عبد الله مسار يكتب: الحسن والأحسن والنفس العزيزة

عبد الله مسار يكتب: الحسن والأحسن والنفس العزيزة

قال حكيم، أربعة حسن ولكن  أربعة أحسن، الحياء من الرجال حسن، ولكن من النساء أحسن.

والعدل من كل إنسان حسن ولكنه من القضاة والأمراء والحكام أحسن.

والتوبة من الشيوخ حسن ولكن من الشباب أحسن.

والجود من الأغنياء حسن ولكنه من الفقراء أحسن.

وقيل إنّ فقيراً دخل إلى صيدلية وأعطى وصفة الدواء للصيدلاني، وطلب منه صرفها له، ولكن الصيدلاني ذكر ثمن الدواء وكان كثيراً، فحزن الرجل الفقير وأخذ ورقة الدواء خرج، ولكن السيدة صاحبة الصيدلية همست للصيدلاني بكلمات فنادى على الرجل الفقير وقال له أنت العميل رقم ستة آلاف، لقد ربحت مبلغاً من المال ضعف ثمن الدواء،  وسأعطيك الدواء وتأخذ الباقي نقداً ففرح الرجل، وقال للصيدلاني شكراً لا أريد  سوى الدواء لعلاج ابنتي، لقد تركتها تصرخ من الألم، وأعطاه الدواء وخرج الرجل سعيداً.

قال الصيدلاني لصاحبة الصيدلية هذه خامس مرة تدفعين فيها ثمن الدواء  للفقراء، فما سر ذلك؟ ابتسمت السيدة وقالت أنا أرد جميلاً معي لأحد الفقراء،  فبعد وفاة أبي كنت في العام  الثاني بكلية الصيدلة وليس لي مال، ذهبت إلى عمي وهو رجل ثري ليساعدني وأسرتي حتى أتخرج وأرد له ما ينفقه عليّ، ولأن عمي كان بخيلاً، فقد اكتفى بهز رأسه ولم اعرف إن كان سيساعدني أم لا.

وبعد أيام، جاء طباخ عمي  بمبلغ من المال، وأخبرني أنّ عمي أرسله وسوف يرسل معه كل شهر  نفس المبلغ.

وظل هذا الطباخ أربع سنوات يأتينا بنفس المبلغ حتى تخرجت، ثم ذهبت لعمي لأشكره وأوعده برد كل ما أنفق علينا، فنظر إليّ بدهشه  وقال لا داعي لهذا التهكم، ثم عرفت بعد ذلك أن الطباخ هو الذي كان يدفع نصف راتبه  الشهري ويكتفي وأسرته بالنصف الآخر.

سألها الصيدلاني هل استطعتِ مساعدة الطباخ،

قالت إنه كان عزيز نفس  لدرجة لا تُوصف، لذلك أوهمه زوجي أن أحد البنوك تكفّل  بجهاز ابنه كاملاً، وقمت وزوجي بشراء كل جهازه على نفقتنا، ولو أنفقت كل مال الدنيا عليه ما أوفيته جميله كاملاً.

هذا الموقف هو درسٌ بليغٌ  لكل صاحب لب وعقل، ولذلك على كل عاقل تدبره  والاستفادة منه.

هذا الدرس لا ينفع فقط في الإنفاق، ولكن يصلح درساً في السياسة، وقديماً قيل (العاوزه كله تفقده كل).

وهذا الدرس يجب أن يستفيد منه إخوتنا في الحرية والتغيير المركزي

مشروع العزل وتصنيف القوى السياسية هذا مع وهذا ضد.

لن تساعد في الوصول إلى اتفاق مع المكون العسكري، ناهيك عن القوى السياسية.

وأعتقد أنّ الاعتماد على الضغط الخارجي والتدخل الأجنبي لن يحل المشكل السوداني، “الحل في التوافق الوطني والمشروع الوطني المصنوع من أهل السودان   والمتراضي عليه”، ولكن المشاريع اللقيطة هذه لن تحل مشكلة، لأنّها نبتت في غير التربة السودانية، لا ينفع فيها التسميد والري بالدرب.

فالسودانيون أهل نفس عزيزة، لا يقبلون بفتات موائد الآخرين!!

اتعظوا يا أولي الألباب.

تحياتي،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى