رحيل آخر الرجال الطيبين.. أبو ضروس أحد أعلام مدينة النهود في ذمة الله

رحيل آخر الرجال الطيبين.. أبو ضروس أحد أعلام مدينة النهود في ذمة الله
كتب: إبراهيم أبوكواية
توفي بمدينة الخوي أمس الاثنين 28 نوفمبر 2022م آدم مردس نعيم، المشهور باسم (أبو ضروس)، الحارس والمرافق الشخصي لناظر عموم قبيلة حمر.
رحل بعد عمر مديد تجاوز المائة عام عمل خلالها مخلصا في خدمة القبيلة والنظارة.
ولد بقرية مقيسم أبوكلابيش شمال الخوي، في العقد الأول من القرن العشرين، ثم انتقلت أسرته إلى قرية (انجمينا) ريفي الخوي، ثم التحق بالعمل في مكتب الناظر منعم منصور، ناظر عموم قبيلة حمر بالنهود منذ مطلع الثلاثينات من القرن الماضي، وكرس كل عمره لخدمة النظارة وشؤون القبيلة. ويعد مرجعا في التاريخ والأنساب وأعراف القبيلة وزعمائها وشيوخها وشراتيها وحدود القرى والأراضي.
وقد عاصر الحكام الإنجليز والمفتشين والمآمير الذين عملوا في مدينة النهود أو زاروها. كما عاصر جميع الرؤساء والحكام والولاة والمحافظين والمعتمدين وجميع الدستوريين على مستوى الخرطوم وكردفان. حيث يعرفه الجميع كرمز ومعلم بارز من معالم مدينة النهود وظرفائها وأحد رموز دار حمر وبيت النظارة.
رافق الناظر منعم منصور في كل جولاته في فيافي دارحمر منذ أيام العربة (أبورجيلة)، ثم (الكومر) و(الميركوري) و(الرينجر).
ثم رافق ابنه الناظر منصور منعم منصور، ورافق ابنه الأمير الحالي عبد القادر منعم. ذكر لي أنه كان في معية الناظر منعم منصور عندما زاره الشيخ بابكر بدري في الخمسينات، حيث رافقه الناظر في جولة شملت كل دارحمر لجمع التبرعات لصالح منشآت مدارس (الأحفاد).
يعتبر أبناء الناظر منعم منصور (أبوضروس) في مقام العم والوالد الذي شارك في تربيتهم ورعايتهم. ويعدونه فردا من أفراد الأسرة الكبيرة، وأيقونة المجالس والمناسبات ببراءته وخفة ظله.
تميز المرحوم (أبو ضروس) بالذكاء الحاد وروح المرح والفكاهة والنكتة الحاضرة. حيث يمازج بين الكلمات العربية والإنجليزية.
وكان يقول إنه تعلم الإنجليزية من خلال الاستماع للإداريين والحكام الإنجليز الذين كانوا يزورون الناظر. والسبب الآخر في تعلمه الإنجليزية أنه كان يداوم على زيارة سكن معلمي اللغة الإنجليزية بمدرسة النهود الوسطى في الستينات حيث كان يسكن المعلمان محمد أحمد الطاهر أبوكلابيش والناير الحبيب، وكان يقلدهما وأخذ عنهما الكثير من المصطلحات والتعابير الإنجليزية.
في آخر لقاء لي معه وجدته قد تقدم في السن وانحنى ظهره، لكنه لم يفقد روحه السمحة. سألته عن أحواله فأجابني:
(أني بقيت An old man وتاني ما عندي جكة، وعيوني بقي شوفهن طشاش طشاش، محتاجات Operation إلا نوصيكم على خالك الـKing عبد القادر منعم منصور. الزول دي زول عظيم، تاني ما بتكرر. أقيفوا معاه وأدعموه تمام. الله يطول ليكم عمره. وأبقوا عشرة على البيت الكبير، بيت الناظر منعم منصور، وأبقوا عشرة على دار حمر).
تلك كانت آخر كلماته لي وكأنها وصية مودع. لم يشكو، ولم يطلب شيئا لنفسه. هكذا عاش مخلصا في عمله ناكرا لذاته.
أحر التعازي لإخوانه خازوق وسليمان مردس نعيم في الخوي، وبناته المعلمات منى ومزدلفة أبوضروس بمحلية ودبندة، ولكل أهله ومعارفه وأصهاره في النهود وودبندة والدم جمد والخوي والمقيسم وانجمينا.
وعزاء خاص لأبناء الناظر منعم، وللأمير عبد القادر منعم منصور، وكل آل الناظر منعم منصور في هذا الفقد الجلل.
نسأل الله تعالى أن يكلأه برحمته وغفرانه، وأن ينزله جنات الفردوس مع الصديقين والشهداء. إنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى