سراج الدين مصطفى يكتب: على طريقة الرسم بالكلمات!!

 

 

(1)

نظلم الهادي حامد كثيراً حينما نحصره في أغنيات بعينها هي المدينة وافتقدتك وبعض الأغنيات القديمة.. والظلم يبدو جلياً حينما لا نتوقّف بالتأمُّل في أغنية بقامة (من ناس وين) فهي بحساب التجديد تحتشد بكل مضامين الحداثة في التأليف الموسيقي والمفردة الشعرية .. وهذه الأغنية حينما فازت بالمركز الأول في مهرجان ميلاد الأغنيات لم يكن ذلك مجاملة للهادي كما يدعي البعض، ولكن لأنها أغنية توافر لها كل عناصر النجاح المُطلقة من مفردة جديدة وتأليف لحني متجاوز وأداء باهر يصل حدّ الإدهاش.

ثمة أغنيات جديدة بحوزة الهادي الجبل لم يتسنَ للكثير سماعها وكنت من بين المحظوظين الذين يسمعون أغنياته أولاً بأول كما يقال، وذلك بحكم الصداقة والحُب الكبير الذي نحمله لشخصيته وتجربته، لذلك أصبح من المُتاح لنا أن نستمع لبعض القصائد قبل أن تلحن حتى.

من واقع معايشتي وقُربي من الهادي الجبل استطيع أن أقول إن الهادي الجبل يمتلك رصيداً ضخماً من الأغنيات الجديدة وهي أغنيات جديدة في كل شيء.. وربما يُتاح اليوم لمتابعي مهرجان أماسي أم در أن يستمعوا لعدد قليل منها مثل (حلمت) للإعيسر و(فاتت) للطيب برير والأغنية القنبلة (الزمن التاني) للشاعر المظلوم يوسف الأمين ورائعة يحيى فضل الله (موجة) التي تُعتبر أول تعاون للهادي مع الشاعر الجميل يحيى فضل الله.

(2)

الفنان الراحل إبراهيم .. واحدٌ من جيل العمالقة في السودان في مجال الغناء، ففي الخمسينات كان عدد مُطربي الصف الأول لا يتجاوز العشرة وكان إبراهيم عوض يحتل مكانه وسطهم بجدارة وما زال حتى الآن. وحرصه الدائم على التجديد في كل شيء حتى الألحان بإدخال الآلات الحديثة المتطورة على الأوركسترا السوداني، وفي هذا المجال يمكن أن نقول ان إبراهيم عوض يعتبر أول من ادخل آلة البنقز على يد الموسيقي خميس جوهر الذي درس في القاهرة وكان ذلك عام 1954 عندما قدم إبراهيم عوض أغنية حبيبي جنني وأغنية أبيت الناس وغيرها من الأغنيات الخفيفة.

الفنان الذري إبراهيم عوض أدخل لأول مرة آلة الأكورديون على يد الموسيقار عبد اللطيف خضر المعروف بود الحاوي والذي شاركه مشواره الفني في منتصف الخمسينات وحتى نهاية الستينات.. وتلك الفترة شهدت ميلاد أغنيات كبار بين ود الحاوي وإبراهيم عوض وكان أبرزها على الإطلاق أغنية “المصير” التي كتبها سيف الدين الدسوقي. وتجدر الإشارة هنا بهذه المُناسبة أنّ إبراهيم عوض كثيراً ما هُوجم على صفحات الصحف السودانية وقالوا وقتها انه حوّل الأغنية السودانية إلى أغنيات جاز لكنه لم يتأثر بما كتب ومضى في طريق التجديد بتشجيع من جمهوره المتزايد.

(3)

اشتهر الفنان حسن عطيه بأنه فنان الصفوة والمجتمع المخملي وقد كان صالونه قبلة للأدباء والمفكرين والسياسيين، ولعل من أبرزهم السيد: محمد احمد المحجوب الذي قدم أبو علي إلى رواد ندوته الخاصة وقد أهدى المحجوب لأبو علي القصيدة الرائعة “فيردالونا”.. وكان يلحن أغانيه بنفسه، سجل للاذاعة حوالي 225 اغنية واكثر أعماله مسجلة بها، يعتبر اول فنان سوداني يقدم عملاً غنائياً سينمائياً فيلم الخرطوم وغنى فيه أغنية الشاعر عبد الرحمن الريح الخرطوم، كان شديد الاعجاب بالفنان المصري محمد عبد الوهاب، كما له علاقات حميدة مع الفنان السعودي محمد عبده، يعتبر اكثر الفنانين أناقة في جيله، وكان ذلك محور سؤال له في حلقة إذاعية من ذي النون بشرى عن سر اناقته، وقد ارجع الفضل الى زوجته ست الجيل التي كانت تختار ملابسه.. ويعتبر حسن عطية اول فنان سوداني يغنى بالتلفزيون المصري لزواج الملك فاروق في الدائرة التلفزيونية التي جلبها الملك من فرنسا لتغطية حفلات زواجه لمدة أسبوع ووجدت اغانيه صدى واسعا من القبول والاستحسان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى