Site icon صحيفة الصيحة

أصبحت أيقونة للمرأة التي هزمت وتحدّت الصِّعاب سارة جاد الله.. الإعاقة الخلاقة!!

كتب: سراج الدين مصطفى
(1)
سارة جاد الله.. اسمٌ حاضرٌ في ذاكرة الشعب السوداني ارتبط بالكفاح والنضال والنجاح.. أصبحت أيقونة للمرأة التي هزمت وتحدّت الصِّعاب.. ظلت سارة جاد الله نموذجاً مثالياً للصبر والمثابرة وتجاوز العقبات.. ويكفيها أنها أصبحت مُلهمة للعديد من الأجيال التي تلتها ليس في مجال السباحة وحدها، ولكن لكل من يُحاول أن يسبح عكس تيارات الفشل والإحباط والركون للإعاقة مهما كان شكلها أو حجمها.
(2)
سارة جاد الله جبارة الفكي إبراهيم من مواليد حلة حمد بالخرطوم بحري في العام 1956م، درست المرحلة الأولية بمدرسة حلة حمد للبنات، ثم الأميرية المتوسطة للبنات ببحري وتلقت دراستها الثانوية بمدرسة أبوبكر سرور للبنات بأم درمان وبمدرسة شندي الثانوية للبنات، والتحقت بكلية الفنون الجميلة ولم تكمل دراستها، حيث تحوّلت لدراسة السينما بالمعهد العالي التابع لأكاديمية الفنون في القاهرة، وتخرّجت في قسم الرسوم المتحركة عام 1984م وهي ثاني امرأة سودانية تدرس السينما وتعمل بها.
(3)
عملت في تلفزيون السودان عام 1985م بعد تخرجها في المعهد العالي للسينما، وكانت تتولّى مسؤولية قسم الرسوم المُتحرِّكة وأنجزت حوالي ثلاثة أو أربعة أفلام كرتون بالطريقة التقليدية المتمثلة في الرسم باليد، ثم سافرت في العام 1989م إلى المملكة العربية السعودية بعد أن تزوّجت من الدكتور أخصائي الأمراض النفسية بله أبو سنينة وعادت للسودان بعد اثني عشر عاماً، حيث قامت بإنشاء أستديو خاص بها (بليسار للإنتاج الفني)، وعملت كمصورة ومخرجة ومونتيرة وقامت بإنجاز فيلم رسوم متحركة (فاطمة السمحة) مدته 15 دقيقة.
(4)
توقفت بعدها عن أفلام الرسوم المتحركة لتكلفتها المادية الكبيرة، إلى جانب ثلاثة أفلام روائية وهي: عاشق النور واستلاب والبؤساء الذي شاركت به في عدة مهرجانات بجنوب أفريقيا وزنزبار ونيجيريا، إضافةً لإنتاجها لأكثر من 20 فيلماً وثائقياً، وتعمل حالياً لتقديم فيلم عن المرأة السودانية تتناول فيه دورها في كل المجالات السياسية والفنية والرياضية مع التركيز والتوثيق لشخصيات رائدة مُعيّنة.
(5)
ولدت سارة جاد الله بشلل أطفال ونسبةً لعدم توفر علاج لحالتها، نصحها الطبيب بممارسة الرياضة (عشان العضلات تشتغل) وساعدها والدها مساعدة جمّة على تعلُم السباحة وهي في سن الثانية من عمرها. تدرّبت سارة جاد الله على أيدي المدربين (المرحوم) بيومي محمد سالم وهو من أبناء حي الدناقلة جنوب ومحمد علي الشيخ الشهير بـ(كرور) الذي ساعدها كثيراً وطوّر من مهاراتها وكانت تتدرّب في نهر النيل وفي حوض دار الثقافة الذي كان موقعه جوار القصر الجمهوري وهو غير موجود حالياً، وزاملت خلال تلك الفترة السّبّاحات منى زكي الحاج ودينا ميرغني وسباحة هندية سودانية اسمها بشرى، وعندما صار عمرها ست سنوات أصبحت تجيد السباحة ببراعة، وشاركت في عدد من المهرجانات في المسافات القصيرة، وكان لوالدها القدح المعلى فيما وصلت إليه في مسيرتها الرياضية من خلال إشرافه ومتابعته اللصيقة لها في التمارين والسباقات التي شاركت فيها.
(6)
انضمت سارة جاد الله لنادي الكوكب ببحري لممارسة نشاطها وزاملت خلال تلك الفترة، السباحين هشام رضا وسمير عبد الكريم وكانت تشارك حينئذ في بطولات الجمهورية للمسافات القصيرة، وفي العام 1968م قامت بتمثيل السودان في فريق الناشئين تحت 16 سنة بمدينة نيروبي وأحرزت المركز الثالث وشاركت معها السباحات آمال الشريف ومها منديل ونوال أحمد المصطفى في أول مشاركة خارجية لها.
بالرغم من الصعوبات والمشاكل التي واجهتها سارة جاد الله في مسيرتها الرياضية، حيث كان من الصعوبة بمكان خروج البنت من بيتها، ناهيك بأن تمارس رياضة السباحة وسط رجال، ولكن لتمتُّعها بالشجاعة والجسارة والعزيمة والإصرار، تمكّنت من التغلُّب على ذلك واستطاعت أن تبرز وتُشكِّل حضوراً متميزاً في ذلك المنشط وتصبح رقماً كبيراً بما حقّقته من إنجازات هائلة.

Exit mobile version