Site icon صحيفة الصيحة

ثقافة الكراهية

تجاوزنا الآن مرحلة الوصم بالإرهاب والعنف والتفنن في سفك الدماء.. دخلنا مرحلة جديدة ضمن المخطط العالمي الذي يستهدف روح الإسلام.. ورغم أنني كنت أتحفظ على كوننا من الأهمية بحيث تعكف الدول العظمى على التخطيط لاستهدافنا ووضع أجندات قصيرة وطويلة المدى إلا أنني أعتقد الآن أن هذا هو التبرير المنطقي الوحيد لما نحن فيه من إرهاب معنوي!!

تفاصيل كثيرة اخترقت حياتنا اليومية وغزت مجتمعاتنا تؤكد أننا نحيا عنصرية من نوع جديد.. لا علاقة لها بالعرق واللون والجنسية.. ولكنها عنصرية في المشاعر!! أصبحنا لا نتقبل الآخر بسهولة.. ونبرع في الكيد والدسائس والاستنكار والاستحقار والاستخفاف والكراهية لأجل الكراهية فقط، دون أي مسوغات منطقية لذلك!

تمعنوا في المشهد الإنساني العام من حولنا.. تجدوننا نتفنن في الكيل والتنكيل ونستميت في محاولاتنا لتفنيد نجاحات الآخرين والتقليل من شأنهم لا لشيء إلا لأنهم فقط يحوزون على محبة البعض!! فنهرع بالمقابل لتحويل هذه المحبة لكراهية مستخدمين في ذلك كل الوسائل دون أن يردعنا وازع ولا ضمير.. ولا نتورع عن الخوض في الأعراض أو الرمي بالبهتان أو تلفيق الاتهامات في سبيل تشويه الصورة الجميلة لأحدهم في أذهان الغير.

ثم إنك لو بحثت عن السبب فلن تجد أي تقاطع في المصالح أو تعارض في الأفكار، لا شيء سوى شعور مقيت يدفعنا لكل ذلك، ولا ندري حتى كنهه ومراميه.. ربما لأنه أقوى من إرادتنا وقدرتنا على التحكم في مشاعرنا السالبة غير المبررة!!

خلافات في كل مجال.. انقسامات داخلية تنقسم عنها انقسامات.. كيانات منسجمة تقدم نماذج لنجاحات عريضة تجدها بغتة قد تمردت على بعضها وشقت عصا الجماعة وتحول كل ذلك النجاح والانسجام إلى مهاترات وصراعات ومكايدات.. وهناك دائماً عصبة تصطاد في الماء العكر وتستمتع ببث روح الكراهية وتعزيز هوة الخلاف وتستهويها الفرجة على البغضاء وهي تمشي بين الناس !

تابعوا الصراعات السياسية والفنية والرياضية مثلاً.. ستجدونها لأسباب واهية… وتستهلك طاقات الأفراد وتهدر أعمارهم في ما لا طائل من ورائه سوى الانصراف وتكديس السيئات على عواتقهم.

ترى.. لماذا أصبحنا لا نطيق النجاحات والسعادة ويضج الدم في عروقنا كلما رأيناها ترفرف فوق الرؤوس..؟!.. الإجابة التقليدية الوحيدة التي نتخذها ذريعة و(شماعة) أن كل ذلك مخطط صهيوني للنيل منا.. فهل تساءلتم عن الفروقات الحالية بيننا وبين الصهاينة؟!.. أحسب أنهم لعمري أكثر وحدة وتعاضدًا.

تلويح:

لم يعد يعنينا أن (نرفع) درجات وعينا.. يكفينا أن (نخفض) قدر الناس ونبخسهم أشياءهم!!

Exit mobile version