الرئيس حميدتي!

أمراض وأوهام الاستعلاء العرقي الموروثة الكامنة في دواخل كثيرين منا، قد تجعلنا لا نقبل نفسياً ولا نستوعب نظرياً احتمال أن يترأس البلاد أحد أبناء البجا أو النوبة أو الرزيقات أو الأنقسنا أو الحسنات أو المساليت! وكَأنّ هُناك فرمانٌ مُقدّسٌ قال إنّ الرئاسة حصرية على إثنيات بعينها و”خُشُوم بيوت” لا يُعلى عليها!
ما المُشكلة أن يصبح قائد الدعم السالرئيس حميدتي!ريع الفريق أول محمد حمدان دقلو موسى رئيساً لجمهورية السودان؟ دَعك من زُهده وعَدم رَغبته في الرئاسة، ودَعك من شُرُوط وآليات ذلك، ولنتحدّث عن المَبدأ وحَق أيِّ مُواطنٍ سُوداني في ترؤس البلاد وقيادتها.. ما الذي يمنع القائد حميدتي أن يصبح رئيساً لجمهورية السودان؟
الذين يتهامسون في المجالس أنّ حميدتي ليس بسُوداني! ألا يستحون من ترديد تلك الفرية؟ من هو الوصي المُفوّض بتوزيع صكوك المُواطنة على أهل السودان؟ رجل ينحدر من إحدى أشهر وأكبر القبائل العربية في بلادنا، ومن أسرة العمدة دقلو، هل يحق لنا أن ننكر عليه سُودانيته، فقط لأنّنا نختلف معه أو أنّه لا يعجبنا؟
لو كان القياس بالعطاء والفِدَاء لاستحق حميدتي أعلى مراتب الشرف، فهو وطنيٌ قَحٌ، وفارس فرسان لا يُشق له غبارٌ، يقود جيشاً من الصقور والكواسر، وفّقهم الله – عبر عمليات ومعارك طاحنة – إلى تنظيف وتطهير وتأمين أصقاع ومناطق وجيوب فكانت النتائج بياناً بالعمل مما نلمسه ونعيشه ونتنسّم نسماته اليوم.
وعندما اندلعت الغضبة الشبابية وتحركّت طلائع التغيير الوطنية، وفي ثنايا اللفة الحَاسمة بالــذّات، كان لقوات الدعم السريع ولقائدها الفريق أول محمد حمدان ولرفيق دربه وسَاعده الأيمن الفريق عبد الرحيم، كان لهم موقفٌ وطنيٌّ حَكيمٌ وتدخٌّلٌ مُؤثِّرٌ عَظيمٌ وحَاسمٌ في انتصار وحماية الثورة والأرواح والمُمتلكات، موقف ودور لم تتكشّف بعد للناس ملامح وقَسَمات كل من كانوا وراءه ولِمَاذا وكيف، لكن الشاهد أنّ حميدتي كَانَ في مُقدِّمة الصندوق المُلتهب وقتذاك.
لو كانت الرئاسة بالصلابة والإرادة والفراسة والفهم والهِمّة والعطاء لاستحقها حميدتي وزيادة، ولقام إليه الوطنيون وحَملوه عليها حملاً.. إذ أنّ بلادنا في مرحلةٍ تحتاج فيها للأقوياء الأذكياء النجباء، ولا ريب عندي أنّ محمد حمدان أحد أولئك العظام، وإذا كان الرجل قد أبدى زُهده وعدم رغبته وكرّر ذلك، فليس من العدل والأخلاق أن تمنعنا المُماحكات و”المُكاجنات” من إنصافه وإعطائه ورجاله ما يستحقون من تقدير.
إذا كان البعض ينتقد أو يتّهم مَنسوبين لقوات الدعم السريع فلا مُشكلة في المُحاسبة والقصاص، “قُدس” ليست بقوات مُقدّسة وأفرادها ليسوا بمعصومين، وللتقاضي طُرُقه ودُروبه وضوابطه “كلو بالقانون”، ونحسب أنّ مُعظم تلك الاتّهامات مُلفقة أو مُضخّمة، وربّما تكشف الأيام القادمات بعض خباياها وخلاياها.
التّعَافِي الوطني العام الذي نُريده ونَحلم به، وقواعد الحرية والسلام والعدالة تقتضي التّخَلِّي عن هذه المَفاهيم والمَشَاعر الكريهة، وتقتضي القُبُول بالآخر، وتُوجب أن نقول للمُحسن أحسنت وللمُسيئ أسأت، وما أقسى أن تظلم من يحترق لأجلك في الميدان.
خارج الإطار: الحمد لله أنّه تّمّ التوقيع بالأحرف الأولى على الاتّفاق السياسي بين المجلس العسكري و”قحت”.. تلك بُشارة نسأل الله تعالى أن تكتمل بالتّوقيع النهائي والدخول لمرحلة شراكة قوية جَادّة مُثمرةٍ.
مرحبا برسائلكم القصيرة (SMS) على الرقم 0912392489

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى