البريطانية التي تضم أكثر من (3) ملايين وثيقة ومخطوطة يرتبط غالبها بوثائق ذات صلة بتاريخ بعض الدول العربية، خاصة تلك التي كانت تحت الحكم البريطاني، كما ترتبط المكتبة بعلاقة وثيقة بمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو).

خدمات أخرى

بالنسبة لمن يودون الاطلاع داخل المكتبة، فقد تمّ توفير المئات من المقاعد الوثيرة، وهناك مفارش (لحفات) لمن يريد الغفو أو القراءة مُتكئاً كما تُوفِّر المكتبة بوفيها  ومطعماً ومصلى، إضافةً الى خدمات الواي فاي والإنترنت. ويتردّد على المكتبة أكثر من (2000) شخص من الذين يتمتّعون بخدماتها من المُواطنين والمقيمين وزوار البلاد.

ردة فعل الزوار

قابلت خلال تواجدي بالمكتبة عدداً كبيراً من مواطني الدول الأوروبية الذين جاءوا لحضور المونديال، حدثني بيترجونسون من بريطانيا أن شكل المبنى أصابه بالصدمة، انه يتوقع ان يرى مبنى له تصميم بديع في قلب الصحراء، ومضى جونسون أن أيام المونديال كلها احتشدت بالكثير من الأشياء التي لم يتوقع رؤيتها وعلى رأسها طيبة اهل البلاد، مُشيراً إلى أن المكتبة تفوق كثيراً المكتبات الرسمية في أوروبا الغربية، فيما أعربت ادريانا بوغادانوف عن انبهارها بتصميم البناية وجمالها، إضافةً إلى ما تحويه من كنوز معرفية، وتمنت أن تضم المكتبة الأدب البولندي ولو مترجماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى